تفسير سورة الكوثر

الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية

تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المعروف بـالفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية.
لمؤلفه النخجواني . المتوفي سنة 920 هـ

المسرفون المفرطون
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ المفروضة لهم في الأوقات المحفوظة ساهُونَ غافلون لا يحافظون عليها في أوقاتها المعهودة المحفوظة لها ولا يواظبون على إقامتها فيها بل هم المنافقون
الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ بها على رؤس الملأ ويتركونها في خلواتهم لعدم اعتدادهم واعتقادهم بها وبما يترتب عليها من الجزاء
وَمع تهاونهم وتكاسلهم في الصلاة التي هي من أقوى اعمدة الدين وأعلى مراسم التوحيد واليقين يَمْنَعُونَ الْماعُونَ اى الزكاة المهذبة لنفوسهم عن الشح المستهجن والتقتير المستقبح المسقط للمروات والفتوات المؤدية الى عموم الخيرات والحسنات
خاتمة سورة الماعون
عليك ايها الطالب لطريق الحق الحقيق بالاطاعة والاتباع ان تهذب ظاهرك وباطنك عن مطلق الرذائل المنافية للعدالة الإلهية وتخلى سرك وسريرتك عن الالتفات الى ما سوى الحق لتكون صلاتك منك ميلا حقيقيا الى الله ومعراجا معنويا موصلا الى توحيده وإياك إياك المراء والمجادلة مع بنى نوعك والاستكبار عليهم واظهار الثروة والسيادة فيما بينهم بالمال والجاه فإنها تميت قلبك وتزيد في هواك وتبعدك عن مولاك وبالجملة تضرك في أولاك وأخراك
[سورة الكوثر]
فاتحة سورة الكوثر
لا يخفى على من وصل الى بحر الحقيقة وورد على الحوض المورود والمقام المحمود الذي هو ينبوع الوجود الإلهي المترشح المنبسط بمقتضى الجود الذاتي الى عموم الموجود ان الوصول الى هذا المطلب الأعلى والمقصد الأقصى الذي هو التوحيد الذاتي المعبر بالحوض الكوثر الذي هو عبارة عن كثرة الخير والبركة ما تيسر هذا الشأن وما اتفق حصوله بحقيقته لجماهير الأنبياء والرسل الا للحضرة الختمية المحمدية صلوات الله عليه وسلامه وهو ﷺ قد خصص بهذه الكرامة الكبرى والموهبة العظمى لذلك ختم ببعثته امر الإرسال والتشريع وتم بظهوره ﷺ مكارم الأخلاق ولهذا نبه سبحانه في هذه السورة على عظم شأنه ﷺ وجلالة قدره ومكانته فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ المتجلى على حبيبه ﷺ بعموم كمالاته ليكون هو مرآة له سبحانه كي يتراءى منه ﷺ آثار جميع أسمائه الحسنى وصفاته العلياء الرَّحْمنِ على عموم الأنام ببعثته ﷺ إليهم حتى يهديهم الى دار السلام الرَّحِيمِ للخواص منهم يرشدهم الى التوحيد الذاتي الذي هو المنجى من ظلمات الأوهام
[الآيات]
إِنَّا من مقام عظيم جودنا ومحض كرامتنا أَعْطَيْناكَ يا أكمل الرسل إعطاء وهب وكرامة وفضل وامتنان الْكَوْثَرَ الذي هو عبارة عن التحقيق بوحدة الذات والانكشاف بها والوقوف عليها وبعد ما أعطيناك وخصصناك بالكرامة التي لم نعط أحدا من الأنبياء والرسل الذين مضوا قبلك
فَصَلِّ لِرَبِّكَ ودم أنت على التوجه نحونا وأخلص فيه واستقم عليه وَانْحَرْ بدنة ناسوتك بعد ما وصلت الى كعبة الذات وفزت بعرفات الأسماء والصفات تقربا إلينا وتوصلا لحمى قدس لاهوتنا ولا تلتفت في ميلك وتوجهك الى هذيانات من يشينك ويعيبك من الجهلة المكابرين
إِنَّ شانِئَكَ الذي يشينك ويبغضك في شأنك وأمرك هذا هُوَ الْأَبْتَرُ المقطوع العقب منقطع الأثر والذكر واثرك يبقى ويدوم الى قيام الساعة
سورة الكوثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكَوْثر) من السُّوَر المكية، وهي أقصَرُ سورة في القرآن الكريم، نزلت بشارةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وردًّا على مشركي قُرَيش عندما اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه منبتِرُ الذِّكْرِ؛ لأنه لا يعيش له ولدٌ ذكَرٌ، والحقُّ أن الذِّكْرَ له صلى الله عليه وسلم وهم المبتورون، و(الكَوْثر): اسمٌ لنهر في الجنة، تَرِدُ عليه أمةُ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ على هذا العطاءِ بالعبادة.

ترتيبها المصحفي
108
نوعها
مكية
ألفاظها
10
ترتيب نزولها
15
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرَفِ مكَّةَ، أتَوْهُ، فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ، وأنت سيِّدُ أهلِ يَثْرِبَ؛ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيبِيرُ المُنبتِرُ مِن قومِه، يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟! فقال: أنتم خيرٌ منه؛ فنزَلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ونزَلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اْلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ اْلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِاْلْجِبْتِ وَاْلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]». أخرجه ابن حبان (6572).

* سورة (الكَوْثر):

سُمِّيت سورة (الكَوْثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، وهو اسمٌ لنهرٍ في الجنَّة.

* ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول سورة (الكوثر):

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بَيْنَ أظهُرِنا، إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفَعَ رأسَه متبسِمًا، فقُلْنا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرَأَ: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1-3]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثرُ؟»، فقُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «فإنَّه نَهَرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدَدُ النُّجومِ، فيُختلَجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ ، إنَّه مِن أُمَّتي! فيقولُ: ما تدري ما أحدَثتْ بعدك...». أخرجه مسلم (٤٠٠).

منحةُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /394).

بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإعطائه الخيرَ الكثير من الله تعالى، والردُّ على من نسَب إليه انقطاعَ الذِّكْرِ؛ لأن انقطاع الولدِ الذَّكَرِ ليس بَتْرًا؛ لأن ذلك لا أثَرَ له في كمال الإنسان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /572).