الأعراف آية ١٩٩ ٢٠١
لكل من يواجهها وقيل ضميرُ الفاعل في تراهم لرسول الله ﷺ وضميرُ المفعولِ على حاله وقيل للمشركين على أن التعليلَ قد تمَّ عند قولِه تعالى لاَ يَسْمَعُواْ أي وترى المشركين ينظُرون إليك والحال أنهم لا يبصِرونك كما أنت عليه وعن الحسن أن الخكاب في قوله تعالى وأن تَدْعُواْ للمؤمنين على أن التعليلَ قد تمَّ عند قولِه تعالى يُنصَرُونَ أي وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى الإسلام لا يلتفتوا إليكم ثم خوطب ﷺ بطريق التجريدِ بأنك تراهم ينظرون إليك والحال أنهم لا يُبصرونك حقَّ الإبصار تنبيهاً على أن ما فيه ﷺ من شواهد النبوةِ ودلائلِ الرسالةِ من الجلاءِ بحيث لا يكاد بخفى على الناظرين
﴿خُذِ العفو﴾ بعدَ ما عُدّ من أباطيلِ المشركين وقبائحِهم ما لا يطاق تحمله أمر ﷺ بمجامع مكارمِ الأخلاق التي من جملتها الإغضاءُ عنهم أي خذ ما هفا لك من أفعا الناسِ وتسهل ولا تكلِّفْهم ما يشُقُّ عليهم من العفو الذي هو ضدُّ الجَهدِ أو خذ العفوَ من المذنبين أو الفضلَ من صدقاتهم وذلك قبل وجوبِ الزكاة ﴿وَأْمُرْ بالعرف﴾ بالجميل المستحسَن من الأفعال فإنها قريبةٌ من قَبول الناس من غير نكير ﴿وَأَعْرِض عَنِ الجاهلين﴾ من غير مماراةٍ ولا مكافأة قيل لما نزلت سأل رسول الله ﷺ جبريلُ عليه السَّلامُ فقال لا أدري حتى أسأل ثم رجع فقال يا محمدُ إن ربك أمرك أن تصِل مَنْ قطعك وتعطيَ من حَرَمك وتعفُوَ عمّن ظلمك وعن جعفرٍ الصادقِ أمر الله تعالى نبيَّه بمكارم الأخلاق وروي أنه لما نزلت الآيةُ الكريمة قال ﷺ كيف يا ربّ والغضبُ متحقق فنزل قوله تعالى
﴿وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نزغ﴾ النزغ والنسع والنخْسُ الغرزُ شُبّهت وسوستُه للناس وإغراؤه لهم على المعاصي بغَرْز السائق لما يسوقه وإسنادُه إلى النزغ من قَبيل جَدّ جِدُّه أي وإما يحمِلنّك من جهته وسوسةٌ ما على خلاف ما أُمرت به من اعتراء غضبٍ أو نحوه ﴿فاستعذ بالله﴾ فالتجِىءْ إليه تعالى من شره ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ﴾ يسمع استعاذتَك به قولاً ﴿عَلِيمٌ﴾ يعلم تضرُّعَك إليه قلباً في ضمن القولِ أو بدونه فيعصمُك من شره وقد جُوِّز أن يرادَ بنزغ االشيطان اعتراءُ الغضبِ على نهج الاستعارة كما في قول الصدِّيقِ رضيَ الله عنه إن لي شيطاناً يعتريني ففيه زيادةُ تنفيرٍ عنه وفرطُ تحذيرٍ عن العمل بموجبه وفي الأمر بالاستعاذة بالله تعالى تهويلٌ لأمره وتنبيهٌ على أنه من الغوائل الصعبةِ التي لا يُتخَلّص من مَضَرَّتها إلا بالتجاء إلى حرم عصمته عز وجل وقيل يعلمُ ما فيه صلاحُ أمرِك فيحملك عليه أو سميعٌ بأقوال مَنْ آذاك عليمٌ بأفعاله فيجازيه عليها
﴿إِنَّ الذين اتقوا﴾ استئنافٌ مقرِّرٌ لما قبله إِنَّ ما أمر به ﷺ من الاستعاذة بالله تعالى سنةٌ مسلوكةٌ للمتقين والإخلالُ بها ديدنُ الغاوين أي إن الذين اتصفوا بوقاية أنفسِهم عما يضُرّها ﴿إِذَا مسهم طائف مّنَ الشيطان﴾ أدنى لمّةٍ منه على أن تنوينَه للتحقير وهو اسمُ فاعلِ من طاف يطوف