الأنعام آية ١٥٣ ١٥٤
دخولا أوليا أو منا عاهدتم الله عليه من الإيمان والنذور وتقديمُه للاعتناء بشأنه ﴿ذلكم﴾ إشارةٌ إلى ما فُصِّل من التكاليف ومعنى البُعد لما ذكر فيما قبل ﴿وصاكم بِهِ﴾ أمركم به أمراً مؤكداً ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ تتذكرون ما في نضاعيفه وتعلمون بمقتضاه وقرىء بمقتضاه وقرىء بتشديد الذالِ وهذه أحكامٌ عشَرةٌ لا تختلف باختلاف الأممِ والأعصار عن ابن عباس رضي الله عنهما هذه آياتٌ محكماتٌ لم ينسَخْهن شيء من جميع الكتُب وهن محرماتٌ على بني آدم كلِّهم وهن أمُّ الكتابِ من عمِل بهن دخلَ الجنة ومن تركهن دخلَ النار وعن كعب الأحبارِ والذي نفسُ كعبٍ بيده إن هذه الآياتِ لأولُ شيءٍ في التوراة بسم الله الرحمن الرحيم قل تعالَوا الآيات
﴿وَأَنَّ هذا صراطي﴾ إشارةٌ إلى ما ذكر في الآيتين من الأمر والنهي قاله مقاتل وقيل إلى ما ذكر في السورة فإنها بأسرها في إثبات التوحيدِ والنبوة وبيانِ الشريعة وقرىء صراطيَ بفتح الياء ومعنى إضافتِه إلى ضميره ﷺ انتسابه إليه ﷺ من حيث السلوكُ لا من حيث الوضعُ كما في صراط اللهوالمراد بيان أن ما فضل من الأوامر والنواهي غيرُ مختصةٍ بالمتلو عليهم بل متعلقة به ﷺ أيضا وأنه ﷺ مستمرٌّ على العمل بها ومراعاتِها وقوله تعالى ﴿مُّسْتَقِيماً﴾ حالٌ مؤكدةٌ ومحل أن مع ما في حيزها بحذف لام العلة أي ولأن هذا صراطي أي مسلكي مستقيماً ﴿فاتبعوه﴾ كقوله تعالى وَأَنَّ المساجدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ الله أَحَداً وتعليلُ إتباعِه بكونه صراطه ﷺ لا بكونه صراطَ الله تعالى مع أنه في نفسه كذلك من حيث أن سلوكه ﷺ فيه داعٍ للخلق إلى الاتّباع إذ بذلك يتضح عندهم كونُه صراطَ الله عزَّ وجلَّ وقُرىء بكسر الهمزة على الاستئناف وقرىء أنْ هذا مخففةً من أنّ على أن اسمَها الذي هو ضميرُ الشأنِ محذوفٌ وقرىء سراطي وقرىء هذا صراطي وقرىء هذا صراطُ ربِّكم وهذا صراطُ ربِّك ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل﴾ الأديانَ المختلفةَ أو طرقَ البدع والضلالات ﴿فَتَفَرَّقَ بِكُمْ﴾ بحذف إحدى التاءين والباء للتعدية أي فتفرِّقَكم حسَبَ تفرُّقِها أياديَ سبا فهو كما ترى أبلغُ من تفرقكم كما قيل من أن ذهَبَ به لما فيه من الدلالة على الاستصحاب أبلغُ من أذهبه ﴿عَن سَبِيلِهِ﴾ أي سبيل الله الذي لا عِوَجَ فيهِ ولا حرج وهو دين الإسلام الذي ذُكر بعضُ أحكامه وقيل هو اتباعُ الوحي واقتفاءُ البرهان وفيه تنبيه على أن صراطه ﷺ عينُ سبيل الله تعالى ﴿ذلكم﴾ غشارة إلى ما مرَّ من اتباع سبيلِه تعالى وتركِ اتباعِ سائر السبل ﴿وصاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ اتباعَ سبُلِ الكفر والضلالة
﴿ثم آتينا مُوسَى الكتاب﴾ كلامٌ مسوقٌ من جهتِه تعالى تقريراً للوصية وتحقيقاً لها وتمهيداً لما يعقُبه منْ ذكر إنزال القرآنِ المجيد كما ينبىء عنه تغيرر الأسلوب بالالتفات إلى التكلم معطوفٌ على مقدر يقتضيه المقامُ ويستدعيهِ النظامُ كأنَّه قيل بعد قوله تعالى ذلكم


الصفحة التالية
Icon