تفسير سورة الكوثر

البحر المحيط في التفسير

تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب البحر المحيط في التفسير
لمؤلفه أبو حيان الأندلسي . المتوفي سنة 745 هـ
سورة الكوثر
هذه السورة مكية في المشهور، وقول الجمهور : مدنية في قول الحسن وعكرمة وقتادة. ولما ذكر فيما قبلها وصف المنافق بالبخل وترك الصلاة والرياء ومنع الزكاة، قابل في هذه السورة البخل ب ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾، والسهو في الصلاة بقوله :﴿ فَصْلٌ ﴾، والرياء بقوله :﴿ لِرَبّكِ ﴾، ومنع الزكاة بقوله :﴿ وَانْحَرْ ﴾، أراد به التصدّق بلحم الأضاحي، فقابل أربعاً بأربع. ونزلت في العاصي بن وائل، كان يسمي الرسول صلى الله عليه وسلم بالأبتر، وكان يقول : دعوه إنما هو رجل أبتر لا عقب له، لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه.

سورة الكوثر
[سورة الكوثر (١٠٨) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
انْحَرْ: أَمْرٌ مِنَ النَّحْرِ، وَهُوَ ضَرْبُ النَّحْرِ لِلْإِبِلِ بِمَا يُفِيتُ الرُّوحَ مِنْ مَحْدُودٍ. الْأَبْتَرُ:
الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، وَالْبَتْرُ: الْقَطْعُ، بَتَرْتُ الشَّيْءَ: قَطَعْتُهُ، وَبَتِرَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَبْتَرُ: انْقَطَعَ ذَنَبُهُ. وَخَطَبَ زِيَادٌ خُطْبَتَهُ الْبَتْرَاءَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْمَدْ فِيهَا اللَّهَ تَعَالَى، وَلَا صَلَّى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَرَجُلٌ أُبَاتِرٌ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ: الَّذِي يَقْطَعُ رَحِمَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَئِيمٌ بَدَتْ فِي أَنْفِهِ خُنْزُوَانَةٌ عَلَى قَطْعِ ذِي الْقُرْبَى أَجَذُّ أُبَاتِرُ
وَالْبَتْرِيَّةُ: قَوْمٌ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ نُسِبُوا إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدٍ وَلَقَبُهُ الْأَبْتَرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ. وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا وَصْفَ الْمُنَافِقِ بِالْبُخْلِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالرِّيَاءِ وَمَنْعِ الزَّكَاةِ، قَابَلَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْبُخْلَ بِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، وَالسَّهْوَ فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: فَصَلِّ، وَالرِّيَاءَ بِقَوْلِهِ: لِرَبِّكَ، وَمَنْعَ الزَّكَاةِ بِقَوْلِهِ: وَانْحَرْ، أَرَادَ بِهِ التَّصَدُّقَ بِلَحْمِ الْأَضَاحِي، فَقَابَلَ أَرْبَعًا بِأَرْبَعٍ.
وَنَزَلَتْ فِي الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ، كَانَ يُسَمِّي الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْتَرِ، وَكَانَ يَقُولُ: دَعُوهُ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، لَوْ هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ وَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَعْطَيْناكَ بِالْعَيْنِ وَالْحَسَنُ وَطَلْحَةُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالزَّعْفَرَانِيُّ:
555
أَنْطَيْنَاكَ بِالنُّونِ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ مَرْوِيَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ التِّبْرِيزِيُّ: هِيَ لُغَةٌ لِلْعَرَبِ الْعَارِبَةِ مِنْ أُولَى قريش. ومن
كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْيَدُ الْعَلْيَاءُ الْمُنْطِيَةُ وَالْيَدُ السُّفْلَى الْمُنْطَاةُ».
وَمِنْ
كَلَامِهِ أَيْضًا، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وأنطوا النيحة».
وَقَالَ الْأَعْشَى:
جِيَادُكَ خَيْرُ جِيَادِ الْمُلُوكِ تُصَانُ الْحَلَالَ وَتُنْطَى السَّعِيرَا
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ وَأَبُو زَكَرِيَّا التبرزي: أَبْدَلَ مِنَ الْعَيْنِ نُونًا فإن عنيا النُّونَ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ مَكَانَ الْعَيْنِ فِي غَيْرِهَا فحسن، وإن عنيا الْبَدَلَ الصِّنَاعِيَّ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ اللُّغَتَيْنِ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا لِوُجُودِ تَمَامِ التَّصَرُّفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَلَا يَقُولُ الْأَصْلُ الْعَيْنُ، ثُمَّ أُبْدِلَتِ النُّونُ مِنْهَا.
وَذَكَرَ فِي التَّحْرِيرِ: فِي الْكَوْثَرِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ قَوْلًا، وَالصَّحِيحُ هُوَ مَا فَسَّرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ: «هُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، ترتبه أَطْيَبُ مِنِ الْمِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ».
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَاقْتَطَعْنَا مِنْهُ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ قُلْنَا:
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ»
انْتَهَى. قَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عند ما نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وَقَرَأَهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. وَقِيلَ لِابْنِ جُبَيْرٍ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: هُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: هُوَ مِنَ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْكَوْثَرُ: الْقُرْآنُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبَّاسٍ وَيَمَانُ بْنُ وَثَّابٍ: كَثْرَةُ الْأَصْحَابِ وَالْأَتْبَاعِ. وَقَالَ هِلَالُ بْنُ يَسَافٍ: هُوَ التَّوْحِيدُ.
وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: نُورُ قَلْبِهِ دَلَّهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَطَعَهُ عَمَّا سِوَاهُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: النُّبُوَّةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ: تَيْسِيرُ الْقُرْآنِ وَتَخْفِيفُ الشَّرَائِعِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: الْإِيثَارُ. وَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عَلَى التَّمْثِيلِ، لَا أَنَّ الْكَوْثَرَ مُنْحَصِرٌ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا. وَالْكَوْثَرُ فَوْعَلٌ مِنَ الْكَثْرَةِ، وَهُوَ الْمُفْرِطُ الْكَثْرَةِ. قِيلَ لِأَعْرَابِيَّةٍ رَجَعَ ابْنُهَا مِنَ السَّفَرِ: بِمَ آبَ ابْنُكَ؟ قَالَتْ: آبَ بِكَوْثَرٍ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَأَنْتَ كثير يا ابن مَرْوَانَ طَيِّبُ وَكَانَ أَبُوكَ ابْنُ الْعَقَائِلِ كَوْثَرَا
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ: الظَّاهِرُ أَنَّ فَصَلِّ أَمْرٌ بِالصَّلَاةِ يَدْخُلُ فِيهَا الْمَكْتُوبَاتُ وَالنَّوَافِلُ.
وَالنَّحْرُ: نَحْرُ الْهَدْيِ وَالنُّسُكِ وَالضَّحَايَا، قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جِهَادٌ فَأُمِرَ
556
بِهَذَيْنِ.
قَالَ أَنَسٌ: كَانَ يَنْحَرُ يَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَنْحَرَ، وَقَالَهُ قَتَادَةُ.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: نَزَلَتْ وَقْتَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ. قِيلَ لَهُ: صَلِّ وَانْحَرِ الْهَدْيَ، فَعَلَى هَذَا الْآيَةُ مِنَ الْمَدَنِيِّ. وَفِي قَوْلِهِ: لِرَبِّكَ، تَنْذِيرٌ بِالْكُفَّارِ حَيْثُ كَانَتْ صَلَاتُهُمْ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً، وَنَحْرُهُمْ لِلْأَصْنَامِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: صَلِّ لِرَبِّكَ وَضَعْ يَمِينَكَ عَلَى شِمَالِكَ عِنْدَ نَحْرِكَ فِي الصَّلَاةِ.
وَقِيلَ: ارْفَعْ يَدَيْكَ فِي اسْتِفْتَاحِ صَلَاتِكَ عِنْدَ نَحْرِكَ. وَعَنْ عَطِيَّةَ وَعِكْرِمَةَ: هِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ بِجَمْعٍ، وَالنَّحْرُ بِمِنًى. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: اسْتَوِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ جَالِسًا حَتَّى يَبْدُوَ نَحْرُكَ. وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ: اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِنَحْرِكَ.
إِنَّ شانِئَكَ: أَيْ مُبْغَضُكَ، تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ. وَقِيلَ: أَبُو جَهْلٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ أَبُو جَهْلٍ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: بَتِرَ مُحَمَّدٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
وَقَالَ شِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ: هُوَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: الْأَبْتَرُ هُنَا يُرَادُ بِهِ الْحَقِيرُ الذَّلِيلُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: شانِئَكَ بِالْأَلِفِ وَابْنُ عَبَّاسٍ: شَيْنَكَ بِغَيْرِ أَلِفٍ. فَقِيلَ: مَقْصُورٌ مِنْ شَانِي، كَمَا قَالُوا: بَرَّرَ وَبَرَّ فِي بَارَرَ وَبَارَّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنَاءً عَلَى فَعَلَ، وَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ إِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمَاضِي فَتَكُونُ إِضَافَتُهُ لَا مِنْ نَصْبٍ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ. وَقَدْ قَالُوا:
حَذِرٌ أُمُورًا وَمَزِقُونَ عِرْضِي، فَلَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ كَوْنِهِ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْأَحْسَنُ الْأَعْرَفُ فِي الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ فَصْلًا، أَيْ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْبَتْرِ الْمَخْصُوصُ بِهِ، لَا رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَادُهُ، وَذِكْرُهُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْمَنَائِرِ وَالْمَنَابِرِ، وَمَسْرُودٌ عَلَى لِسَانِ كُلِّ عَالِمٍ وَذَاكِرٍ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ. يُبْدَأُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُثَنَّى بذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ فِي الْآخِرَةِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصْفِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ.
557
سورة الكوثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكَوْثر) من السُّوَر المكية، وهي أقصَرُ سورة في القرآن الكريم، نزلت بشارةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وردًّا على مشركي قُرَيش عندما اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه منبتِرُ الذِّكْرِ؛ لأنه لا يعيش له ولدٌ ذكَرٌ، والحقُّ أن الذِّكْرَ له صلى الله عليه وسلم وهم المبتورون، و(الكَوْثر): اسمٌ لنهر في الجنة، تَرِدُ عليه أمةُ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ على هذا العطاءِ بالعبادة.

ترتيبها المصحفي
108
نوعها
مكية
ألفاظها
10
ترتيب نزولها
15
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرَفِ مكَّةَ، أتَوْهُ، فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ، وأنت سيِّدُ أهلِ يَثْرِبَ؛ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيبِيرُ المُنبتِرُ مِن قومِه، يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟! فقال: أنتم خيرٌ منه؛ فنزَلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ونزَلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اْلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ اْلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِاْلْجِبْتِ وَاْلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]». أخرجه ابن حبان (6572).

* سورة (الكَوْثر):

سُمِّيت سورة (الكَوْثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، وهو اسمٌ لنهرٍ في الجنَّة.

* ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول سورة (الكوثر):

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بَيْنَ أظهُرِنا، إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفَعَ رأسَه متبسِمًا، فقُلْنا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرَأَ: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1-3]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثرُ؟»، فقُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «فإنَّه نَهَرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدَدُ النُّجومِ، فيُختلَجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ ، إنَّه مِن أُمَّتي! فيقولُ: ما تدري ما أحدَثتْ بعدك...». أخرجه مسلم (٤٠٠).

منحةُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /394).

بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإعطائه الخيرَ الكثير من الله تعالى، والردُّ على من نسَب إليه انقطاعَ الذِّكْرِ؛ لأن انقطاع الولدِ الذَّكَرِ ليس بَتْرًا؛ لأن ذلك لا أثَرَ له في كمال الإنسان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /572).