تفسير سورة الكوثر

الكشاف أو تفسير الزمخشري

تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل المعروف بـالكشاف أو تفسير الزمخشري.
لمؤلفه الزمخشري . المتوفي سنة 538 هـ
مكية، وآياتها ثلاث.

وعن ابن مسعود: ما يتعاون في العادة من الفأس والقدر والدلو والمقدحة ونحوها. وعن عائشة الماء والنار والملح، وقد يكون منع هذه الأشياء محظورا في الشريعة إذا استعيرت عن اضطرار، وقبيحا في المروءة في غير حال الضرورة.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة أرأيت غفر الله له إن كان للزكاة مؤديا «١» »
سورة الكوثر
مكية، وآياتها ٣ «نزلت بعد العاديات» بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الكوثر (١٠٨) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا أعطيناك، بالنون «٢». وفي حديثه ﷺ «٣» :«وأنطوا الثبجة» «٤» والكوثر: فوعل من الكثرة وهو المفرط الكثرة. قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر: بم آب ابنك؟ قالت: آب بكوثر. وقال:
وأنت كثير يا ابن مروان طيّب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا «٥»
(١). أخرجه ابن مردويه والثعلبي والواحدي باسنادهم إلى أبى بن كعب. [.....]
(٢). أخرجه الطبراني والدارقطني في المؤتلف والحاكم وابن مردويه والثعلبي من رواية عمرو بن عبيد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة وعمرو بن عبيد واهى الحديث.
(٣). هو في الحديث المتقدم في سورة يونس.
(٤). قوله «وأنطوا الثبجة» في القاموس «الشبجة» محركة: المتوسطة بين الخيار والرذال اه. (ع)
(٥). للكميت. وأنت كثير: أى كثير الخير والبر. ويروى بدله: كوثر. وفي الهداء تنويه باسمه وتعظيم لقدره. واستعار الطيب لحسن السيرة. ويجوز أنه ضد الخبيث. والعقائل: خيار النساء، والمراد جنسهن أو ما يشمل الجدات. والكوثر: بليغ النهاية في الخير.
806
وقيل الْكَوْثَرَ نهر في الجنة. وعن النبي ﷺ أنه قرأها حين أنزلت عليه فقال:
«أتدرون ما الكوثر؟ إنه نهر في الجنة وعدنيه ربى، فيه خير كثير «١» » وروى في صفته:
أحلى من العسل، وأشد بياضا من اللبن، وأبرد من الثلج، وألين من الزبد، حافتاه الزبرجد، وأوانيه من فضة عدد نجوم السماء «٢». وروى: لا يظمأ من شرب منه أبدا: أول وارديه:
فقراء المهاجرين: الدنسو الثياب، الشعث الرؤوس، الذين لا يزوجون المنعمات، ولا تفتح لهم أبواب السدد، يموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره، لو أقسم على الله لأبرّه» «٣» وعن ابن عباس أنه فسر الكوثر بالخير الكثير، فقال له سعيد بن جبير: إن ناسا يقولون: هو نهر في الجنة! فقال: هو من الخير الكثير. والنحر: نحر البدن، وعن عطية: هي صلاة الفجر بجمع، والنحر بمنى. وقيل: صلاة العيد والتضحية. وقيل. هي جنس الصلاة. والنحر: وضع اليمين على الشمال، والمعنى: أعطيت مالا غاية لكثرته من خير الدارين الذي لم يعطه أحد غيرك، ومعطى ذلك كله أنا إله العالمين، فاجتمعت لك الغبطتان السنيتان «٤» : إصابة أشرف عطاء وأوفره، من أكرم معط وأعظم منعم، فاعبد ربك الذي أعزك بإعطائه، وشرفك وصانك من منن الخلق، مراغما لقومك الذين يعبدون غير الله، وانحر لوجهه وباسمه إذا نحرت، مخالفا لهم في النحر للأوثان إِنَّ من أبغضك من قومك لمخالفتك لهم هُوَ الْأَبْتَرُ لا أنت، لأنّ كل من يولد إلى يوم القيامة من المؤمنين فهم أولادك وأعقابك، وذكرك مرفوع على المنابر والمنار، وعلى لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر، يبدأ بذكر الله ويثنى بذكرك، ولك في الآخرة مالا يدخل تحت الوصف، فمثلك لا يقال له أبتر: وإنما الأبتر هو شانئك المنسى في
(١). أخرجه مسلم من رواية المختار بن فلفل عن أنس في أثناء حديث ذكره في أوائل الصلاة.
(٢). أخرجه الحاكم من حديث أبى برزة رفعه «حوضي ما بين أيلة إلى صنعاء: عرضه كطوله. فيه ميزابان يصبان من الجنان أحلى من العسل، وأبرد من الثلج وأشد بياضا من اللبن، وألين من الزبد فيه أباريق عدد نجوم السماء- الحديث» وفي ابن مردويه من حديث ابن عباس في قصة الاسراء- فذكر حديثا طويلا جدا. وفيه ذكر الكوثر وحافتاه من زبرجد.
(٣). أخرجه ابن ماجة وأحمد والطبراني من حديث ثوبان. وفيه «أن حوضي ما بين عدن إلى أيلة. أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، أكوابه عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا وأول من يدخل عليه فقراء المهاجرين الدنس ثيابا الشعث رءوسا الذين لا ينكحون المنعمات ولا يفتح لهم السدد»
(٤). قال محمود:
807
سورة الكوثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكَوْثر) من السُّوَر المكية، وهي أقصَرُ سورة في القرآن الكريم، نزلت بشارةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وردًّا على مشركي قُرَيش عندما اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه منبتِرُ الذِّكْرِ؛ لأنه لا يعيش له ولدٌ ذكَرٌ، والحقُّ أن الذِّكْرَ له صلى الله عليه وسلم وهم المبتورون، و(الكَوْثر): اسمٌ لنهر في الجنة، تَرِدُ عليه أمةُ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ على هذا العطاءِ بالعبادة.

ترتيبها المصحفي
108
نوعها
مكية
ألفاظها
10
ترتيب نزولها
15
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرَفِ مكَّةَ، أتَوْهُ، فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ، وأنت سيِّدُ أهلِ يَثْرِبَ؛ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيبِيرُ المُنبتِرُ مِن قومِه، يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟! فقال: أنتم خيرٌ منه؛ فنزَلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ونزَلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اْلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ اْلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِاْلْجِبْتِ وَاْلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]». أخرجه ابن حبان (6572).

* سورة (الكَوْثر):

سُمِّيت سورة (الكَوْثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، وهو اسمٌ لنهرٍ في الجنَّة.

* ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول سورة (الكوثر):

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بَيْنَ أظهُرِنا، إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفَعَ رأسَه متبسِمًا، فقُلْنا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرَأَ: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1-3]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثرُ؟»، فقُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «فإنَّه نَهَرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدَدُ النُّجومِ، فيُختلَجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ ، إنَّه مِن أُمَّتي! فيقولُ: ما تدري ما أحدَثتْ بعدك...». أخرجه مسلم (٤٠٠).

منحةُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /394).

بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإعطائه الخيرَ الكثير من الله تعالى، والردُّ على من نسَب إليه انقطاعَ الذِّكْرِ؛ لأن انقطاع الولدِ الذَّكَرِ ليس بَتْرًا؛ لأن ذلك لا أثَرَ له في كمال الإنسان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /572).

«أى جمعنا لك الغبطتين السنيتين أحدهما إصابة أشرف عطاء وهو الكوثر الخ» قال أحمد» جعل الزمخشري توسط الضمير بين الجزءين مقيد للاختصاص لأن إفادته هاهنا لذلك بيتة مكشوفة.