تفسير سورة الرحمن

تفسير ابن أبي زمنين

تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين.
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة الرحمن وهي مكية كلها.

قَوْله: ﴿علمه الْبَيَان﴾ علمه الْكَلَام
﴿الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان﴾ تَفْسِير الْكَلْبِيّ: بِحِسَاب ومنازل مَعْدُودَة، كل يَوْم منزل
﴿والنجم وَالشَّجر يسجدان﴾ النَّجْم: مَا كَانَ من النَّبَات على غير سَاق، والشجرُ مَا كَانَ على سَاق. وسجودهما ظلُّهما.
قَالَ محمدٌ: يُقَال: نَجَمَ النَّبَات ينجم نجوما، وبقل يبقل بقولا.
﴿وَالسَّمَاء رَفعهَا﴾ بَينهَا وَبَين الأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة عَام ﴿وَوضع الْمِيزَان﴾ أَي: وَجعل الْمِيزَان فِي الأَرْض بَين النَّاس
﴿أَلا تطغوا فِي الْمِيزَان﴾ أَلا تظلموا
﴿وَأقِيمُوا الْوَزْن بِالْقِسْطِ﴾ بِالْعَدْلِ ﴿وَلَا تخسروا الْمِيزَان﴾ أَي: لَا تنقصوا النَّاس.
325
قَالَ محمدٌ: يُقَال: أَخْسَرتُ الْمِيزَان وخسرت. وَالْقِرَاءَة بِضَم التَّاء.
326
﴿وَالْأَرْض وَضعهَا للأنام﴾ لِلْخلقِ
﴿فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ﴾ قَالَ الْحسن: الأكمام: الليف.
قَالَ محمدٌ: أكمام النَّخْلَة: مَا غطى جُمَّارها من السّعَف والليف والطلعة، كمها: قشرها.
قَوْله: ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾ العصف: سوق الزَّرْع، وَالريحَان: الرزْقُ فِي تَفْسِير الْكَلْبِيّ. وَكَانَ يقْرَأ ﴿وَالريحَان﴾ بِالْجَرِّ وَيجْعَل العصفَ وَالريحَان جَمِيعًا من صفة الزَّرْع، وَكَانَ الْحسن يقْرَأ (وَالريحَان) بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء أَي: وفيهَا الريحانُ. وَالريحَان فِي تَفْسِير الْحسن: الرياحين الَّتِي تُشَمُّ.
قَالَ محمدٌ: وَالْعرب تسمي الرزق. الريحان، يُقَال: خرجت أطلب ريحَان اللَّه. وَمِنْه قَول النَّمِر بْن توْلَب:
326
معنى ريحانه: رزقه.
327
قَوْله: ﴿فَبِأَي آلَاء﴾ أَي: نعماء ﴿رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ يَعْنِي: الثقلَيْن الْجِنّ وَالْإِنْس.
قَالَ محمدٌ: قيل: ذكر اللَّه - عز وَجل - فِي هَذِه السُّورَة مَا ذكر من خلق الْإِنْسَان وَتَعْلِيم الْبَيَان، وَمن خلق الشَّمْس وَالْقَمَر وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَغير ذَلِك مِمَّا ذكر من آلائه الَّتِي أنعم بهَا، وَجعلت قِوَامًا ووُصْلَةً إِلَى الْحَيَاة، ثمَّ خَاطب الْإِنْس وَالْجِنّ فَقَالَ: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ أَي: فَبِأَي نعم رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ من هَذِه الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة، أَي: أَنكُمْ تصدقُونَ بِأَن ذَلِك كُله من عِنْده، وَهُوَ أنعم بِهِ عَلَيْكُم، وَكَذَلِكَ فوحِّدوه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ غَيره، والآلاء وَاحِدهَا إِلَّا مثل مَعًا.
قَوْله: ﴿خلق الْإِنْسَان﴾ يَعْنِي: آدم ﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ وَهُوَ التُّرَاب الْيَابِس الَّذِي يُسْمَع لَهُ صلصلة إِذا حُرِّك، وَكَانَ آدم فِي حالات قبل أَن ينْفخ فِيهِ الرّوح، وَقد قَالَ فِي آيَة أُخْرَى: ﴿مِنْ طِينٍ﴾ وَقَالَ: ﴿من حمإ مسنون﴾.
قَوْله: ﴿وَخلق الجان﴾ إِبْلِيس ﴿مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾ أَي: من لِسَان النَّار ولهبها فِي تَفْسِير الحَسَن.
قَالَ مُحَمَّد: يُقَال للهب النَّار: مارجٌ لاضطرابه، من مرج الشَّيْء يَعْنِي اضْطربَ وَلم يسْتَقرّ. قَالَ الْحسن: الْإِنْس كلهم من عِنْد آخِرهم ولد آدم.
327
(ل ٣٤٨) وَالْجِنّ كلهم من عِنْد آخِرهم ولد إِبْلِيس.
تَفْسِير سُورَة الرَّحْمَن من الْآيَة ١٧ إِلَى الْآيَة ٣٠.
328
﴿رب المشرقين وَرب المغربين﴾ مشرق الشتَاء ومشرق الصَّيف، ومغرب الشتَاء ومغرب الصَّيف.
﴿مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ﴾ تَفْسِير قَتَادَة: أَفَاضَ أَحدهمَا فِي الآخر.
قَالَ محمدٌ: معنى مرج: خلط وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ قَتَادَة.
﴿بَينهمَا برزخ لَا يبغيان﴾ بَين العذب والمالح حاجزٌ من قدرَة اللَّه لَا يَبْغِي أَحدهمَا على صَاحبه، لَا يَبْغِي المالح على العذب فيختلط بِهِ، وَلَا العذب على المالح فيختلط بِهِ.
﴿يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان﴾ تَفْسِير قَتَادَة قَالَ: اللُّؤْلُؤ: الْكِبَار، والمرجان: الصغار.
قَالَ يحيى: وَمعنى (يخرج مِنْهُمَا) أَي: من أَحدهمَا.
قَالَ محمدٌ: قَالَ ﴿يخرج مِنْهُمَا﴾ وَإِنَّمَا يخرج من الْبَحْر المالح؛ لِأَنَّهُ قد
328
ذكرهمَا وجمعهما، فَإِذا خرج من أَحدهمَا فقد خرج مِنْهُمَا، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ يحيى. والواحدة: مرْجَانَة.
329
﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كالأعلام﴾ يَعْنِي: السفن الَّتِي عَلَيْهَا شُرُعها، وَهِي القُلُع.
قَالَ محمدٌ: كتبتْ بِلَا يَاء، وَمن وقف عَلَيْهَا وقف بِالْيَاءِ، وَالِاخْتِيَار وَصْلُها؛ ذكره الزَّجاجُ، وَمعنى الْمُنْشَآت: الَّتِي أُنْشئن، والأعلام: الْجبَال.
﴿كل من عَلَيْهَا﴾ يَعْنِي: على الأَرْض
﴿فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجلَال﴾ يَعْنِي: العظمة ﴿وَالْإِكْرَام﴾ لأهل طَاعَته.
﴿يسْأَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ يسْأَله أهل السَّمَاء الرَّحْمَة، ويسأله أهل الأَرْض الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة والرزق وحوائجهم، ويدعوه الْمُشْركُونَ عِنْد
329
الشدَّة، وَلَا يسْأَله الْمَغْفِرَة إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْن﴾ يُمِيت وَيحيى مَا يُولد، ويجيب دَاعيا، وَيُعْطِي سَائِلًا، ويشفي مَرِيضا، ويفك عانيًا، وشأنه كثير لَا يُحْصَى؛ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ.
قَالَ محمدٌ: قيل الْمَعْنى: هُوَ فِي تَنْفِيذ مَا قدر اللَّه أَن يكون فِي ذَلِك الْيَوْم، وَهُوَ مَذْهَب يحيى.
تَفْسِير سُورَة الرَّحْمَن من الْآيَة ٣١ إِلَى الْآيَة ٤٠.
330
﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ﴾ الْجِنّ وَالْإِنْس؛ أَي: سنحاسبكم فنعذبكم، وَهِي كلمة وَعِيد؛ يَعْنِي: الْمُشْركين مِنْهُم.
قَالَ محمدٌ: لُغَة أهل الْحجاز: فَرَغ يَفْرُغُ - بِضَم الرَّاء - فُرُوغًا، وَتَمِيم تَقول: فَرَغ يفرَغ - بِفَتْح الرَّاء - فراغا.
﴿يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين مِنْهُم ﴿إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تنفذوا من أقطار السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ من نَوَاحِيهَا (فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِحجَّة فِي تَفْسِير مُجَاهِد.
﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا﴾ يَعْنِي: الْكفَّار من الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ﴾ الشُّواظ: اللهب الَّذِي لَا دُخان فِيهِ، والنحاس: الدُّخان الَّذِي لَا
330
لَهب فِيهِ؛ هَذَا تَفْسِير ابْن عَبَّاس.
قَالَ محمدٌ: من قَرَأَ (نُحَاس) بِالرَّفْع فعلى معنى: ويُرْسَلُ عَلَيْكُمَا نُحَاس. ﴿فَلَا تنتصران﴾ تمتنعان.
331
﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً﴾ محمرة ﴿كالدهان﴾ يَعْنِي: كَعَكرِ الزَّيْت؛ فِي تَفْسِير زيد بن أسلم.
﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنس وَلَا جَان﴾ أَي: لَا يُطْلب علم ذَلِك من قبلهم.
تَفْسِير سُورَة الرَّحْمَن من الْآيَة ٤١ إِلَى الْآيَة ٤٥.
﴿يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ﴾ بسواد وُجُوههم وزرقة أَعينهم.
﴿فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام﴾ يجمع بَين ناصيته وقدَميْه من خَلفه، ثمَّ يلقى فِي النَّار.
﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا المجرمون﴾ الْمُشْركُونَ
﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ يَعْنِي: الْحَار الَّذِي انْتهى حَرُه.
قَالَ محمدٌ: أَنى يأني وَهُوَ آنٍ.
331
قَالَ يحيى: بلغنَا أَن شَجَرَة الزقوم نابتة فِي الْبَاب السَّادس من جَهَنَّم على صَخْرَة من نَار، وتحتها عيْنٌ من الْحَمِيم أسود غليظ، فيسلّط على أحدهم الْجُوع، فيُنْطلق بِهِ فيأكل مِنْهَا حَتَّى يمْلَأ بطْنَه، فتغلي فِي بَطْنه كغلي الْحَمِيم، فيطلب الشَّرَاب ليبرد بِهِ جوْفَه، فَينزل من الشَّجَرَة إِلَى تِلْكَ الْعين الَّتِي تخرج من تَحت الصَّخرة من فَوْقهَا الزقوم، وَمن تحتهَا الحميمُ، فتزل قدماه فَيَقَع لظهره وجنبه، فينشوي عَلَيْهَا كَمَا ينشوي الْحُوت على المِقلى، فتسحبه الخُزَّان على وَجهه، فينحدر إِلَى تِلْكَ العَيْنِ، فَلَا يَنْتَهِي إِلَيْهَا إِلَّا وَقد ذهب لحم وَجهه حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى تِلْكَ الْعين فيسقيه الخُزَّان فِي إِنَاء من فَإِذا (ل ٣٤٩) فِيهِ اشتوى وَجهه، وَإِذا وَضعه على شَفَتَيْه تقطعت شفتاه وتساقطت أَضْرَاسه وأنيابه من حره؛ فَإِذا اسْتَقر فِي بَطْنه أخرج مَا كَانَ فِي بَطْنه من دُبُره.
تَفْسِير سُورَة الرَّحْمَن من الْآيَة ٤٦ إِلَى الْآيَة ٦١.
332
﴿وَلمن خَافَ مقَام ربه﴾ يَعْنِي: الَّذِي يقوم بَين يَدي ربه لِلْحسابِ فِي تَفْسِير
332
الْحسن ﴿جنتان﴾ قَالَ الْحسن: هِيَ أَربع جنَّات: جنتان للسابقين وهم أَصْحَاب الْأَنْبِيَاء، وجنتان للتابعين.
333
﴿ذواتا أفنان﴾ أَغْصَان؛ يَعْنِي: ظلال الشّجر؛ فِي تَفْسِير الْحسن.
قَالَ محمدٌ: وَاحِدهَا فنن.
﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾ أَي: نَوْعَانِ.
﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إستبرق﴾ تَفْسِير الْحسن. بطائنها؛ يَعْنِي: مَا يَلِي جُلُودهمْ، والاستبرق: الصَّفيق من الديباج.
﴿وجنى الجنتين﴾ يَعْنِي: ثمارها ﴿دَان﴾ قريب يتناولون مِنْهَا وهم قعُود ومضطجعون وَكَيف شَاءُوا.
﴿فِيهِنَّ قاصرات الطّرف﴾ قصر طرْفهنَّ على أَزوَاجهنَّ لَا يُرِدْن غَيرهم ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ﴾ لم يَمْسَسْهُنَّ إنسٌ ﴿قَبْلَهُمْ وَلا جَان﴾ يَعْنِي: قبل أَزوَاجهنَّ فِي الْجنَّة بعد خلق اللَّه إياهن الْخلق الثَّانِي؛ يَعْنِي: مَا كَانَ من الْمُؤْمِنَات من نسَاء الدُّنْيَا.
قَالَ محمدٌ: من كَلَام الْعَرَب: مَا طمث هَذَا البعيرَ حَبل قطّ.
﴿كأنهن الْيَاقُوت والمرجان﴾ يُرِيد: صفاء الْيَاقُوت فِي بَيَاض المرجان.
﴿هَل جَزَاء الْإِحْسَان﴾ الْإِيمَان ﴿إِلَّا الْإِحْسَان﴾ الْجنَّة.
تَفْسِير سُورَة الرَّحْمَن من الْآيَة ٦٢ إِلَى الْآيَة ٧٨.
﴿وَمن دونهمَا﴾ يَعْنِي الجنتين اللَّتَيْنِ وصف مَا فيهمَا ﴿جنتان﴾ وَهَاتَانِ الجنتان [الأخريان] لأَصْحَاب الْيَمين الَّذين لَيْسُوا من السَّابِقين.
﴿مدهامتان﴾ يَعْنِي: حمراوين ناعمتين.
﴿فيهمَا عينان نضاختان﴾ أَي: فوَّارتان.
قَالَ محمدٌ: يُقَال: ادهامّتِ ادْهيمامًا، والنضخ الْفِعْل مِنْهُ نَضَخَ يَنْضَخُ وَيَنْضِخ، ونَضَح بِالْيَدِ بِالْحَاء غير منقوطة، والنضخُ فِي اللُّغَة أَكثر من النَّضْح.
﴿فِيهِنَّ خيرات حسان﴾ يَعْنِي: النِّسَاء، الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ: خيرة.
334
قَالَ مُحَمَّد: (خيرات) أصْلُه فِي اللُّغَة: خيراتٌ مخفف كَمَا يُقَال: هيْنٌ ليْنٌ الْمَعْنى: أَنَّهُنَّ حسان الْخلق.
335
﴿حور﴾ أَي: بيض ﴿مقصورات﴾ محبوسات ﴿فِي الْخيام﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: الخيْمة: درّة مجوَّفة فَرسَخ فِي فَرسَخ، لَهَا أَرْبَعَة آلَاف مصراع.
﴿متكئين على رَفْرَف خضر﴾ قَالَ قَتَادَة: يَعْنِي: المحابس ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حسان﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: يَعْنِي: الوسائد.
قَالَ يحيى: الْوَاحِدَة: عبقرة.
﴿تبَارك اسْم رَبك﴾ تقدَّس اسْم رَبك ﴿ذِي الْجَلالِ﴾ العظمة ﴿وَالْإِكْرَام﴾ لأهل طَاعَته.
335
تَفْسِير سُورَة الْوَاقِعَة وَهِي مَكِّيَّة كلهَا

بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير سُورَة الْوَاقِعَة من الْآيَة ١ إِلَى الْآيَة ٩.
336
سورة الرحمن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الرَّحْمن) من السُّوَر المكية، وقد أبانت عن مقصدٍ عظيم؛ وهو إثباتُ عموم الرحمة لله عز وجل، وقد ذكَّر اللهُ عبادَه بنِعَمه وآلائه التي لا تُحصَى عليهم، وفي ذلك دعوةٌ لاتباع الإله الحقِّ المستحِق للعبودية، وقد اشتملت السورةُ الكريمة على آياتِ ترهيب وتخويف من عقاب الله، كما اشتملت على آياتٍ تُطمِع في رحمةِ الله ورضوانه وجِنانه.

ترتيبها المصحفي
55
نوعها
مكية
ألفاظها
352
ترتيب نزولها
97
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
76
العد الكوفي
78
العد الشامي
78

* سورة (الرَّحْمن):

سُمِّيت سورة (الرَّحْمن) بهذا الاسم؛ لافتتاحها باسم (الرَّحْمن)، وهو اسمٌ من أسماءِ الله تعالى.

* ذكَرتْ سورةُ (الرحمن) كثيرًا من فضائلِ الله على عباده:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ على أصحابِه، فقرَأَ عليهم سورةَ الرَّحْمنِ، مِن أوَّلِها إلى آخِرِها، فسكَتوا، فقال: «لقد قرَأْتُها على الجِنِّ ليلةَ الجِنِّ فكانوا أحسَنَ مردودًا منكم! كنتُ كلَّما أتَيْتُ على قولِه: {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قالوا: لا بشيءٍ مِن نِعَمِك رَبَّنا نُكذِّبُ؛ فلك الحمدُ!»». أخرجه الترمذي (٣٢٩١).

1. من نِعَم الله الظاهرة (١-١٣).

2. نعمة الخَلْق (١٤-١٦).

3. نِعَم الله في الآفاق (١٧-٢٥).

4. من لطائف النِّعَم (٢٦-٣٢).

5. تحدٍّ وإعجاز (٣٣-٣٦).

6. عاقبة المجرمين (٣٧-٤٥).

7. نعيم المتقين (٤٦-٧٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /550).

مقصدُ سورة (الرَّحْمن) هو إثباتُ الرحمةِ العامة لله عز وجل، الظاهرةِ في إنعامه على خَلْقه، وأعظمُ هذه النِّعَم هو نزول القرآن، وما تبع ذلك من نِعَم كبيرة في هذا الكون.

يقول الزَّمَخْشريُّ: «عدَّد اللهُ عز وعلا آلاءه، فأراد أن يُقدِّم أولَ شيءٍ ما هو أسبَقُ قِدْمًا من ضروب آلائه وأصناف نَعْمائه؛ وهي نعمة الدِّين، فقدَّم من نعمة الدِّين ما هو في أعلى مراتبِها وأقصى مَراقيها؛ وهو إنعامُه بالقرآن وتنزيلُه وتعليمه؛ لأنه أعظَمُ وحيِ الله رتبةً، وأعلاه منزلةً، وأحسنه في أبواب الدِّين أثرًا، وهو سَنامُ الكتب السماوية ومِصْداقها والعِيارُ عليها.

وأخَّر ذِكْرَ خَلْقِ الإنسان عن ذكرِه، ثم أتبعه إياه؛ ليعلمَ أنه إنما خلَقه للدِّين، وليحيطَ علمًا بوحيِه وكتبِه وما خُلِق الإنسان من أجله، وكأنَّ الغرض في إنشائه كان مقدَّمًا عليه وسابقًا له، ثم ذكَر ما تميَّز به من سائر الحيوان من البيان؛ وهو المنطقُ الفصيح المُعرِب عما في الضمير». "الكشاف" للزمخشري (4 /443).

(سَلَامُ الإِلَهِ وَرَيْحانُهُ وَرَحْمَتُهُ وَسَمَاءٌ دِرَرْ)