المفعول الصريح عن الظرف لأن المرادَ الإخبارُ بأنه عليه الصلاة والسلام أوجس من جهتهم شيئاً هو الخيفةُ لا أنه أوجس الخِيفةَ من جهتِهِم لا من جهة غيرِهم وتحقيقُه أن تأخيرَ ما حقُّه التقديمُ يوجب ترقب النفسِ إليه فيتمكن عند ورودِه عليها فضلُ تمكن
﴿قَالُواْ لاَ تَخَفْ﴾ ما قالوه بمجرد ما رأوا منه مخايلَ الخوفِ إزالةً له منه بل بعد إظهاره عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ له قال تعالى في سورة الحِجر قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ولم يُذكر ذلك ههنا اكتفاءً بذلك
﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا﴾ ظاهرُه أنه استئنافٌ في معنى التعليلِ للنهي المذكورِ كما أن قوله تعالى إِنَّا نُبَشّرُكَ تعليلٌ لذلك فإن إرسالَهم إلى قوم آخرين يوجب أمنَهم من الخوف أي أُرسلنا بالعذاب
﴿إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ خاصةً إلا أنه ليس كذلك فإن قوله تعالى قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ صريحٌ في أنهم قالوه جواباً عن سؤاله عليه الصلاةُ والسلامُ وقد أُوجز الكلامُ اكتفاء بذلك
سورة هود (٧١ ٧٢)
﴿وامرأته قَائِمَةٌ﴾ وراءَ الستر بحيث تسمع محاورتَهم أو على رءوسهم للخدمة حسبما هو المعتادُ والجملةُ حالٌ من ضمير قالوا أي قالوه وهي قائمةٌ تسمع مقالتَهم
﴿فَضَحِكَتْ﴾ سروراً بزوال الخوفِ أو بهلاك أهلِ الفساد أو بهما جميعاً وقيل بوقوع الأمرِ حسبما كانت تقولُ فيما سلف فإنها كانت تقولُ لإبراهيمَ اضمُمْ إليك لوطاً فإني أرى أن العذاب نازلا بهؤلاء القوم وقيل ضحكت حاضَتْ ومنه ضحِكت الشجرةُ إذا سال صمغُها وهو بعيد وقرىء بفتح الحاء
﴿فبشرناها بإسحاق﴾ أي عقّبنا سرورَها بسرور أتمَّ منه على ألسنة رسلِنا
﴿وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ﴾ بالنصب على أنه مفعولٌ لما دلَّ عليه قولُه بشرناها أي ووهبنا لها من وراء إسحق يعقوبَ وقُرِىءَ بالرفعِ على الابتداءِ خبرُه الظرف أي من بعد إسحق يعقوبُ مولودٌ أو موجودٌ وكلا الاسمين داخلٌ في البشارة كيحي أو واقعٌ في الحكاية بعد أن وُلدا فسمِّيا بذلك وتوجيه البشارة ههنا إليها مع أن الأصلَ في ذلك إبراهيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وقد وُجِّهت إليه حيث قيل وبشرناه بغلام حليم وبشرناه بغلام عَلَيمٍ للإيذان بأن ما بُشّر به يكون منهما ولكونها عقيمةً حريصةً على الولد
﴿قَالَتْ﴾ استئنافٌ وردَ جواباً عن سؤالٍ مَنْ سأل وقال فما فعلت إذ بُشِّرت بذلك فقيل قالت
﴿يا ويلتى﴾ أصلُ الويلِ الخزيُ ثم شاع في كل أمرٍ فظيع والألفُ مُبْدلةٌ من ياء الإضافةِ كما في يا لهفا ويا عجَبا وقرأ الحسن على الأصل وأمالها أبو عمرو وعاصمٌ في رواية ومعناه يا ويلتي احضُري فهذا أو أن حضورِك وقيل هي ألفُ النُّدبةِ ويوقف عليها بهاء السكت
﴿أألد وَأَنَاْ عَجُوزٌ﴾ بنتُ تسعين أو تسعٍ وتسعين سنةً
﴿وهذا﴾ الذي تشاهدونه
﴿بَعْلِى﴾ أي زوجي وأصلُ البعلِ القائمُ بالأمر
﴿شَيْخًا﴾ وكان ابن مائة وعشرين سنة ونصبُه على الحال والعاملُ معنى الإشارةِ وقُرىء بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوفٍ أي هو شيخٌ أو خبر بعد خبر أو هو الخبرُ وبعلي بدلٌ من اسمِ الإشارةِ أو بيانٌ له وكلتا الجملتين وقعت حالاً من الضمير في أألد لتقرير ما فيه من الاستبعاد وتعليلِه أي أألد وكلانا على حالة منافيةٍ لذلك وإنما قُدّمت بيانُ