تفسير سورة الكوثر

تفسير مقاتل بن سليمان

تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب تفسير مقاتل بن سليمان
لمؤلفه مقاتل بن سليمان . المتوفي سنة 150 هـ
سورة الكوثر
مكية، عددها ثلاث آيات كوفي.

﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ ﴾ [آية: ١] لأنه أكثر أنهار الجنة خيراً، وذلك النهر عجاج يطرد مثل السهم طينه المسك الآذفر، ورضراضه الياقوت، والزبرجد، واللؤلؤ، أشد بياضاً من الثلج وألين من الزبد، وأحلى من العسل، حافتاه قباب الدر المجوف، كل قبة طولها فرسخ في فرسخ، وعرضها فرسخ في فرسخ، عليها أربعة آلاف مصراع من ذهب، في كل قبة زوجة من الحور العين، لها سبعون خادماً، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم: " يا جبريل، ما هذه الخيام "؟ قال جبريل، عليه السلام: هذه مساكن أزواجك في الجنة، يتفجر من الكوثر أربعة أنهار لأهل الجنان التى ذكر الله عز وجل في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: الماء، والحمر، واللبن، والعسل. ثم قال: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾ يعني الصلوات الخمس ﴿ وَٱنْحَرْ ﴾ [آية: ٢] البدن يوم النحر، فإن المشركين لا يصلون ولا يذبحون لله عز وجل ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ ﴾ [آية: ٣] وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الحرام من باب بني سهم بن عمرو ابن هصيص، وأناس من قريش جلوس في المسجد، فمضى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجلس حتى خرج من باب الصفا، فنظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج ولم يروه حين دخل، ولم يعرفوه، فتلقاه العاص بن وائل السهمي بن هشام بن سعد بن سهم على باب الصفا، وهو يدخل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد توفى ابنه عبدالله، وكان الرجل إذا مات ولم يكن له من بعده ابن يرثه، سمى الأبتر، فلما انتهى العاص إلى المقام، قالوا: من الذي تلقاك؟ قال: الأبتر. فنزلت: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ ﴾ يعني أن مبغضك هو الأبتر، يعني العاص بن وائل السهمي، هو الذي أبتر من الخير، وأنت يا محمد ستذكر معى إذا ذكرت فرفع الله عز وجل له ذكره في الناس عامة، فيذكر النبي صلى الله عليه وسلم في كل عيد للمسلمين في صلواتهم، وفي الآذن، والإقامة، وفي كل موطن حتى خطبة النساء الكلام، وفي الحاجات.
سورة الكوثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكَوْثر) من السُّوَر المكية، وهي أقصَرُ سورة في القرآن الكريم، نزلت بشارةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وردًّا على مشركي قُرَيش عندما اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه منبتِرُ الذِّكْرِ؛ لأنه لا يعيش له ولدٌ ذكَرٌ، والحقُّ أن الذِّكْرَ له صلى الله عليه وسلم وهم المبتورون، و(الكَوْثر): اسمٌ لنهر في الجنة، تَرِدُ عليه أمةُ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ على هذا العطاءِ بالعبادة.

ترتيبها المصحفي
108
نوعها
مكية
ألفاظها
10
ترتيب نزولها
15
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرَفِ مكَّةَ، أتَوْهُ، فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ، وأنت سيِّدُ أهلِ يَثْرِبَ؛ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيبِيرُ المُنبتِرُ مِن قومِه، يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟! فقال: أنتم خيرٌ منه؛ فنزَلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ونزَلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اْلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ اْلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِاْلْجِبْتِ وَاْلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]». أخرجه ابن حبان (6572).

* سورة (الكَوْثر):

سُمِّيت سورة (الكَوْثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، وهو اسمٌ لنهرٍ في الجنَّة.

* ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول سورة (الكوثر):

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بَيْنَ أظهُرِنا، إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفَعَ رأسَه متبسِمًا، فقُلْنا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرَأَ: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1-3]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثرُ؟»، فقُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «فإنَّه نَهَرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدَدُ النُّجومِ، فيُختلَجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ ، إنَّه مِن أُمَّتي! فيقولُ: ما تدري ما أحدَثتْ بعدك...». أخرجه مسلم (٤٠٠).

منحةُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /394).

بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإعطائه الخيرَ الكثير من الله تعالى، والردُّ على من نسَب إليه انقطاعَ الذِّكْرِ؛ لأن انقطاع الولدِ الذَّكَرِ ليس بَتْرًا؛ لأن ذلك لا أثَرَ له في كمال الإنسان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /572).