سورة الأنفال من الآيات (٧١ ٧٢) وقرئ من الأُسارى
﴿إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً﴾ خلوصَ إيمانٍ وصحةَ نيةٍ
﴿يُؤْتِكُمْ خَيْراً مّمَّا أُخِذَ منكم﴾ من الفداء وقرئ أخَذَ على البناء للفاعل
رُوِيَ أنَّها نزلتْ في العباس كلفه رسولُ الله ﷺ أن يَفدِيَ ابني أخيه عَقيلَ بن أبي طالب ونوفل بن الحرث فقال يا محمد تركتَني أتكفف قريشاً ما بقِيتُ فقال له ﷺ فأين الذهبُ الذي دفعتَه إلى أم الفضلِ وقت خروجِك من مكة وقلت لها ما أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدثٌ فهو لك ولعبد اللَّه وعبيد اللَّه والفضلِ فقال العباس ما يدريك فقال أخبرني به ربي قال العباس فأنا أشهد أنك صادقٌ وأن لا إله إلا الله وأنك عبدُه ورسوله والله لم يطلعْ عليه أحدٌ إلا الله ولقد دفعتُه إليها في سواد الليل ولقد كنت مرتاباً في أمرك فأما إذا أخبرتني بذلك فلا ريب قال العباس بعد حين فأبدلني الله خيراً من ذلك لي الآن عشرون عبداً وإنّ أدناهم ليُضرب في عشرين ألفاً وأعطاني زمزمَ ما أُحب أن لي بها جميعَ أموالِ أهل مكة وأنا أنتظر المغفرةَ من ربي يتأول به ما في قوله تعالى
﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ فإنه وعد بالمغفر مؤكدٌ بما بعده من الاعتراض التذييلي
﴿وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ﴾ أي نكثَ ما بايعوك عليه من الإسلام وهذا كلامٌ مسوقٌ من جهتِه تعالى لتسليته ﷺ بطريق الوعدِ له والوعيد لهم
﴿فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ﴾ بكفرهم ونقضِ ما أخذ على كل عاقلٍ من ميثاقه
﴿فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ﴾ أي أقدرَك عليهم حسبما رأيتَ يومَ بدر فإن أعادوا الخيانةَ فاعلم أنه سيُمكنك منهم أيضاً وقيل المرادُ بالخيانة منعُ ما ضمِنوا من الفداء وهو بعيد
﴿والله عَلِيمٌ﴾ فيعلم ما في نياتهم وما يستحقونه من العقاب
﴿حكيم﴾ يفعل كل يفعله حسبما تقتضيه حكمتُه البالغة
﴿إن الذين آمنوا وَهَاجَرُواْ﴾ هم المهاجرون هاجروا أوطانَهم حباً لله تعالى ولرسوله
﴿وجاهدوا بأموالهم﴾ بأن صرفوها إلى الكُراع والسلاح وأنفقوها على المحاويج
﴿وَأَنفُسِهِمْ﴾ بمباشرة القتال واقتحامِ المعارك والخوضِ في المهالك
﴿فِى سَبِيلِ الله﴾ متعلقٌ بجاهدوا قيدٌ لنوعي الجهادِ ولعل تقديمَ الأموال على الأنفس لما أن المجاهدةَ بالأموال أكثرُ وقوعاً وأتمُّ دفعاً للحاجة حيث لا يُتصور المجاهدةُ بالنفس بلا مجاهدة بالمال
﴿والذين آووا وَّنَصَرُواْ﴾ هم الأنصارُ آوَوا المهاجرين وأنزلوهم منازلَهم وبذلوا إليهم أموالَهم وآثروهم على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة ونصروهم على أعدائهم
﴿أولئك﴾ إشارةٌ إلى الموصوفينَ بما ذُكِرَ من النعوتِ الفاضلة وما فيه من معنى البُعدِ للإيذانِ بعلوِّ طبقتِهم وبعد منزلتهم في الفضيلة وهو مبتدأُ وقولُه تعالى
﴿بَعْضُهُمْ﴾ إما بدلٌ منه وقوله تعالى
﴿أَوْلِيَاء بعض﴾ خبره