تفسير سورة الرحمن

غريب القرآن

تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أخبرنا أبو جعفر. قال : حدّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السائب عن أبي خالد عن زيد بن علي عليهما السّلامُ في قولهِ تعالى :﴿ خَلَقَ الإِنسَانَ ﴾ آدم عليه السَّلامُ.
وقوله تعالى :﴿ عَلَّمَهُ البَيَانَ ﴾ معناه بيَّنَ لهُ سبيلَ الهُدى وسبيلَ الضَّلالةِ.
وقوله تعالى :﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ معناه بقدرٍ يَجريان.
وقوله تعالى :﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾ النَّجمُ : ما نَجُمَ من الأَرضِ ولم يقمْ على ساقٍ. والشَّجرُ : ما قامَ على ساقٍ.
وقوله تعالى :﴿ أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي الْمِيزَانِ ﴾ معناه لا تَجوروا. واالميزانُ : العَدلُ.
وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَانَ ﴾ معناه لا تَنقُصُوه.
وقوله تعالى :﴿ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ ﴾ معناه ذاتُ اللِّيفِ.
﴿ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ ﴾ فالعَصفُ : الذي يؤكلُ أُذنتهُ معناه أعلاه ﴿ وَالرَّيْحَانُ ﴾ الحَبُ الذي يُؤكلُ. وقال : الرِّيحانُ : الرِّزقُ.
وقوله تعالى :﴿ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ﴾ قال الإِمام زيد بن علي عليهما السلام : الصِّلصالُ : الطِّينُ اليابسُ الذي لم يُطبخْ وإذا طُبخْ فهو فَخارٌ.
والمَارجُ : الخالص.
وقوله تعالى :﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ فالأَلاءُ : النُّعماءُ واحدُها آلَّى، وأرادَ بهِ الجنَّ والإِنسَ.
وقوله تعالى :﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾ معناه مَشرقُ الشِّتاءِ، ومَشرقُ الصَّيفِ. و :
﴿ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ﴾ [ المعارج : ٤٠ ] معناه مَشرقُ كُلِّ يومٍ ومَغربُ كُلَّ يومٍ.
وقوله تعالى :﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ﴾، ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ معناه الحُلي : من الماءِ يلتقيان من العذبِ والمالحِ، وبينهما حاجزٌ من الله تعالى، فلا يَختلطان، لا يَبغي الملحُ على العذبِ، ولا العذبُ على الملحِ.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:وقوله تعالى :﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ﴾، ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ معناه الحُلي : من الماءِ يلتقيان من العذبِ والمالحِ، وبينهما حاجزٌ من الله تعالى، فلا يَختلطان، لا يَبغي الملحُ على العذبِ، ولا العذبُ على الملحِ.
واللؤلُؤ : العظامُ. والمَرجانُ : الصِّغارُ من اللؤلؤ.
وقوله تعالى :﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئَاتُ ﴾ فالجواري : السّفنُ والمُنشئاتُ : المجريات. والأَعلامُ : الجبالُ واحدُها عَلَمٌ.
وقوله تعالى :﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ قال الإِمامُ زيد بن علي عليهما السلامُ : يُجيبُ دَاعياً، أو يفكُّ عانياً. أو بُشفى سقيماً، أو يُغَّني فقيراً. أو يَرفعُ ضَعيفاً.
وقوله تعالى :﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ ﴾ معناه سَيُحاسبُكُم والثَّقلانُ : الجن والإِنسُ.
وقوله تعالى :﴿ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَتِ وَالأَرْضِ ﴾ فأَقطارُها : جَوانِبُها. وتَنفُذُوا : معناه تَفوتُوا.
وقوله تعالى :﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ [ وَنُحَاسٌ ] ﴾ معناه نارٌ تأججُ ولا دُخان لَها. والنُّحاسُ : الدُّخانُ.
وقوله تعالى :﴿ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ﴾ معناه كَلونِ الوَردِ. والدِّهانُ : جَمعُ دُهنٍ. وقال : وردةٌ حمراء. والدِّهان الجِلدُ المَبشورُ.
وقوله تعالى :﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ معناه لا يُسألُ أحدٌ عن ذنبٍ أحدٍ.
وقوله تعالى :﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ﴾ معناه بعلاماتِهِم.
وقوله تعالى :﴿ وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾ فالحَميمُ : الحَارُ. والآنُ : الذي قد انتهى حَرُهُ.
وقوله تعالى :﴿ ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ ﴾ أي أغصان. وقال الأفنانُ : هي الأغصانُ على الحيطانِ.
وقوله تعالى :﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾ فالبَطائنُ : الظّواهرُ. والإِستبرقُ ليس في صفاقةِ الدِّيباجِ ولا خفة الفَريدِ.
وقوله تعالى :﴿ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ فالجَنى : الثمارُ التي تُجنى والدَّاني : القَريبُ الذي لا يَعي الجَاني.
وقوله تعالى :﴿ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ﴾ معناه لا تَطمَحُ أبصارهنَّ إِلى غَيرِ أزواجهنَّ.
وقوله تعالى :﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ ﴾ معناه لم يَمسْهُنَّ.
وقوله تعالى :﴿ هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ ﴾ قال الإِمامُ زيد بن علي عليهما السّلامُ. فالإِحسانُ الأَولُ : هو الإيمانُ والتوحيدُ، والإِحسانُ الثاني : هو الجَنةُ.
وقوله تعالى :﴿ مُدْهَآمَّتَانِ ﴾ أي خَضراوان كالسّوادِ من شِدةِ رَيِّهِما.
وقوله تعالى :﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴾ معناه فَوارتان.
وقوله تعالى :﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾ معناه جوارٍ واحدُها خَيرةٌ.
وقوله تعالى :﴿ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴾ واحدُها حَوراءُ وهي الشَّديدةُ بياض، بياض العَينِ. والشَّديدةَ سواد، سَواد العَينِ ومقصوراتٌ أي مخدورات. في الخِيامِ : المَنازلَ.
وقوله تعالى :﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ ﴾ معناه فُرشٌ وبُسطٌ ويقال : الوسائدَ. ويقال : أرضُ الجِنةِ.
سورة الرحمن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الرَّحْمن) من السُّوَر المكية، وقد أبانت عن مقصدٍ عظيم؛ وهو إثباتُ عموم الرحمة لله عز وجل، وقد ذكَّر اللهُ عبادَه بنِعَمه وآلائه التي لا تُحصَى عليهم، وفي ذلك دعوةٌ لاتباع الإله الحقِّ المستحِق للعبودية، وقد اشتملت السورةُ الكريمة على آياتِ ترهيب وتخويف من عقاب الله، كما اشتملت على آياتٍ تُطمِع في رحمةِ الله ورضوانه وجِنانه.

ترتيبها المصحفي
55
نوعها
مكية
ألفاظها
352
ترتيب نزولها
97
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
76
العد الكوفي
78
العد الشامي
78

* سورة (الرَّحْمن):

سُمِّيت سورة (الرَّحْمن) بهذا الاسم؛ لافتتاحها باسم (الرَّحْمن)، وهو اسمٌ من أسماءِ الله تعالى.

* ذكَرتْ سورةُ (الرحمن) كثيرًا من فضائلِ الله على عباده:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ على أصحابِه، فقرَأَ عليهم سورةَ الرَّحْمنِ، مِن أوَّلِها إلى آخِرِها، فسكَتوا، فقال: «لقد قرَأْتُها على الجِنِّ ليلةَ الجِنِّ فكانوا أحسَنَ مردودًا منكم! كنتُ كلَّما أتَيْتُ على قولِه: {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قالوا: لا بشيءٍ مِن نِعَمِك رَبَّنا نُكذِّبُ؛ فلك الحمدُ!»». أخرجه الترمذي (٣٢٩١).

1. من نِعَم الله الظاهرة (١-١٣).

2. نعمة الخَلْق (١٤-١٦).

3. نِعَم الله في الآفاق (١٧-٢٥).

4. من لطائف النِّعَم (٢٦-٣٢).

5. تحدٍّ وإعجاز (٣٣-٣٦).

6. عاقبة المجرمين (٣٧-٤٥).

7. نعيم المتقين (٤٦-٧٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /550).

مقصدُ سورة (الرَّحْمن) هو إثباتُ الرحمةِ العامة لله عز وجل، الظاهرةِ في إنعامه على خَلْقه، وأعظمُ هذه النِّعَم هو نزول القرآن، وما تبع ذلك من نِعَم كبيرة في هذا الكون.

يقول الزَّمَخْشريُّ: «عدَّد اللهُ عز وعلا آلاءه، فأراد أن يُقدِّم أولَ شيءٍ ما هو أسبَقُ قِدْمًا من ضروب آلائه وأصناف نَعْمائه؛ وهي نعمة الدِّين، فقدَّم من نعمة الدِّين ما هو في أعلى مراتبِها وأقصى مَراقيها؛ وهو إنعامُه بالقرآن وتنزيلُه وتعليمه؛ لأنه أعظَمُ وحيِ الله رتبةً، وأعلاه منزلةً، وأحسنه في أبواب الدِّين أثرًا، وهو سَنامُ الكتب السماوية ومِصْداقها والعِيارُ عليها.

وأخَّر ذِكْرَ خَلْقِ الإنسان عن ذكرِه، ثم أتبعه إياه؛ ليعلمَ أنه إنما خلَقه للدِّين، وليحيطَ علمًا بوحيِه وكتبِه وما خُلِق الإنسان من أجله، وكأنَّ الغرض في إنشائه كان مقدَّمًا عليه وسابقًا له، ثم ذكَر ما تميَّز به من سائر الحيوان من البيان؛ وهو المنطقُ الفصيح المُعرِب عما في الضمير». "الكشاف" للزمخشري (4 /443).