تفسير سورة الرحمن

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾ النجم: ما نجم من الأرض: أي طلع ولم يكن على ساق كالعشب والبقل. والشجر: ما قام على ساق وسجودهما أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت ويميلان معها حتى ينكسر الفيء.
﴿ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ ﴾: أي تتجاوزوا القدر والعدل. ﴿ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ ﴾ أي تنقصوا الوزن، وقرئت: لا تخسروا الميزان بفتح التاء، ومعناه: لا تخسروا الثواب الموزون يوم القيامة.
(الأنام) الخلق.
﴿ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ ﴾: أي ذات الكفرى قبل أن تتفتق. وغلاف كل شيء كمه. وانظر ٤٧ من فصلت.
﴿ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ ﴾ العصف: ورق الزرع، ثم يصير إذا يبس وجف تبنا. والريحان: الرزق. وأنشد أبو محمد: سلام إلا له وريحانه   ورحمته وسماء درر
﴿ صَلْصَالٍ ﴾ طين يابس لم يطبخ إذا نقرته صل أي صوت من يبسه كما يصوت الفخار. والفخار: ما طبخ من الطين. ويقال: الصلصال المنتن، مأخوذ من صل اللحم إذا أنتن، فكأنه أراد صلالا، فقلبت إحدى اللامين صادا (فخار): هو طين قد مسته النار.
﴿ رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ ﴾ الرب: السيد. والرب: المالك. والرب: زوج المرأة. والمشرقان: مشرق الصيف والشتاء، والمغربان: مغرباهما.
﴿ مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ ﴾ أي خلى بينهما، كما تقول: مرجت الدابة إذا خليتها ترعى. ويقال: مرج البحرين: خلطهما. ﴿ بَرْزَخٌ ﴾ أي حاجز.
﴿ وَٱلمَرْجَانُ ﴾ صغار اللؤلؤ، واحدتها مرجانة.
﴿ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ ﴾ يعني: السفن اللواتي أنشئن: أي ابتدئ بهن في البحر، والمنشئات: اللواتي ابتدئت ﴿ ٱلأَعْلاَمِ ﴾: الجبال، واحدها علم.
﴿ شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ ﴾ الشواظ: النار المحضة بغير دخان ﴿ نُحَاسٌ ﴾ ونحاس: أي دخان.
﴿ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ ﴾ أي صارت كلون الورد. ويقال معنى وردة أي حمراء في لون الفرس الورد. والدهان جمع دهن: أي تمور كالدهن صافية. ويقال: الدهان الأديم الأحمر.
﴿ سِيمَاهُمْ ﴾ أي علامتهم. والسيما والسيماء: العلامة. ﴿ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ ﴾ يقال: يجمع بين ناصيته ورجليه ثم يلقى في النار. وانظر ١٥ من العلق.
﴿ أَفْنَانٍ ﴾: أغصان، واحدها فنن.
﴿ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ ﴾: أي ما يجتنى منهما.
﴿ يَطْمِثْهُنَّ ﴾: أي يمسسهن، والطمث: النكاح بالتدمية، ومنه قيل للحائض طامث.
﴿ مُدْهَآمَّتَانِ ﴾ أي سوداوان من شدة الخضرة والري.
﴿ نَضَّاخَتَانِ ﴾ أي فوارتان بالماء.
﴿ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾: يريد خيرات، فخفف.
﴿ حُورٌ ﴾ جمع حوراء، وهي الشديدة البياض بياض العين في شدة سوادها ﴿ مَّقْصُورَاتٌ ﴾ أي مخدرات: والحجلة تسمى مقصورة.
﴿ رَفْرَفٍ خُضْرٍ ﴾ يقال: رياض الجنة، ويقال: العرش، ويقال هي المجالس ويقال للبسط أيضا: رفارف ﴿ عَبْقَرِيٍّ ﴾ طنافس نُخان. وقال أبو عبيدة: تقول العرب لكل شيء من البسط: عبقري، ويقال: عبقر أرض يعمل فيها الوشى، فنسب إليها كل شيء جيد. ويقال: العبقري: الممدوح الموصوف من الرجال والفرش، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه:" فلم أر عبقريا يفري فريه ".
سورة الرحمن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الرَّحْمن) من السُّوَر المكية، وقد أبانت عن مقصدٍ عظيم؛ وهو إثباتُ عموم الرحمة لله عز وجل، وقد ذكَّر اللهُ عبادَه بنِعَمه وآلائه التي لا تُحصَى عليهم، وفي ذلك دعوةٌ لاتباع الإله الحقِّ المستحِق للعبودية، وقد اشتملت السورةُ الكريمة على آياتِ ترهيب وتخويف من عقاب الله، كما اشتملت على آياتٍ تُطمِع في رحمةِ الله ورضوانه وجِنانه.

ترتيبها المصحفي
55
نوعها
مكية
ألفاظها
352
ترتيب نزولها
97
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
76
العد الكوفي
78
العد الشامي
78

* سورة (الرَّحْمن):

سُمِّيت سورة (الرَّحْمن) بهذا الاسم؛ لافتتاحها باسم (الرَّحْمن)، وهو اسمٌ من أسماءِ الله تعالى.

* ذكَرتْ سورةُ (الرحمن) كثيرًا من فضائلِ الله على عباده:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ على أصحابِه، فقرَأَ عليهم سورةَ الرَّحْمنِ، مِن أوَّلِها إلى آخِرِها، فسكَتوا، فقال: «لقد قرَأْتُها على الجِنِّ ليلةَ الجِنِّ فكانوا أحسَنَ مردودًا منكم! كنتُ كلَّما أتَيْتُ على قولِه: {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قالوا: لا بشيءٍ مِن نِعَمِك رَبَّنا نُكذِّبُ؛ فلك الحمدُ!»». أخرجه الترمذي (٣٢٩١).

1. من نِعَم الله الظاهرة (١-١٣).

2. نعمة الخَلْق (١٤-١٦).

3. نِعَم الله في الآفاق (١٧-٢٥).

4. من لطائف النِّعَم (٢٦-٣٢).

5. تحدٍّ وإعجاز (٣٣-٣٦).

6. عاقبة المجرمين (٣٧-٤٥).

7. نعيم المتقين (٤٦-٧٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /550).

مقصدُ سورة (الرَّحْمن) هو إثباتُ الرحمةِ العامة لله عز وجل، الظاهرةِ في إنعامه على خَلْقه، وأعظمُ هذه النِّعَم هو نزول القرآن، وما تبع ذلك من نِعَم كبيرة في هذا الكون.

يقول الزَّمَخْشريُّ: «عدَّد اللهُ عز وعلا آلاءه، فأراد أن يُقدِّم أولَ شيءٍ ما هو أسبَقُ قِدْمًا من ضروب آلائه وأصناف نَعْمائه؛ وهي نعمة الدِّين، فقدَّم من نعمة الدِّين ما هو في أعلى مراتبِها وأقصى مَراقيها؛ وهو إنعامُه بالقرآن وتنزيلُه وتعليمه؛ لأنه أعظَمُ وحيِ الله رتبةً، وأعلاه منزلةً، وأحسنه في أبواب الدِّين أثرًا، وهو سَنامُ الكتب السماوية ومِصْداقها والعِيارُ عليها.

وأخَّر ذِكْرَ خَلْقِ الإنسان عن ذكرِه، ثم أتبعه إياه؛ ليعلمَ أنه إنما خلَقه للدِّين، وليحيطَ علمًا بوحيِه وكتبِه وما خُلِق الإنسان من أجله، وكأنَّ الغرض في إنشائه كان مقدَّمًا عليه وسابقًا له، ثم ذكَر ما تميَّز به من سائر الحيوان من البيان؛ وهو المنطقُ الفصيح المُعرِب عما في الضمير». "الكشاف" للزمخشري (4 /443).