قط
﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ أي ضاق بمكانهم صدرُه أو قلبُه أو وسعُه وطاقتُه وهو كنايةٌ عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروهِ والاحتيال فيه وقيل ضاقت نفسُه عن هذا الحادثِ وذِكرُ الذرعِ مثلٌ وهو المساحة وكأنه قدْرُ البدنِ مجازاً أي إن بدنَه ضاق قدرُه من احتمال ما وقع وقيل الذراعُ اسمٌ للجارحة من المِرْفق إلى الأنامل والذرْعُ مدُّها ومعنى ضيقِ الذرع في قوله تعالى ضاق بِهِمْ ذَرْعًا قصرُها كما أن معنى سعتِها وبسطتها طولُها ووجهُ التمثيلِ بذلك أن القصيرَ الذراعِ إذا مدها ليتناول ما يتناول الطويلُ الذراعِ تقاصر عنه وعجِز عن تعاطيه فضُرب مثلاً للذي قصُرت طاقتُه دون بلوغِ الأمر
﴿وَقَالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ شديدٌ من عصَبه إذا شدّه
سورة هود (٧٨ ٨٠)
﴿وَجَاءهُ﴾ أي لوطاً وهو في بيته مع أضيافه
﴿قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ﴾ أي يسرعون كأنما يُدفعون دفعاً لطلب الفاحشة من أضيافه والجملةُ حالٌ من قومه وكذا قوله تعالى
﴿وَمِن قبل﴾ أي من قبل هذا الوقت
﴿كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات﴾ أي جاءوا مسرعين والحال أنهم كانوا منهمكين في عمل السيئات فضَرُوا بها وتمرّنوا فيها حتى لم يبقَ عندهم قبحتها ولذلك لم يستحيُوا مما فعلوا من مجيئهم مهرِعين مجاهرين
﴿قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ فتزوّجُوهن وكانوا يطلُبونهن من قبلُ ولا يُجيبهم لخبثهم وعدمِ كفاءتِهم لا لعدم مشروعيتِه فإن تزويجَ المسلماتِ من الكفار كان جائزاً وقد زوج النبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلم ابنتيه من عُتبةَ بنِ أبي لهبٍ وأبي العاص بنِ الربيع قبل الوحي وهما كافران وقيل كان لهم سيدان مطاعان فأراد أن يزوجَهما ابنتيه وأيا ما كان فقد أراد به وقايةَ ضيفِه وذلك غايةُ الكرم وقيل ما كان ذلك القولُ منه مُجرًى على الحقيقة من إرادة النكاحِ بل كان ذلك مبالغةً في التواضع لهم وإظهاراً لشدة امتعاضِه مما أوردوا عليه طمعاً في أن يستحيوا منه ويرِقّوا له إذا سمعوا ذلك فينزجروا عما أقدموا عليه مع ظهور الأمر واستقرارِ العلم عنده وعندهم جميعا بأن لا مناكحةَ بينهم وهو الأنسبُ بقولهم لقد علمت ما لنا في بناتك من حق كما ستقف عليه
﴿فاتقوا الله﴾ بترك الفواحش أو بإيثارهن عليهم
﴿وَلاَ تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى﴾ أي لا تفضحوني في شأنهم فإن إخزاءَ ضيفِ الرجل وجارِه إخزاءٌ له أو لا تخجلوني من الخَزاية وهي الحياء
﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ يهتدي إلى الحق الصريح ويرعوي عن الباطل القبيح
﴿قَالُواْ﴾ معرضين عما نصحهم به من الأمر بتقوى الله والنهي عن إخزائه مجيبين عن أول كلامه
﴿لقد علمت ما لنا في بناتك من حق﴾ مستشهدين بعلمه بذلك يعنون إنك قد علمت أن لا سبيلَ إلى المناكحة بيننا وبينك وما عرْضُك إلا عرضٌ سابرِيّ ولا مطمعَ لنا في ذلك
﴿وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ من إتيان الذُكرانِ ولما يئس عليه السلام من ارعوائهم عمَّا هُم عليهِ من الغي
﴿قالَ لو أنَّ لي بِكُمْ قُوَّةً﴾