تفسير سورة الكوثر

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

قوله تعالى: ﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ ﴾ [١]٧٢٢- أنا علي بن حُجر، أنا علي بن مُسهر، عن المختار بن فُلفُل، عن أنس بن مالك، قال:" بينما [رسول الله صلى الله عليه وسلم] ذات يوم بين أظْهُرنا في المسجد، إذ أَغْفَى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسِّماً، فقلت له: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: " نزلت عليَّ آنفا سورة؛ بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ ﴾ [١-٣] ثم قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: " فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة تبارك وتعالى، آنيته أكثر من عدد الكواكب، ترِده عليَّ أمتي، فيُختلج العبد منهم، فأقول: يا ربِّ إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدث بعدك ". ٧٢٣- / وأنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، حدثنا الليث، عن ابن الهاد، عند عبد الوهاب، عن عبد الله بن مسلم، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك،" أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: ما الكوثر؟ قال: " نهر أعطانيه ربي في الجنة، هو أشدُّ بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طيور أعناقها كأعناق الجُزُر "، قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله إنها لناعمة قال: " آكِلُها أنعم منها " ". ٧٢٤- أنا محمد بن كامل، أنا هشيم، عن أبي بشر وعطاء بن السَّائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال في الكوثر، قال: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله تبارك وتعالى إيَّاه. ٧٢٥- أنا أحمد بن حرب، نا أسباط، عن مُطرِّف، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قلت لعائشة: ما الكوثر؟ قالت: نهر أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بُطْنان الجنة. قلت: وما بُطْنان الجنة؟ قالت: وسطها، حافتاه درٌّ مُجوَّف. ٧٢٦- أنا هناد بن السَّري، عن عبيدة، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك - وأنا إسماعيل بن مسعود، نا يزيد بن زُريع، عن حميد، نا أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" دخلت الجنة، فإذا أنا بنهر حافتاه اللؤلؤ، فغرفت بيدي في مجرى ماءه، وإذا مِسْك أَذفْر. قلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله ".
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ ﴾ [٣]٧٢٧- أنا عمرو بن علي، نا ابن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة، قالت له قريش: أنت خير أهل المدينة وسيِّدهم؟ قال: نعم، قالوا: ألا ترى إلى هذا [المُنْبَتر] من قومه، يزعُم أنه خير منا؟ ونحن - يعني: أهل الحَجيج وأهل السِّدانة - قال: أنتم خير منه فنزلت: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ ﴾ ونزلت:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ ﴾[النساء: ٥١] إلى قوله:﴿ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ﴾[النساء: ٥٢].
سورة الكوثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكَوْثر) من السُّوَر المكية، وهي أقصَرُ سورة في القرآن الكريم، نزلت بشارةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وردًّا على مشركي قُرَيش عندما اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه منبتِرُ الذِّكْرِ؛ لأنه لا يعيش له ولدٌ ذكَرٌ، والحقُّ أن الذِّكْرَ له صلى الله عليه وسلم وهم المبتورون، و(الكَوْثر): اسمٌ لنهر في الجنة، تَرِدُ عليه أمةُ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ على هذا العطاءِ بالعبادة.

ترتيبها المصحفي
108
نوعها
مكية
ألفاظها
10
ترتيب نزولها
15
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرَفِ مكَّةَ، أتَوْهُ، فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ، وأنت سيِّدُ أهلِ يَثْرِبَ؛ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيبِيرُ المُنبتِرُ مِن قومِه، يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟! فقال: أنتم خيرٌ منه؛ فنزَلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ونزَلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اْلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ اْلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِاْلْجِبْتِ وَاْلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]». أخرجه ابن حبان (6572).

* سورة (الكَوْثر):

سُمِّيت سورة (الكَوْثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، وهو اسمٌ لنهرٍ في الجنَّة.

* ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول سورة (الكوثر):

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بَيْنَ أظهُرِنا، إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفَعَ رأسَه متبسِمًا، فقُلْنا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرَأَ: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1-3]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثرُ؟»، فقُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «فإنَّه نَهَرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدَدُ النُّجومِ، فيُختلَجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ ، إنَّه مِن أُمَّتي! فيقولُ: ما تدري ما أحدَثتْ بعدك...». أخرجه مسلم (٤٠٠).

منحةُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /394).

بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإعطائه الخيرَ الكثير من الله تعالى، والردُّ على من نسَب إليه انقطاعَ الذِّكْرِ؛ لأن انقطاع الولدِ الذَّكَرِ ليس بَتْرًا؛ لأن ذلك لا أثَرَ له في كمال الإنسان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /572).