تفسير سورة الكوثر

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

[قوله تعالى: ﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ....﴾ إلى آخر السورة]. [١-٣].
قال ابن عباس: نزلتْ في العاص [بن وائلٍ]، وذلك: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرجُ من المسجد، وهو يدخل، فالتَقََيا عند باب بني سَهْمٍ، وتحدَّثا وأُناسٌ من صناديدِ قريشٍ في المسجد جلوسٌ. فلما دخل العاص قالوا له: مَن الذي كنت تحدِّثُ؟ قال: ذاك الأبْتَر، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان قد تُوفي قبلَ ذلك عبدُ الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من خَديجةَ، وكانوا يُسمُّون مَن ليس له ابنٌ: أبْتَرَ، فأنزل الله تعالى هذه السورة.
وأخبر محمد بن موسى بن الفضل، حدَّثنا محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبَّار، حدَّثنا يونُس بن بُكَيْر، عن محمد بن إسحاقَ، قال: حدَّثني يزيد بن رُومان، قال:
كان العاص بنُ وائلٍ السَّهْميُّ إذا ذُكِر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعُوه، فإنَّما هو رجلٌ أبْترُ لا عَقِبَ له، لو هلَك انقطع ذِكْرُه واسترحتُم منه. فأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ﴾ إلى آخر السورة.
وقال عطاءٌ عن ابن عباس: كان العاص بن وائلٍ يمرُّ بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويقول: إني لأَشْنَؤك، وإنك لأَبْتَرُ من الرجال. فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ﴾ [يعني: العاصَ] ﴿هُوَ ٱلأَبْتَرُ﴾ من خير الدنيا والآخرة.
سورة الكوثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكَوْثر) من السُّوَر المكية، وهي أقصَرُ سورة في القرآن الكريم، نزلت بشارةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وردًّا على مشركي قُرَيش عندما اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه منبتِرُ الذِّكْرِ؛ لأنه لا يعيش له ولدٌ ذكَرٌ، والحقُّ أن الذِّكْرَ له صلى الله عليه وسلم وهم المبتورون، و(الكَوْثر): اسمٌ لنهر في الجنة، تَرِدُ عليه أمةُ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ على هذا العطاءِ بالعبادة.

ترتيبها المصحفي
108
نوعها
مكية
ألفاظها
10
ترتيب نزولها
15
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرَفِ مكَّةَ، أتَوْهُ، فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ، وأنت سيِّدُ أهلِ يَثْرِبَ؛ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيبِيرُ المُنبتِرُ مِن قومِه، يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟! فقال: أنتم خيرٌ منه؛ فنزَلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ونزَلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اْلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ اْلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِاْلْجِبْتِ وَاْلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]». أخرجه ابن حبان (6572).

* سورة (الكَوْثر):

سُمِّيت سورة (الكَوْثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، وهو اسمٌ لنهرٍ في الجنَّة.

* ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول سورة (الكوثر):

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بَيْنَ أظهُرِنا، إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفَعَ رأسَه متبسِمًا، فقُلْنا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرَأَ: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1-3]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثرُ؟»، فقُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «فإنَّه نَهَرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدَدُ النُّجومِ، فيُختلَجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ ، إنَّه مِن أُمَّتي! فيقولُ: ما تدري ما أحدَثتْ بعدك...». أخرجه مسلم (٤٠٠).

منحةُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /394).

بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإعطائه الخيرَ الكثير من الله تعالى، والردُّ على من نسَب إليه انقطاعَ الذِّكْرِ؛ لأن انقطاع الولدِ الذَّكَرِ ليس بَتْرًا؛ لأن ذلك لا أثَرَ له في كمال الإنسان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /572).