تفسير سورة الرحمن

اللغة العربية - المختصر في تفسير القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب المختصر في تفسير القرآن الكريم المعروف بـاللغة العربية - المختصر في تفسير القرآن الكريم.
لمؤلفه مركز تفسير للدراسات القرآنية .

الرحـمٰن ذو الرحمة الواسعة.
علّم الناس القرآن بتسهيل حفظه، وتيسير فهم معانيه.
خلق الإنسان سويًّا، وأحسن تصويره.
علّمه كيف يُبِين عمَّا في ضميره نطقًا وكتابة.
الشمس والقمر قَدَّرهما؛ يسيران بحساب متقن؛ ليعلم الناس عدد السنين والحساب.
وما لا ساق له من النبات والشجر يسجدان لله سبحانه منقادَينِ مستسلمَينِ له.
والسماء رفعها فوق الأرض سقفًا لها، وأثبت العدل في الأرض، وأمر به عباده.
أثبت العدل لئلا تجوروا - أيها الناس - وتخونوا في الوزن والكيل.
وأقيموا الوزن بينكم بالعدل، ولا تنقصوا الوزن أو الكيل إذا كلتم أو وزنتم لغيركم.
والأرض وضعها مُهَيَّأة لاستقرار الخلق عليها.
فيها الأشجار التي تثمر الفواكه، وفيها النخل ذات الأوعية التي يكون منها التمر.
وفيها الحب ذو التِّبْن كالبُر والشعير، وفيها النباتات التي تستطيبون رائحتها.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
خلق آدم عليه السلام من طين يابس تسمع له صلصلة، مثل الطين المطبوخ.
وخلق أبا الجن من لهب خالص من الدخان.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
رب مَشْرِقَي الشمس ومغربيها شتاءً وصيفًا.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
خلط الله البحرين المالح والعَذْب يلتقيان فيما تراه العين.
بينهما حاجز يمنع كلًّا منهما أن يطغى على الآخر حتى يبقى العَذْب عَذْبًا والمالح مالحًا.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
يخرج من مجموع البحرين كبار الدُّر وصغاره.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
وله سبحانه وتعالى وحده التصرف في السفن الجارية في البحار مثل الجبال.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
كل من على وجه الأرض من الخلائق هالك لا محالة.
ويبقى وجه ربك - أيها الرسول - ذو العظمة والإحسان والتفضل على عباده، فلا يلحقه فناء أبدًا.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
يسأله كل من في السماوات من الملائكة، ومن في الأرض من الجن والإنس؛ حاجاتِهم، كل يوم هو في شأن من شؤون عباده؛ من إحياء وإماتة ورزق وغير ذلك.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
سنفرغ لحسابكم - أيها الإنس والجن - فنجازي كلًّا بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
ويقول الله يوم القيامة إذا جمع الجن والإنس: يا معشر الجن والإنس، إن استطعتم أن تجدوا لكم مخرجًا من ناحية من نواحي السماوات والأرض فافعلوا، ولن تستطيعوا أن تفعلوا ذلك إلا بقوة وبينة، وأنَّى لكم ذلك؟
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
يُرْسَل عليكما - أيها الإنس والجن - لهب من النار خالٍ من الدخان، ودخان لا لهب فيه، فلا تستطيعان الامتناع من ذلك.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
فإذا تشققت السماء لنزول الملائكة منها فكانت حمراء مثل الدهن في إشراق لونه.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
ففي ذلك اليوم العظيم لا يُسْأل إنس ولا جنّ عن ذنوبهم؛ لعلم الله بأعمالهم.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
يُعْرف المجرمون يوم القيامة بعلامتهم وهي سواد الوجوه وزرقة العيون، فتُضَمّ نواصيهم إلى أقدامهم فيرمون في جهنم.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
ويقال لهم توبيخًا: هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون في الدنيا أمام أعينهم لا يستطيعون إنكارها.
يتردَّدون بينها وبين ماء حارٍّ شديد الحرارة.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
وللذي خاف القيام بين يدي ربه في الآخرة فآمن وعمل صالحًا، جنتان.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
وهاتان الجنتان ذواتا أغصان عظيمة نضرة مثمرة.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
في الجنتين عينان تجريان خلالهما بالماء.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
فيهما من كل فاكهة يُتَفَكَّه بها صنفان.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
متكئين على فرش بطائنها من الديباج الغليظ، وما يُجْنَى من الثمار والفواكه من الجنتين قريب يتناوله القائم والجالس والمتكئ.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
فيهن نساء قصرن نظرهنّ على أزواجهنّ، لم يَفْتَضِضْ بكارتهنّ قبل أزواجهنّ إنس ولا جانّ.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
كأنهنّ الياقوت والمرجان جمالًا وصفاء.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
ما جزاء من أحسن بطاعة ربه إلا أن يحسن الله جزاءه؟!
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
ومن دون هاتين الجنتين المذكورتين جنتان أخريان.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
قد اشتدّت خضرتهما.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
في هاتين الجنتين عينان شديدتا الفَوَران بالماء، لا ينقطع فَوَران مائهما.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
في هاتين الجنتين فاكهة كثيرة ونخل عظيم ورُمَّان.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
في هذه الجنان نساء طيبات الأخلاق حسان الوجوه.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
حور مستورات في الخيام صونًا لهنّ.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
لم يقترب منهنَّ قبل أزواجهنّ إنس ولا جانّ.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
متكئين على وسائد مغطاة بأغطية خضر، وفرش حسان.
فبأي نعم الله الكثيرة عليكم - يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟!
تعاظم وكثر خير اسم ربك ذي العظمة والإحسان والتفضل على عباده.
سورة الرحمن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الرَّحْمن) من السُّوَر المكية، وقد أبانت عن مقصدٍ عظيم؛ وهو إثباتُ عموم الرحمة لله عز وجل، وقد ذكَّر اللهُ عبادَه بنِعَمه وآلائه التي لا تُحصَى عليهم، وفي ذلك دعوةٌ لاتباع الإله الحقِّ المستحِق للعبودية، وقد اشتملت السورةُ الكريمة على آياتِ ترهيب وتخويف من عقاب الله، كما اشتملت على آياتٍ تُطمِع في رحمةِ الله ورضوانه وجِنانه.

ترتيبها المصحفي
55
نوعها
مكية
ألفاظها
352
ترتيب نزولها
97
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
76
العد الكوفي
78
العد الشامي
78

* سورة (الرَّحْمن):

سُمِّيت سورة (الرَّحْمن) بهذا الاسم؛ لافتتاحها باسم (الرَّحْمن)، وهو اسمٌ من أسماءِ الله تعالى.

* ذكَرتْ سورةُ (الرحمن) كثيرًا من فضائلِ الله على عباده:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ على أصحابِه، فقرَأَ عليهم سورةَ الرَّحْمنِ، مِن أوَّلِها إلى آخِرِها، فسكَتوا، فقال: «لقد قرَأْتُها على الجِنِّ ليلةَ الجِنِّ فكانوا أحسَنَ مردودًا منكم! كنتُ كلَّما أتَيْتُ على قولِه: {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قالوا: لا بشيءٍ مِن نِعَمِك رَبَّنا نُكذِّبُ؛ فلك الحمدُ!»». أخرجه الترمذي (٣٢٩١).

1. من نِعَم الله الظاهرة (١-١٣).

2. نعمة الخَلْق (١٤-١٦).

3. نِعَم الله في الآفاق (١٧-٢٥).

4. من لطائف النِّعَم (٢٦-٣٢).

5. تحدٍّ وإعجاز (٣٣-٣٦).

6. عاقبة المجرمين (٣٧-٤٥).

7. نعيم المتقين (٤٦-٧٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /550).

مقصدُ سورة (الرَّحْمن) هو إثباتُ الرحمةِ العامة لله عز وجل، الظاهرةِ في إنعامه على خَلْقه، وأعظمُ هذه النِّعَم هو نزول القرآن، وما تبع ذلك من نِعَم كبيرة في هذا الكون.

يقول الزَّمَخْشريُّ: «عدَّد اللهُ عز وعلا آلاءه، فأراد أن يُقدِّم أولَ شيءٍ ما هو أسبَقُ قِدْمًا من ضروب آلائه وأصناف نَعْمائه؛ وهي نعمة الدِّين، فقدَّم من نعمة الدِّين ما هو في أعلى مراتبِها وأقصى مَراقيها؛ وهو إنعامُه بالقرآن وتنزيلُه وتعليمه؛ لأنه أعظَمُ وحيِ الله رتبةً، وأعلاه منزلةً، وأحسنه في أبواب الدِّين أثرًا، وهو سَنامُ الكتب السماوية ومِصْداقها والعِيارُ عليها.

وأخَّر ذِكْرَ خَلْقِ الإنسان عن ذكرِه، ثم أتبعه إياه؛ ليعلمَ أنه إنما خلَقه للدِّين، وليحيطَ علمًا بوحيِه وكتبِه وما خُلِق الإنسان من أجله، وكأنَّ الغرض في إنشائه كان مقدَّمًا عليه وسابقًا له، ثم ذكَر ما تميَّز به من سائر الحيوان من البيان؛ وهو المنطقُ الفصيح المُعرِب عما في الضمير». "الكشاف" للزمخشري (4 /443).