أي إلا جهرَ مَن ظُلم بأن يدعُوَ على ظالمه أو يَتظلَّمَ منه ويذكرَه بما فيه من السوء فإن ذلك غيرُ مسخوط عنده سبحانه وقيل هو أن يبدأ بالشتيمة فيردَّ على الشاتم وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ الآية وقيل ضاف رجلا قوماً فلم يُطعِموه فاشتكاهم فعوتب على الشكاية فنزلت وقرئ إلا من ظَلَم على البناء للفاعل فالاستثناءُ منقطِعٌ أي ولكنِ الظالمُ يرتكب مالا يُحبه الله تعالى فيجهر بالسوء
﴿وَكَانَ الله سَمِيعاً﴾ لجميع المسوعات فيندرجُ فيها كلامُ المظلومِ والظالم
﴿عَلِيماً﴾ بجميعِ المعلوماتِ التي مِنْ جملتها حالُ المظلومِ والظالم فالجملةُ تذييلٌ مقرِّرٌ لما يفيده الاستثناء
﴿إِن تُبْدُواْ خَيْراً﴾ أيَّ خير كان من القوال والأفعالِ
﴿أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوء﴾ مع ما سُوِّغ لكم من مؤاخذة المسئ والتنصيص عليه مع اندراجه في إبداء الخيرِ وإخفائه لما أنه الحقيقُ بالبيان وإنما ذُكر إبداءُ الخير وإخفاؤه بطريق التسبيب له كما ينبئ عنه قولُه عزَّ وجلَّ
﴿فَإِنَّ الله كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً﴾ فإن إيرادَه في معرِض جوابِ الشرطِ يدل على أن العُمدة هو العفوُ مع القدرة أي كان مبالِغاً في العفو مع كمال قدرتِه على المؤاخذة وقال الحسن يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام فعليكم أن تقتدوا بسُنة الله تعالى وقال الكلبي هو أقدر على عفو ذنوبِكم منكم على عفو ذنوبِ مَنْ ظلمكم وقيل عفُوّاً عمن عفا قديراً على إيصال الثوابِ إليه
﴿إِنَّ الذين يَكْفُرُونَ بالله وَرُسُلِهِ﴾ أي يؤدِّي إليه مذهبهم ويقتضيه رأيهم لاانهم يصرحون بذلك كما ينبئ عنه قولُه تعالى
﴿وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرّقُواْ بَيْنَ الله وَرُسُلِهِ﴾ أي بأن يؤمنوا به تعالى ويكفُروا بهم لكن لا بأن يصرِّحوا بالإيمان به تعالى وبالكفر بهم قاطبةً بل بطريق الاستلزامِ كما يحكيه قوله تعالى
﴿وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾ أي نؤمن ببعض الأنبياءِ ونكفُر ببعضهم كما قالت اليهود نؤمن بموسى والتوراةِ وعزيرٍ ونكفر بما وراء ذلك وما ذاك إلا كفرٌ بالله تعالى ورسُلِه وتفريقٌ بين الله تعالى ورسُله في الإيمان لأنه تعالى قد أمرهم بالإيمان بجميع الأنبياءِ عليهم السلام وما من نبيَ من الأنبياء إلا وقد أخبر قومَه بحقية دين نبينا محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم وعليهم أجعين فمن كفر بواحد منهم فقد كفر بالكل وبالله تعالى أيضاً من حيث لايحتسب
﴿وَيُرِيدُونَ﴾ بقولهم ذلك
﴿أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلك﴾ أي بين الإيمان والكفرِ
﴿سَبِيلاً﴾ يسلُكونه مع أنه لا واسطةَ بينهما قطعاً إذِ الحق لا يختلف وماذا بعد الحقِّ إلا الضلال
﴿أولئك﴾ الموصوفون بالصفات القبيحةِ
﴿هُمُ الكافرون﴾ الكاملون في الكفر لا عبرة بمايدعونه ويسمونه إيماناً أصلاً
﴿حَقّاً﴾ مصدرٌ مؤكدٌ لمضمون الجملةِ أي حَقَّ ذلك أي كونُهم كاملين في الكفر حقاً أو صفةٌ لمصدر الكافرين أي هم الذين كفروا حقا أى


الصفحة التالية
Icon