١٤١ - ١٤٢ النساء وأخرى بالسماع وأن المرادَ بالإعراض إظهارُ المخالفةِ بالقيام عن مجالسهم لا الإعراضُ بالقلب أو بالوجه فقط والضميرُ في معهم للكفرة المدلولِ عليهم بقولِه تعالى يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا
﴿إنكم إذا مّثْلُهُمْ﴾ جملةٌ مستأنفةٌ سيقت لتعليل النهي غيرُ داخلةٍ تحت التنزيلِ وإذن ملغاةٌ عن العمل لوقوعها بين المبتدأ والخبر أي لا تقعدوا معهم في ذلك الوقتِ إنكم إن فعلتموه كنتم مثلَهم في الكفر واستتباعِ العذابِ وإفرادُ المثلِ لأنه كالمصدر أو للاستغناء بالإضافة إلى الجمع وقرئ شاذاً مثلَهم بالفتح لإضافتِه إلى غيرِ متمكنٍ كما في قوله تعالى مّثْلَ ماانكم تَنطِقُونَ وقيلَ هو منصوبٌ على الظرفية أي في مثل حالهم
وقوله تعالى ﴿إِنَّ الله جَامِعُ المنافقين والكافرين فِى جَهَنَّمَ جَمِيعاً﴾ تعليلٌ لكونهم مثلَهم في الكفر ببيان ما يستلزمه من شِرْكتهم لهم في العذاب والمرادُ بالمنافقين إما المخاطَبون وقد وُضع موضِعَ ضميرهم المظهر تسجيلاً بنفاقهم وتعليلاً للحكم بمأخذ الاشتقاقِ وإما الجنسُ وهم داخلون تحته دخولاً أولياً وتقديمُ المنافقين على الكافرين لتشديد الوعيدِ على المخاطبين ونصبُ جميعاً مثلُ ما قبله
﴿الذين يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ﴾ تلوينٌ للخطاب وتوجيهٌ له إلى المؤمنين بتعديد بعضٍ آخرَ من جنايات المنافقين وقبائحِهم وهو إما بدلٌ من الذين يتخذون أو صفةٌ للمنافقين فقط إذ هم المتربصون دون الكافرين أو موفوع أو منصوبٌ على الذمِّ أي ينتظرون أمرَكم وما يحدُث لكم من ظفَر أو إخفاقٍ والفاء في قوله تعالى
﴿فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ الله﴾ لترتيب مضمونِه على ما قبلها فإن حكايةَ تربُّصِهم مستتبعة لحاية ما يقع بعد ذلك كما أن نفس التربُّص يستدعي شيئاً ينتظر المتربَّصُ وقوعَه
﴿قَالُواْ﴾ أي لكم
﴿أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ﴾ أي مُظاهرين لكم فأسهموا لنا في الغنيمة
﴿وَإِن كَانَ للكافرين نَصِيبٌ﴾ من الحرب فإنها سِجالٌ
﴿قَالُواْ﴾ أي للكفرة
﴿أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ﴾ أي ألم نغلِبْكم ونتمكنْ من قتالكم وأسرِكم فأبقَينا عليكم
﴿وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ المؤمنين﴾ بأن ثبّطناهم عنكم وخيّلنا لهم ما ضَعُفَت به قلوبُهم ومرِضوا في قتالكم وتوانَينا في مظاهرتهم وإلا لكنتم نُهبةً للنوائب فهاتوا نصيباً لنا مما أصبتم وتسميةُ ظفرِ المسلمين فتحاً وما للكافرين نصيباً لتعظيم شأنِ المسلمين وتخسيس حظ الكافرين وقرئ ونمنعَكم بإضمار أن
﴿فالله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القيامة﴾ حكماً يليق بشأن كلَ منكم من الثواب والعقاب وأما في الدنيا فقد أُجريَ على من تفوه بكلمة الإسلام حُكمُه ولم يضع السيفَ على من تكلم بها نفاقاً
﴿وَلَن يَجْعَلَ الله للكافرين عَلَى المؤمنين سَبِيلاً﴾ حينئذ كما قد يجعل ذلك في الدنيا بطريق الابتلاءِ والاستدراجِ أو في الدنيا على أن المرادَ بالسبيل الحجة
﴿إِنَّ المنافقين يخادعون الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ كلام مبتدأٌ سيق لبيان طرف


الصفحة التالية
Icon