في الشرائط ﴿لّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً﴾ كُرر لاختلاف الفعل المعلَّلِ به أو لأن المرادَ بالأمر ثَمةَ الالتقاءُ على الوجه المذكور وههنا إعزازُ الإسلام وأهلِه وإذلالُ الكفر وحِزبه
﴿وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور﴾ كلُّها يصرِفها كيفما يريد لأراد لأمره ولا معقِّبَ لحُكمه وهو الحكيم المجيد
سورة الأنفال من الآيات (٤٥ ٤٧)
﴿يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ﴾ صدر الخطاب بحر في النداء والتنبيه إظهاراً لكمال الاعتناءِ بمضمون ما بعده
﴿إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً﴾ أي حاربتم جماعةً من الكفرة وإنما لم يوصَفوا بالكفر لظهور أن المؤمنين لا يحارِبون إلا الكفَرة واللقاءُ مما غلبَ في القتال
﴿فاثبتوا﴾ أي للقائهم في مواطن الحربِ
﴿واذكروا الله كَثِيراً﴾ أي في تضاعيف القتال مستمدين منه مستعينين به مستظهِرين بذكره مترقّبين لنصره
﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ أي تفوزون بمرامكم وتظفَرون بمُرادكم من النُّصرة والمَثوبةِ وفيه تنبيهٌ على أن العبدَ ينبغي أن لا يشغَلَه شيءٌ عن ذكرِ الله تعالى وأن يلتجيء إليه عند الشدائد ويُقبلَ إليه بكليته فارغَ البال واثقاً بأن لطفَه لا ينفكُّ عنه فِى حالٍ من الأحوالِ
﴿وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ﴾ في كل ما تأتون وما تذرون فيندرج فيه ما أمروا به ههنا اندراجاً أولياً
﴿وَلاَ تنازعوا﴾ باختلاف الآراءِ كما فعلتم ببدر أو أحُد
﴿فَتَفْشَلُواْ﴾ جوابٌ للنهي وقيل عطفٌ عليه
﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ بالنصب عطفٌ على جواب النهي وقرئ بالجزم على تقدير عطفِ فتفشلوا على النهي أي تذهبَ دولتُكم وشَوْكتُكم فإنها مستعارةٌ للدولة من حيث إنها في تمشّي أمرِها ونفاذِه مشبهةٌ بها في هُبوبها وجَرَيانها وقيل المرادُ بها الحقيقةُ فإن النُصرةَ لا تكون إلا بريح يبعثها الله تعالى وفي الحديث نصرت بالصبا وأهلكت عادٌ بالدَّبور
﴿واصبروا﴾ على شدائد الحرب
﴿إِنَّ الله مَعَ الصابرين﴾ بالنُصرة والكَلاءة وما يفهم من كلمة مع من أصالتهم إنما هي من حيث إنهم المباشرون للصبر فهم متّبعون من تلك الحيثية ومعيَّتُه تعالى إنما هي من حيث الإمدادُ والإعانة
﴿وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن ديارهم﴾ بعد ما أُمروا بَما أُمروا به من أحاسن الأعمالِ ونُهوا عما يقابلها من قبائحها والمرادُ بهم أهلُ مكةَ حين خرجوا لحماية العِير
﴿بَطَراً﴾ أي فخراً وأشَراً
﴿ورئاء الناس﴾ ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة وذلك أنهم لما بلغوا جَحفةَ أتاهم رسولُ أبي سفيان وقال ارجِعوا فقد سلِمت عِيرُكم فأبَوا إلا إظهارَ آثارِ الجلادة فلقُوا ما لقوا حسبما ذُكر في أوائل السورةِ الكريمة فنُهي المؤمنون أن يكونوا أمثالَهم مرائين بطِرين وأُمروا بالتقوى والإخلاص من حيث إن النهيَ عن الشيء مستلِزمٌ للأمر بضده
﴿وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله﴾ عطفٌ على


الصفحة التالية
Icon