تفسير سورة الرحمن

مجاز القرآن

تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب مجاز القرآن
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ الشّمْسُ وَالقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ جميع حساب مثل شهبان وشهاب.
﴿ وَالْنَّجْمُ وَالشّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾ الشجر ما كان على ساق والنجم ما نجم من الأرض ولم يكن على ساق ومجازها على الأشجار وثنى فعلهما على لفظهما.
﴿ أَلاّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾ أن لا تظلموا وتنقصوا.
﴿ وَلاَ تُخْسِرُوا ﴾ أي لا تظلموا وتنقصوا، بالقسط والعدل.
﴿ وَضَعَها لِلْأَنَامِ ﴾ للخلق.
﴿ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴾ واحدها كم.
﴿ وَالَحْبُ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴾ تخرج له عصيفة وهي أذنته أعلاه وهو الهبوذ وأذنه الثمام زيادته وكثرته وورقه الذي يعتصف فيؤكل قال علقمة ابن عبدة :
تَسقى مَذانبَ قد مالت عَصِيفتُها حَدُورُها من أَنِىِّ الماء مَطمومُ
طمها ملأها لم يبق فيها شيء وطم إناءه ملأه. والريحان الحب منه الذي يؤكل، يقال : سبحانك وريحانك أي رزقك قال النمر بن تولب :
سماء الإلِه ورَيْحَانُهُ وجنّته وسماءٌ دِرَرْ
﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ أي فبأي نعمة، واحدها ألىً تقديرها قفىً وقال بعضهم : تقديرها معىً ﴿ وتكذِّبان ﴾ مجازها مخاطبة الجن والإنس وهما الثقلان.
﴿ مِن صَلصَال ﴾ أي طين يابس لم يطبخ له صوت إذا نقر، فهو من يبسه :﴿ كاَلْفَخّارِ ﴾ الفخار ما طبخ بالنار.
﴿ مِن مَّارِجٍ مِنْ نَّارٍ ﴾ من خلطٍ من النار.
﴿ رَبُّ الْمَشِرقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغِربَيْنِ ﴾ أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف، فإذا قال المشارق والمغارب فمشرق كل يوم ومغرب كل يوم.
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْن يَلتَقِيانِ ﴾ مجازها مجاز قولك مرجت دابتك، خليت عنها وتركتها.
﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِياَن ﴾ ما بين كل شيئين برزخ وما بين الدنيا والآخرة برزخ.
﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجَان ﴾ المرجان صغار اللؤلؤ واحدتها مرجانة وإنما يخرج اللؤلؤ من أحدهما فخرج مخرج : أكلت خبزاً ولبناً.
﴿ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ ﴾ المجريات المرفوعات.
﴿ كَاْلأَعْلَامِ ﴾ كالجبال قال جرير يصف الإبل :
إذا قطن عَلماً بدا عَلَمْ
﴿ سَنَفْرُغُ لَكمْ أَيُّها الثَّقَلانِ ﴾ سنحاسبكم، لم يشغله شيء تبارك وتعالى
﴿ إنِ اسْتَطَعُتمْ أَنْ تَنْفُذُوا ﴾ أن تفوتوا ﴿ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ ﴾ جوانبها مجازها مجاز الفوت، والأقطار والأقتار واحد.
﴿ شُوَاظٌ ﴾ وشواظ واحد وهو النار التي تؤجج لا دخان فيها.
قال رؤبة :
إِنَّ لهم مِن وَقْعنا أقياظاً ونارَ حَرْبٍ تُسِعر الشُّواظا
﴿ وَنحَاسٌ ﴾ ونحاسٌ والنحاس الدخان، قال نابغة بني جعدة :
يضيء كضَوء سِراج السَّلي طِ لم يجعلِ الله فيه نحاسا
﴿ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدّهَانِ ﴾ من لونها، جمع دهنٍ، تمور كالدهن صافية، وردة لونها كلون الورد وهو الجل.
﴿ يُعْرَف الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهم ﴾ علاماتهم في الأصل أعلامهم.
﴿ هَذِهِ جَهَنُّم ﴾ مجازها : يقال هذه جهنم.
﴿ وَبَيْنَ حَمِيمٍ آن ﴾ بلغ إناه في شدة الحر وكل مدركٍ آن وفي آية أخرى ﴿ غَيْرَ نَاظِرينَ إِنَاه ﴾ أي إدراكه، قال نابغة بني ذبيان :
وَتُخَضْب لِحْيةٌ غَدَرت وخانت بأَحْمَرَ من نجيعِ الجَوْف آنِ
أي مدرك.
﴿ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ﴾ أغصان.
﴿ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾ يسمى المتاع الصيني الذي ليس له صفقة الديباج ولا خفة الفرند استبرقا.
﴿ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ ما يجتنى قريباً لا يعني الجاني.
﴿ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ﴾ لا تطمح أبصارهن.
﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنّ ﴾ لم يمسسهن، يقال : ما طمث هذا البعير حبل قط أي ما مسه حبلٌ.
﴿ مُدْهَامّتَانِ ﴾ من خضرتهما قد اسودتا.
﴿ عَيْنَانِ نَضّاخَتَانِ ﴾ فوراتان.
﴿ فِيهنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾ امرأة خيرة ورجل خير والجميع خيرات ورجل أخيار وخيار قال :
وَلقد طعنتُ مجَامِعَ الرَّبلَات رَبلاَت هِنْدٍ خَيْرة المَلِكاتِ
﴿ حُورٌ مَقْصُوَراتٌ فيِ الْخِيَامِ ﴾ الحوراء : الشديدة بياض بياض العين والشديدة سواد سواد العين، مقصورات : أي خدرن في الخيام والخيام البيوت والهوادج أيضاً خيام قال لبيد :
شاقتك ظُعْنٌ الحيّ يوم تحمَّلت فتكنّستْ قُطناً قصِر خِيامُهَا
وقال جرير :
متى كان الخيام بذي طلوحٍ سُقيتِ الغَيْثَ أيتها الخِيامُ
﴿ رَفْرَفٍ خُضْر ﴾ فرش والبسط أيضاً رفارف وتقول العرب كلك شيء من البسط.
﴿ عَبْقَرِيّ ﴾ ويرون أنها أرض يوشى فيها قال زهير بن أبي سلمى :
بِخيْل عليها جِنّةٌ عَبْقَرّيةٌ جَدِيرون يوماً أن ينالوا فيَستعلوا
سورة الرحمن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الرَّحْمن) من السُّوَر المكية، وقد أبانت عن مقصدٍ عظيم؛ وهو إثباتُ عموم الرحمة لله عز وجل، وقد ذكَّر اللهُ عبادَه بنِعَمه وآلائه التي لا تُحصَى عليهم، وفي ذلك دعوةٌ لاتباع الإله الحقِّ المستحِق للعبودية، وقد اشتملت السورةُ الكريمة على آياتِ ترهيب وتخويف من عقاب الله، كما اشتملت على آياتٍ تُطمِع في رحمةِ الله ورضوانه وجِنانه.

ترتيبها المصحفي
55
نوعها
مكية
ألفاظها
352
ترتيب نزولها
97
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
76
العد الكوفي
78
العد الشامي
78

* سورة (الرَّحْمن):

سُمِّيت سورة (الرَّحْمن) بهذا الاسم؛ لافتتاحها باسم (الرَّحْمن)، وهو اسمٌ من أسماءِ الله تعالى.

* ذكَرتْ سورةُ (الرحمن) كثيرًا من فضائلِ الله على عباده:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ على أصحابِه، فقرَأَ عليهم سورةَ الرَّحْمنِ، مِن أوَّلِها إلى آخِرِها، فسكَتوا، فقال: «لقد قرَأْتُها على الجِنِّ ليلةَ الجِنِّ فكانوا أحسَنَ مردودًا منكم! كنتُ كلَّما أتَيْتُ على قولِه: {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قالوا: لا بشيءٍ مِن نِعَمِك رَبَّنا نُكذِّبُ؛ فلك الحمدُ!»». أخرجه الترمذي (٣٢٩١).

1. من نِعَم الله الظاهرة (١-١٣).

2. نعمة الخَلْق (١٤-١٦).

3. نِعَم الله في الآفاق (١٧-٢٥).

4. من لطائف النِّعَم (٢٦-٣٢).

5. تحدٍّ وإعجاز (٣٣-٣٦).

6. عاقبة المجرمين (٣٧-٤٥).

7. نعيم المتقين (٤٦-٧٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /550).

مقصدُ سورة (الرَّحْمن) هو إثباتُ الرحمةِ العامة لله عز وجل، الظاهرةِ في إنعامه على خَلْقه، وأعظمُ هذه النِّعَم هو نزول القرآن، وما تبع ذلك من نِعَم كبيرة في هذا الكون.

يقول الزَّمَخْشريُّ: «عدَّد اللهُ عز وعلا آلاءه، فأراد أن يُقدِّم أولَ شيءٍ ما هو أسبَقُ قِدْمًا من ضروب آلائه وأصناف نَعْمائه؛ وهي نعمة الدِّين، فقدَّم من نعمة الدِّين ما هو في أعلى مراتبِها وأقصى مَراقيها؛ وهو إنعامُه بالقرآن وتنزيلُه وتعليمه؛ لأنه أعظَمُ وحيِ الله رتبةً، وأعلاه منزلةً، وأحسنه في أبواب الدِّين أثرًا، وهو سَنامُ الكتب السماوية ومِصْداقها والعِيارُ عليها.

وأخَّر ذِكْرَ خَلْقِ الإنسان عن ذكرِه، ثم أتبعه إياه؛ ليعلمَ أنه إنما خلَقه للدِّين، وليحيطَ علمًا بوحيِه وكتبِه وما خُلِق الإنسان من أجله، وكأنَّ الغرض في إنشائه كان مقدَّمًا عليه وسابقًا له، ثم ذكَر ما تميَّز به من سائر الحيوان من البيان؛ وهو المنطقُ الفصيح المُعرِب عما في الضمير». "الكشاف" للزمخشري (4 /443).