تفسير سورة الكوثر

معاني القرآن للفراء

تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب معاني القرآن للفراء المعروف بـمعاني القرآن للفراء.
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

وقوله عز وجل: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) يعني: المنافقين «الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ» يقول: لاهون كذلك فسّرها ابْنُ عَبَّاس، وكذلك رأيتها فِي قراءة عَبْد اللَّه.
فقوله «١» عزَّ وجلَّ: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦).
إن أبصرهم النَّاس صلّوا، وإن لم يرهم أحد تركوا الصلاة. «وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ» (٧) قال: وحدثنا الفراء قال: [وحدثنى] «٢» حبّان بإسناده قال: «الْماعُونَ» : المعروف كُلِّه حتَّى ذكر: القصعة، والقدر، والفأس.
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ] «٣» قال: حدثنا الفراء قال: [وحدثنى] «٤». قيس ابن الرَّبِيعِ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ على قال: «الْماعُونَ» : الزكاة.
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ] «٥» حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمِثْلِهِ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: الْمَاعُونُ: هُوَ الْمَاءُ، وَأَنْشَدَنِي فِيهِ:
يَمُجُّ صَبِيرُهُ الْمَاعُونَ صَبًّا «٦»
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَسْتُ أَحْفَظُ أَوَّلَهُ الصَّبِيرُ: السَّحَابُ.
ومن سورة الكوثر
قوله عز وجل: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١).
قَالَ ابْنُ عَبَّاس: هُوَ الخير الكثير. ومنه القرآن.
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ] «٧» حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: [وَحَدَّثَنِي] «٨» مندل بن على
(١) فى ش: وقوله.
(٢) سقط فى ش: وحدثنا الفراء قال حدثنى. [.....]
(٣، ٥، ٧) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(٤، ٨) سقط فى ش: حدثنى.
(٦) لم أعثر على قائله، وقد نقله القرطبي فى تفسيره (٢٠/ ٢١٤) ولم ينسبه.
295
العنزي بإسناد رفعه إلى عَائِشَةَ قَالَتْ «١» :«الْكَوْثَرَ» نهر فِي الجنة. فمن أحب أن يسمع صوته فليدخل أصبعيه فِي أذنيه.
وقوله عزَّ وجل: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢).
يُقال: فصل لربك يَوْم العيد، ثُمَّ انحر.
[حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمدقال] «٢» حدثنا الفراء قال: وحدثنى قيس عن يزيد بن يزيد ابن جَابِرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ فِيهَا: النَّحْرُ أَخْذُكَ شِمَالَكَ بِيَمِينِكَ فِي الصَّلاةِ، وَقَالَ «٣» :«فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ» اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِنَحْرِكَ، وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: مَنَازِلُنَا تَتَنَاحَرُ [هَذَا بِنَحْرِ هَذَا] «٤» أَيْ: قُبَالَتُهُ. وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ بَنِي أَسَدٍ:
أَبَا حَكَمٍ هَا أَنْتَ عَمُّ مُجَالِدٍ وَسَيِّدُ أَهْلِ الأَبْطُحِ الْمُتَنَاحِرِ «٥»
فَهَذَا مِنْ ذَلِكَ يَنْحَرُ بَعْضُهُ بَعْضًا.
وقوله عز وجل: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣).
كانوا يقولون: الرجل إِذَا لم يكن لَهُ ولد ذكر- أبتر-[١٥٠/ ب] أي: يموت فلا يكون لَهُ ذِكر. فقالها بعض قريش للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الله تبارك وتعالى: «إِنَّ شانِئَكَ» مبغضك، وعدوّك هُوَ الأبتر الَّذِي لا ذكر لَهُ بعمل خير، وأمَّا أنت فقد جعلت ذكرك مَعَ ذكرى، فذلك قوله: «وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ «٦» ».
(١) فى ش: قال.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(٣) فى ش: وقوله، وفى النسخة الأخرى من ش: ويقال.
(٤) سقط فى ش.
(٥) نقله اللسان (نحر) عن الفراء، ولم ينسبه إلى القائل من بنى أسد، ورواية اللسان.
(هل أنت) مكان (ها أنت) وفى تفسير القرطبي: ٢٠/ ٢١٩ (ما أنت) مكان (ها أنت).
(٦) سورة الشرح: ٤.
296
سورة الكوثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكَوْثر) من السُّوَر المكية، وهي أقصَرُ سورة في القرآن الكريم، نزلت بشارةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وردًّا على مشركي قُرَيش عندما اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنه منبتِرُ الذِّكْرِ؛ لأنه لا يعيش له ولدٌ ذكَرٌ، والحقُّ أن الذِّكْرَ له صلى الله عليه وسلم وهم المبتورون، و(الكَوْثر): اسمٌ لنهر في الجنة، تَرِدُ عليه أمةُ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وقد أمر اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ على هذا العطاءِ بالعبادة.

ترتيبها المصحفي
108
نوعها
مكية
ألفاظها
10
ترتيب نزولها
15
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرَفِ مكَّةَ، أتَوْهُ، فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ، وأنت سيِّدُ أهلِ يَثْرِبَ؛ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيبِيرُ المُنبتِرُ مِن قومِه، يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟! فقال: أنتم خيرٌ منه؛ فنزَلَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ونزَلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اْلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ اْلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِاْلْجِبْتِ وَاْلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]». أخرجه ابن حبان (6572).

* سورة (الكَوْثر):

سُمِّيت سورة (الكَوْثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، وهو اسمٌ لنهرٍ في الجنَّة.

* ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول سورة (الكوثر):

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «بَيْنا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بَيْنَ أظهُرِنا، إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفَعَ رأسَه متبسِمًا، فقُلْنا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ»، فقرَأَ: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَٰنِ اْلرَّحِيمِ {إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ اْلْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاْنْحَرْ ٢ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ اْلْأَبْتَرُ} [الكوثر: 1-3]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثرُ؟»، فقُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: «فإنَّه نَهَرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدَدُ النُّجومِ، فيُختلَجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ ، إنَّه مِن أُمَّتي! فيقولُ: ما تدري ما أحدَثتْ بعدك...». أخرجه مسلم (٤٠٠).

منحةُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /394).

بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإعطائه الخيرَ الكثير من الله تعالى، والردُّ على من نسَب إليه انقطاعَ الذِّكْرِ؛ لأن انقطاع الولدِ الذَّكَرِ ليس بَتْرًا؛ لأن ذلك لا أثَرَ له في كمال الإنسان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /572).