تفسير سورة البروج

تفسير ابن عباس

تفسير سورة سورة البروج من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس.
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿والسمآء ذَاتِ البروج﴾ يَقُول أقسم الله بالسماء ذَات البروج وَيُقَال ذَات الْقُصُور اثْنَا عشر قصراً بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يعلم الله ذَلِك
﴿وَالْيَوْم الْمَوْعُود﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة
﴿وَشَاهِدٍ﴾ وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة ﴿وَمَشْهُودٍ﴾ وَهُوَ يَوْم عَرَفَة وَيُقَال يَوْم النَّحْر وَيُقَال شَاهد بَنو آدم ومشهود هُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَيُقَال شَاهد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومشهود أمته أقسم الله بهؤلاء الْأَشْيَاء إِن بَطش رَبك عَذَاب رَبك لشديد لمن لَا يُؤمن بِهِ
﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُود النَّار ذَاتِ الْوقُود﴾ بالنفط والزفت والحطب وَيُقَال لعنُوا وَيُقَال هم قوم من الْمُؤمنِينَ قَتلهمْ الْكفَّار بالنَّار ذَات الْوقُود بالنفط والزفت والحطب
﴿إِذْ هُمْ﴾ يَعْنِي الْكفَّار ﴿عَلَيْهَا﴾ على الخَنْدَق وَيُقَال على الكراسي ﴿قُعُودٌ﴾ جُلُوس حِين أحرقهم الله بالنَّار
﴿وَهُمْ على مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾ حُضُور وَيُقَال كَانُوا يشْهدُونَ على الْمُؤمنِينَ أَن هَؤُلَاءِ قوم ضلال
﴿وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ﴾ من الْمُؤمنِينَ وَلَا طعنوا عَلَيْهِم ﴿إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّه﴾ إِلَّا لقبل إِيمَانهم بِاللَّه ﴿الْعَزِيز﴾ بالنقمة لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿الحميد﴾ لمن آمن بِهِ
﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَات﴾ خَزَائِن السَّمَوَات الْمَطَر ﴿وَالْأَرْض﴾ النَّبَات ﴿وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أَعْمَالهم ﴿شَهِيد﴾
﴿إِنَّ الَّذين فَتَنُواْ﴾ أحرقوا وعذبوا ﴿الْمُؤمنِينَ﴾ بالنَّار يَعْنِي المصدقين من الرِّجَال بِالْإِيمَان ﴿وَالْمُؤْمِنَات﴾ المصدقات من النِّسَاء بِالْإِيمَان ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ﴾ من كفرهم وشركهم ﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيق﴾ الشَّديد فِي النَّار وَيُقَال فِي الدُّنْيَا حَيْثُ أحرقهم الله بالنَّار وَكَانَ هَؤُلَاءِ قوما من نَجْرَان وَيُقَال من أهل الْموصل أخذُوا قوما من الْمُؤمنِينَ فعذبوهم وقتلوهم بالنَّار لكَي يرجِعوا إِلَى دينهم وَكَانَ ملكهم يُسمى يُوسُف وَيُقَال ذَا النواس
ثمَّ ذكر الْمُؤمنِينَ الَّذين لم يرجِعوا عَن الْإِيمَان لقبل عَذَابهمْ فَقَالَ ﴿إِنَّ الَّذين آمَنُواْ﴾ بِاللَّه ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لَهُم جنَّات﴾ بساتين ﴿تجْرِي من تحتهَا﴾ من تَحت شَجَرهَا ومساكنها ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿ذَلِك الْفَوْز الْكَبِير﴾ النجَاة الوافرة فازوا بِالْجنَّةِ ونجوا من النَّار
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ﴾ أَخذ رَبك لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿لشديد﴾
﴿إِنَّه هُوَ يبدئ﴾ الْخلق من النُّطْفَة ﴿وَيُعِيدُ﴾ بعد الْمَوْت خلقا جَدِيدا
﴿وَهُوَ الغفور﴾ المتجاوز لمن تَابَ من الْكفْر وآمن بِاللَّه ﴿الْوَدُود﴾ المتودد لأوليائه وَيُقَال الْمُحب لأهل طَاعَته وَيُقَال المتحبب إِلَى أهل طَاعَته
﴿ذُو الْعَرْش﴾ ذُو السرير ﴿الْمجِيد﴾ الْحسن الْجيد وَيُقَال الْكَرِيم إِن قَرَأت بِضَم الدَّال فَهُوَ الله
﴿فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ كَمَا يُرِيد يحيي وَيُمِيت
﴿هَلُ أَتَاكَ﴾ يَا مُحَمَّد استفهم نبيه بذلك وَلم يَأْته قبل ذَلِك فَأَتَاهُ بعد ذَلِك ﴿حَدِيثُ الْجنُود﴾ يَقُول خبر جموع
﴿فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ﴾ وَالَّذين من قبلهم وَمن بعدهمْ كَيفَ فعلنَا بهم عِنْد التَّكْذِيب
﴿بَلِ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿فِي تَكْذِيبٍ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿وَالله مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ﴾ يَقُول عَالم بهم وبأعمالهم
﴿بَلْ هُوَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن الَّذِي يقْرَأ عَلَيْكُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿قُرْآنٌ مَّجِيدٌ﴾ كريم شرِيف
﴿فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ يَقُول مَكْتُوب فِي لوح مَحْفُوظ من الشَّيَاطِين
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الطارق وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها سِتّ عشرَة وكلماتها إِحْدَى وَسِتُّونَ وحروفها مِائَتَان وتسع وَثَلَاثُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
سورة البروج
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (البُرُوج) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت ببيان قدرة الله عز وجل وعظمتِه، ثم جاءت على ذكرِ قصة (أصحاب الأخدود)، وهم قومٌ فتَنوا فريقًا ممن آمن بالله، فجعلوا أُخدودًا من نار لتعذيبهم؛ وذلك تثبيتًا لقلوب الصحابة على أمرِ هذه الدعوة، وأن اللهَ - بعظمتِه وسلطانه - الذي أقام السماءَ والأرض صاحبَ البطش الشديد معهم وناصرُهم، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورةَ في الظُّهر والعصر.

ترتيبها المصحفي
85
نوعها
مكية
ألفاظها
109
ترتيب نزولها
27
العد المدني الأول
22
العد المدني الأخير
22
العد البصري
22
العد الكوفي
22
العد الشامي
22

* سورة (البُرُوج):

سُمِّيت سورة (البُرُوج) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَاْلسَّمَآءِ ذَاتِ اْلْبُرُوجِ} [البروج: 1]؛ وهي: الكواكبُ السيَّارة.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظُّهر والعصر بسورة (البُرُوج):

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ والعصرِ بـ{وَاْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، {وَاْلسَّمَآءِ ذَاتِ اْلْبُرُوجِ}، ونحوِهما مِن السُّوَرِ». أخرجه أبو داود (٨٠٥).

1. قصة (أصحاب الأخدود) (١-٩).

2. التمييز بين الطائعين والعاصين (١٠-١١).

3. مشيئة الله تعالى، ونَفاذُ قُدْرته (١٢-٢٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /90).

يقول ابن عاشور: «... ضرب المثَلِ للذين فتنوا المسلمين بمكة بأنهم مثلُ قوم فتَنوا فريقًا ممن آمن بالله، فجعلوا أخدودًا من نار لتعذيبِهم؛ ليكون المثلُ تثبيتًا للمسلمين، وتصبيرًا لهم على أذى المشركين، وتذكيرًا لهم بما جرى على سلَفِهم في الإيمان من شدة التعذيب الذي لم يَنَلْهم مثلُه، ولم يصُدَّهم ذلك عن دِينهم.

وإشعار المسلمين بأن قوةَ الله عظيمةٌ؛ فسيَلقَى المشركون جزاءَ صنيعهم، ويَلقَى المسلمون النعيمَ الأبدي والنصر.
والتعريض للمسلمين بكرامتهم عند الله تعالى.
وضرب المثلِ بقوم فرعون، وبثمود، وكيف كانت عاقبة أمرهم لمَّا كذبوا الرسل؛ فحصلت العِبرة للمشركين في فَتْنِهم المسلمين، وفي تكذيبهم الرسولَ صلى الله عليه وسلم، والتنويه بشأن القرآن». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /236).