وبالَه يصيب الظالمَ خاصةً ويعود عليه ومِنْ في منكم على الوجوه الأُوَلِ للتبعيض وعلى الآخيرين للتبيين وفائدتُه التنبيهُ على أن الظالم منكم أقبحُ منه من غيركم
﴿واعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب﴾ ولذلك يصيب بالعذاب من لم يباشِرْ سببه
سورة الأنفال من الآيات (٢٦ ٢٧)
﴿واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ﴾ أي وقتَ كونِكم قليلاً في العدد وإيثارُ الجملةِ الاسمية للإيذان باستمرار ما كانُوا فيه من القلة وما يتبعها من الضعف والخوف وقوله تعالى
﴿مُّسْتَضْعَفُونَ﴾ خبرٌ ثانٍ أو صفةٌ لقليل وقوله تعالى
﴿فِى الأرض﴾ أي في أرض مكةَ تحت أيدى قريشٍ والخطابُ للمهاجرين أو تحت أيدي فارسَ والرومَ والخطاب للعَرَب كافةً فإنهم كانوا أذلاء تحت أيدي الطائفتين وقوله تعالى
﴿تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس﴾ خبرٌ ثالثٌ أو صفةٌ ثانية لقليلٌ وُصِفَ بالجملة بعد ما وصف بالمُفرد أو حالٌ من المستكنِّ في مستضعفون والمرادُ بالناس على الأول وهو الأظهرُ إما كفارُ قريشٍ وإما كفارُ العرب لقربهم منهم وشدة عدواتهم لهم وعلى الثاني فارس والروم أي واذكروا وقت قِلتِكم وذِلتكم وهَوانِكم على الناس وخوفِكم من اختطافهم
﴿فَآوَاكُمْ﴾ إلى المدينة أو جعل لكم مأوى تتحصنون به من أعدائكم
﴿وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ﴾ على الكفار أو بمظاهرة الأنصار أو بإمداد الملائكة
﴿وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات﴾ من الغنائم
﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ هذه النعم الجليلة
﴿يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ الله والرسول﴾ أصلُ الخَوْنِ النقصُ كما أن الأصل الوفاءِ التمام واستعمالهُ في ضد الأمانة لتضمنه إياه أي لا تخونوهما بتعطيل الفرائضِ والسنن أو بأن تُضمِروا خلافَ ما تظهرون أو في الغلول في الغنائم روى أنه ﷺ حاصَر بني قُريظةَ إحدى وعشرين ليلةً فسألوا الصُّلْحَ كما صالح بني النضيرِ على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذرِعاتٍ وأريحاءَ من الشام فأبى إلا أن ينزِلوا عَلى حُكم سُعد بن معاذٍ رضيَ الله عنِهُ فأبوا وقالوا أرسل إلينا أبا لُبابةَ وكان مناصِحاً لهم لِما أن ماله وعيالَه كانا في أيديهم فبعثه إليهم فقالوا ما ترى هل ننزل على حُكم سعدٍ فأشار إلى حلقه إنه الذبحُ قال أبو لبابة فما زالت قدماي حتى علمت أني خُنتُ الله ورسولَه فنزلت فشد نفسَه على سارية من سواري المسجدِ وقال والله لا أذوقُ طعاماً ولا شراباً حتى أموتَ أو يتوبَ الله عليّ فمكث سبعةَ أيامٍ حتى خرَّ مغشياً عليه ثم تاب الله عليه فقيل له قد تيبَ عليك فحُلَّ نفسَك قال لا والله لا أحُلّها حتى يكونَ رسولُ الله ﷺ هو الذي يحُلّني فجاءه ﷺ محله فقال إن من تمام توبتي أن أهجُرَ دارَ قومي التي أصبتُ فيها الذنبَ وأن أنخلِع من مالي فقال ﷺ بحزئك الثلثُ أن تتصدقَ به
﴿وَتَخُونُواْ أماناتكم﴾ فيما بينكم وهو مجزومٌ معطوفٌ على الأول أو منصوبٌ على الجواب بالواو
﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon