ﰡ
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١ الى ١٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩)
وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠) فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣)
اللغة:
(الْبَيانَ) في اللغة: المنطق الفصيح المعرب عمّا في الضمير، وفي الاصطلاح أحد فنون البلاغة الثلاثة وهو يبحث في التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية وقد تقدمت أمثلتها في هذا الكتاب.
(النَّجْمُ) من النبات ما لم يقم على ساق نحو العشب والبقل والشجر ما قام على ساق وأصله الطلوع يقال: نجم القرن والنبات إذا طلعا وبه سمي نجم السماء وقيل نجم السماء وحده وأراد به جميع النجوم.
(القسط) العدل إنما فعلوه مستقيما بالعدل وقال أبو عبيدة:
الإقامة باليد والقسط بالقلب.
(الْأَكْمامِ) جمع كم وهو وعاء الزهرة وفي الصحاح: «والكم بالكسر والكمامة وعاء الطلع وغطاء النور والجمع كمام وأكمة وأكمام وأكاميم أيضا والكمام بالكسر والكمامة أيضا ما يكمّ به فم البعير لئلا يعضّ يقال منه بعير مكموم أي محجوم وتكممت الشيء غطيته والكم ما ستر شيئا وغطّاه ومنه كمّ القميص بالضم والجمع كمام وكممة والكمّة القلنسوة المدورة لأنها تغطّي الرأس».
(الْعَصْفِ) الذي يعصف فيؤكل من الزرع وقيل: العصف ورق كل شيء يخرج منه الحب.
(الرَّيْحانُ) في المختار: «الريحان نبت معروف وهو الرزق أيضا، والعصف ساق الزرع والريحان ورقه عند الفرّاء» وقيل العصف التبن وفي الأساس «وصاروا كعصف الزرع وهو حطام التبن ودقاقه».
(آلاءِ) نعم واحدها إلى، وألى مثل معى وحصى وإلى وألي أربع نعات.
(الرَّحْمنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ) الرحمن مبتدأ وجملة علم القرآن خبر وقد تعددت الأخبار في الأفعال التي وردت خلوّا من العاطف على نمط التعديد وإقامة الحجة على الكافرين، وهذا عند من لا يرى الرحمن آية ومن عدّها آية أعرف الرحمن خبر لمبتدأ محذوف أي الله الرحمن أو مبتدأ خبره محذوف أي الرحمن ربنا وعلّم يتعدى إلى مفعولين حذف أولهما لشموله أي علم من يتعلم وهذا أولى من تخصيص المفعول الأول المحذوف بواحد معين (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به وعلّمه البيان فعل ماض وفاعل مستتر ومفعولاه والألف واللام في الإنسان للجنس (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) الشمس مبتدأ والقمر عطف عليه وبحسبان خبر الشمس (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) عطف على ما تقدم وجملة يسجدان خبر النجم (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) الواو عاطفة والسماء مفعول به بفعل محذوف يفسره المذكور وجملة رفعها مفسرة لا محل لها ووضع الميزان فعل وفاعل مستتر ومفعول به (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) أن مصدرية ولا نافية وتطغوا فعل مضارع منصوب بأن المصدرية وأن وما بعدها في محل نصب بلام العلّة مقدّرة والجار والمجرور في محل نصب مفعول لأجله ويجوز أن تكون أن مفسّرة ولا ناهية وتطغوا مجزوم بلا فإن قيل إن من شرط المفسّرة أن تكون مسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه قلنا: إن وضع الميزان يستدعي كلاما من الأمر بالعدل فيه (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) الواو حرف عطف وأقيموا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والوزن مفعول به وبالقسط حال أي افعلوه مستقيما بالعدل والواو حرف عطف ولا ناهية وتخسروا فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل والميزان مفعول به (وَالْأَرْضَ وَضَعَها
الواو حرف عطف والأرض مفعول به لفعل محذوف يفسّره المذكور وجملة وضعها مفسّره لا محل له وللأنام متعلقان بوضعها أي وطأها وجعلها مدحوة للخلق (فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) فيها خبر مقدم وفاكهة مبتدأ مؤخر والنخل عطف على فاكهة وذات الأكمام صفة للنخل والجملة في محل نصب على الحال من الأرض (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) عطف على ما تقدم فالثلاثة في قراءة العامة معطوفات على فاكهة وفي قراءة ابن عامر بنصب الثلاثة بفعل محذوف تقديره خلق (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) الفاء الفصيحة وبأي متعلقان بتكذبان وآلاء مضاف إليه وربكما مضاف لآلاء وتكذبان فعل مضارع مرفوع بثبوت النون وألف التثنية فاعل والخطاب للثقلين الإنس والجن وسيصرّح به. هذا وقد تكررت هذه الآية إحدى وثلاثين مرة وسيأتي السر في تكريرها في باب البلاغة.
البلاغة:
١- التكرير: في قوله «فبأيّ آلاء ربكما تكذبان» تكرير عذب وقد تقدم القول فيه والسر في تكرير الآية عقب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه وبعد آيات فيها ذكر النار وشدائدها لأن من جملة الآلاء رفع البلاء وتأخير العقاب والتقرير بالنعم المعدودة والتأكيد في التذكير بها كلها ولأن من علامات العاطفة المحتدمة هذا التكرير، قالت ليلى الأخيلية ترثي توبة بن الحميّر:
لنعم الفتى يا توب كنت ولم تكن | لتسبق يوما كنت فيه تحاول |
ونعم الفتى يا توب كنت لخائف | أتاك لكي تحمي ونعم المجامل |
ونعم الفتى يا توب كنت إذا التقت | صدور المعالي واستثال الأسافل |
ونعم الفتى يا توب جارا وصاحبا | ونعم الفتى يا توب حين تناضل |
وإن الفئام التي حوله | لتحسد أرجلها الأرؤس |
٤- في قوله «والأرض وضعها للأنام» إلى آخر الآيات التي عدد فيها سبحانه آلاءه دليل على أن التشدد وسلوك الطريق الأصعب الذي يشقّ على المكلف ليسا محمودين لأن الشرع لم يقصد إلى تعذيب النفس، وقد روي عن الربيع بن زياد الحارثي أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أعدني على أخي عاصم قال: فما باله؟ قال لبس العباءة يريد النسك فقال علي رضي الله عنه: عليّ به فأتي به مؤتزرا بعباءة مرتديا لأخرى شعث الرأس واللحية فعبس في وجهه وقال:
ويحك أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أباح لك الطيبات وهو يكره أن تنال منها شيئا؟ بل أنت أهون على الله من ذلك، أما سمعت الله يقول في كتابه: «والأرض وضعها للأنام» إلى قوله «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان» أفترى الله أباح هذه لعباده إلا ليبتذلوه ويحمدوا الله عليه فيثيبهم عليه وإن ابتذالك نعم الله بالفعل خير منه بالقول، قال عاصم فما بالك في خشونة مآكلك وخشونة ملبسك؟ قال ويحك إن الله فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بصفة الناس.
هذا وقد كان النبي ﷺ يأكل الطيب إذا وجده وكان يحبّ الحلواء والعسل ويعجبه لحم الذراع ويستعذب له الماء فأين التشديد من هذا وإذن فالاقتصار على البشع في المأكول من غير عذر تنطّع.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٤ الى ٣٠]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨)
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٣)
وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٥) كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٨)
يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٠)
(صَلْصالٍ) الصلصال: الطين اليابس له صلصلة أي صوت إذا نقر.
(الفخار) الطين المطبوخ بالنار وهو الخزف.
(الْجَانَّ) أبو الجن وأل فيه للجنس.
(مارِجٍ) المارج: اللهب الصافي الذي لا دخان فيه وقيل هو المختلط بسواد النار من مرج الشيء إذا اضطرب واختلط.
(مَرَجَ) خلط ومعنى مرج البحرين خلط البحرين العذب والملح
(بَرْزَخٌ) البرزخ الحاجز بين الشيئين وجمعه برازخ.
(اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) الدرّ والمرجان: هذا الخرز الأحمر، وقال القاضي أبو يعلى: «أنه ضرب من اللؤلؤ كالقضبان والمرجان اسم أعجمي معرب» وقال ابن دريد: «لم أسمع فيه نقل متصرف» وقال الأعشى:
من كل مرجانة في البحر أحرزها | تيارها ووقاها طينها الصدف |
(الجواري) السفن وهي جمع جارية قال الترمذي «فالفلك أولا ثم السفينة ثم الجارية سمّيت بذلك لأنها تجري في الماء».
(كَالْأَعْلامِ) الأعلام: جمع علم وهو الجبل قالت الخنساء:
وإن صخرا لتأتم الهداة به | كأنه علم في رأسه نار |
(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) كلام مستأنف مسوق للتوبيخ على إخلالهم بواجب شكر المنعم على إنعامه، وخلق فعل ماض وفاعله مستتر يعود على الله تعالى والإنسان مفعول به ومن صلصال متعلقان بخلق وكالفخار صفة لصلصال (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ)
البلاغة:
١- في قوله «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان» فن الاتساع وقد تقدم القول فيه مفصلا، فقد أسند الخروج إلى اللؤلؤ والمرجان لأنه إذا أخرج ذلك فقد خرج وقال يخرج منهما ولم يقل من أحدهما لأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد ساغ أن يقول منهما وقد تقدم القول في مثله وهو قوله «لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم» وإنما أريد إحدى القريتين وكما تقول فلان من أهل ديار الشام وإنما بلده واحد منها.
٢- وفي قوله «وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام» تشبيه مرسل فقد شبّه السفن وهي تمخر عباب البحر رائحة جائية بالجبال، وقد استهوى هذا التشبيه الشعراء فاقتبسوه قال ابن الرومي:
أين فلك فيها وفلك إليها | منشآت في البحر كالأعلام |
أحبك يا ظلوم وأنت عندي | مكان الروح من جسد الجبان |
ولو أني أقول مكان روحي | خشيت عليك بادرة الطعان |
إن تغدفي دوني القناع فإنني | طب يأخذ الفارس المستلئم |
إنني طب بأخذ الفارس المستلئم، أي إن تتبرقعي دوني فإني خبير لدريتي بالحرب بأخذ الفارس الذي سترته لأمته وحالت دوني ودون مقابلته، فأبرز الجدّ في صورة الهزل وجاء في بيته مع الافتنان التندير الطريف، والتعبير عن المعنى باللفظ الشريف.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣١ الى ٤٥]
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠)
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥)
(سَنَفْرُغُ) قال الزجّاج: «إن الفراغ في اللغة على ضربين أحدهما الفراغ من الشغل والآخر القصد للشيء والإقبال عليه كما هنا وهو تهديد ووعيد، تقول قد فرغت مما كنت فيه أي قد زال شغلي به وتقول سأفرغ لفلان أي سأجعله قصدي فهو على سبيل التمثيل، شبّه تدبيره تعالى أمر الآخرة من الأخذ في الجزاء وإيصال الثواب والعقاب إلى المكلفين بعد تدبيره تعالى لأمر الدنيا بالأمر والنهي والإماتة والإحياء والمنع والإعطاء، وأنه لا يشغله شأن عن شأن بحال من إذا كان في شغل يشغله عن شغل آخر إذا فرغ من ذلك الشغل شرع في آخر».
ويتلخص مما تقدم أن الفراغ من صفات الأجسام التي تحلّها الأعراض وتشغلها عن الأضداد في تلك الحال ولذلك وجب أن يكون في صفة القديم تعالى مجازا.
(الثَّقَلانِ) أصله من الثقل وكل شيء له وزن وقدر فهو ثقل ومنه قيل لبيض النعامة ثقل قال:
فتذكرا ثقلا رتيدا بعد ما | ألقت ذكاء يمينها في كافر |
«وأخرجت الأرض أثقالها» أي أخرجت ما فيها من الموتى، والعرب تجعل السيد الشجاع ثقلا على الأرض، قالت الخنساء:
أبعد ابن عمرو من آل الشريد | حلّت به الأرض أثقالها |
(بِسُلْطانٍ) بقوة وقهر وغلبة.
(شُواظٌ) الشواظ بضم الشين وكسرها، قال أبو عبيدة: هو اللهب لا دخان فيه، وقال رؤبة:
إنّ لهم من حربنا إيقاظا | ونار حرب تسعر الشواظا |
تضيء كضوء سراج السلي | ط لم يجعل الله فيه نحاسا |
(كَالدِّهانِ) في الدهان قولان أحدهما أنه جمع دهن نحو قرط وقراط ورمح ورماح وهو في معنى قوله: يوم تكون السماء كالمهل وهو دردي الزيت والثاني أنه اسم مفرد، وقال الزمخشري: «اسم لما يدهن به كالجزام والإدام» وقيل هو الأديم الأحمر.
(بِسِيماهُمْ) السيما مشتق من السوم وهو رفع الثمن عن مقداره والعلامة ترفع باظهارها لتقع المعرفة بها.
(بِالنَّواصِي) جمع ناصية وهي شعر مقدّم الرأس وأصله الاتصال فالناصية متصلة بالرأس.
(حَمِيمٍ) : ماء حار.
(آنٍ) شديد الحرارة وفعله أنّى يأني أنيا.
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) كلام مستأنف مسوق للتهديد والوعيد، والسين حرف استقبال ونفرغ فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن ولكم متعلقان بنفرغ وأيّه الثقلان منادى نكرة مقصودة حذف منه حرف النداء والثقلان بدل من أيّه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا)
يا حرف نداء ومعشر الجن منادى مضاف والإنس عطف على الجن وإن شرطية واستطعتم فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وأن حرف مصدري ونصب وتنفذوا فعل مضارع منصوب بأن وأن وما في حيزها في موضع نصب مفعول استطعتم ومن أقطار السموات والأرض متعلقان بتنفذوا، فانفذوا: الفاء رابطة لجواب الشرط لأن الجواب طلب وانفذوا فعل أمر والواو فاعل والمراد بالأمر هنا التعجيز (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) لا نافية وتنفذون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل وإلا أداة حصر وبسلطان متعلقان بتنفذون (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) الجملة مستأنفة ويرسل فعل مضارع مبني للمجهول وعليكما متعلقان بيرسل وشواظ نائب فاعل ومن نار نعت لشواظ ونحاس عطف على شواظ وقرئ بالجر عطفا على نار وعبارة القرطبي: «وقرأ ابن كثير وابن محيصن ومجاهد وأبو عمرو: ونحاس بالخفض عطفا على النار، قال المهدوي: من قال: إن الشواظ النار والدخان جميعا فالجر في نحاس هذا تبيين، فأما الجر على قول من جعل الشواظ اللهب الذي لا دخان فيه فبعيد لا يسوغ إلا على تقدير حذف موصوف فكأنه قال يرسل عليكما شواظ من نار وشيء من نحاس فشيء معطوف على شواظ ومن نحاس جار ومجرور صفة لشيء وحذفت من لتقدّم ذكرها في من نار
إعرابها.
البلاغة:
في قوله «فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان» تشبيه تمثيلي، أراد بالوردة الغرس، والوردة تكون في الربيع أميل إلى الصفرة فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء فإذا كان بعد ذلك كانت وردة أميل إلى الغبراء فشبّه تلوّن السماء حال انشقاقها بالوردة وشبّهت الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه.
فالتشبيه تمثيلي كما ترى مركب من قسمين أو صورتين متعاقبتين صورة السماء منشقة وصورة الوردة ثم صورة الدهان والصورتان الأخيرتان لتوضيع وجه الشبه وهو أحوال تلونها فهي في الربيع صفراء وفي الشتاء حمراء ثم غبراء داكنة عند الذبول وهذا التلوّن التدريجي من اللون الناصع إلى اللون الداكن يشبه أيضا لون الدهن وقد عملت فيه النار فاشتعل بلون أصفر ثم بدت ألسنته محمرّة إذ آذن بالانطفاء ثم يتحوّل إلى رماد داكن.
وقال الملحدون: ما وجه الشبه في «فكانت وردة كالدّهان» وتكرير «فبأي آلاء ربكما تكذبان» بعد ذكر العذاب مثل يرسل عليكما
يوم تكون السماء كالمهل فيمن قال: المهل الزيت المغلي وقيل الدهان الجلد الأحمر، وأما الجواب عن الثاني فإن من أنذرك وخوفك من عاقبة ما تصير إليه فقد أنعم عليك، ألا تراه سبحانه قد قال: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، وقد علمنا أنه بعث بشيرا لمن آمن ونذيرا لمن كفر فجعل الإنذار رحمة كما جعل التبشير وكذا كل من عليها فان، فإذا انشقّت السماء، فيه إنعام على الخلق حيث أعلمهم بما كانوا يجهلونه وحذّرهم بما يصيرون إليه وقد جعل سبحانه التحذير رأفة بقوله:
ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٦ الى ٦١]
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥)
فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١)
(أَفْنانٍ) أغصان جمع فنن أو هي الأغصان الدقيقة التي تتفرغ من فروع الشجر، وخصّت بالذكر لأنها تورق وتثمر وتمدّ الظل.
(إِسْتَبْرَقٍ) ديباج غليظ والبطان جمع بطانة وهو باطن الظهارة وقيل إن الظهار من سندس وهو مارق من الديباج.
(جَنَى) الجنى: الثمرة التي قد أدركت على الشجرة.
(دانٍ) قريب يناله القائم والقاعد والنائم.
(قاصِراتُ الطَّرْفِ) المقصورة المحبوسة ويقال قصيرة وقصورة أي مخدّرة قال كثير:
وأنت التي حبّبت كل قصيرة | إليّ ولم تشعر بذاك القصائر |
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد | قصار الخطا شر النساء البحاتر |
من القاصرات الطرف لو دبّ محول | من الذر فوق الأتب منها لأثرا |
(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) لم يفتضهن وهنّ من الحور أو من نساء الدنيا
(الْياقُوتُ) جوهر نفيس أحمر اللون يقال أن النار لا تؤثر فيه قال:
ألقني في لظى فإن غيّرتني | فتيقن أن لست بالياقوت |
ياقوت ياقوت قلب المستهام به | من المروءة أن لا يمنع القوت |
سكنت قلبي وما تخشى تلهبه | وكيف يخشى لهيب النار ياقوت |
الإعراب:
(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) الواو عاطفة ولمن خبر مقدم وجملة خاف صلة من ومقام ربه مفعول به وهو يحتمل أن يكون اسم مكان وأن يكون مصدرا ميميا وعندئذ يحتمل معنيين الأول أنه بمعنى قيام الله عزّ وجلّ على الخلائق والثاني أنه بمعنى قيام الخلائق بين يديه تعالى وجنتان مبتدأ مؤخر والمراد جنة واحدة وإنما ثنّى مراعاة للفواصل، وعبارة الزمخشري «فإن قلت لم قال جنتان قلت: الخطاب للثقلين فكأنه قيل لكل خائفين منكما جنتان جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجنّي ويجوز أن يقال جنة لفعل الطاعات وجنة لترك المعاصي» (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدّم إعرابها (ذَواتا أَفْنانٍ) ذواتا صفة لجنتان وأفنان
ومن كل أفنان اللذاذة والصبا | لهوت به والعيش أخضر ناضر |
البلاغة:
١- في قوله «فيهنّ قاصرات الطرف» فن الإرداف وقد تقدم أنه أن يريد المتكلم معنى فلا يعبّر عنه بلفظه الموضوع له بل بلفظ هو ردف المعنى الخاص وتابعه قريب من لفظ المعنى الخاص قرب الرديف من الردف، والمعنى في الآية- كما قلنا- فيهنّ عفيفات قد قصرت عفّتهنّ طرفهن على بعولتهنّ، وعدل عن المعنى الخاص إلى لفظ الإرداف لأن كلّ من عفّ غضّ الطرف عن الطموح، فقد يمتد نظر الإنسان إلى شيء وتشتهيه نفسه ويعفّ عنه مع القدرة عليه لأمر آخر، وقصر طرف المرأة على بعلها أو قصر طرفها حياء وخفرا أو قصر عيني من ينظر إليهنّ عن النظر إلى غيرهنّ أمر زائد على العفّة لأن من لا يطمح طرفها لغير بعلها أو لا يطمح حياء وخفرا فإنها ضرورة تكون عفيفة، فكل قاصرة الطرف عفيفة وليست كل عفيفة قاصرة الطرف فلذلك عدل عن اللفظ الخاص إلى لفظ الإرداف.
٢- في قوله «كأنهنّ الياقوت والمرجان» تشبيه مرسل مجمل لوجود الأداة، أما وجه الشبه فهو الصفاء، وعن ابن مسعود رضي الله
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ في قوله: كأنهنّ الياقوت والمرجان قال: ينظر إلى وجهه في خدّها أصفى من المرآة وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب وإنه ليكون عليها سبعون حلّة ينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك. وسيأتي مزيد من وصف نساء الجنة في سورة الواقعة.
الفوائد:
(هَلْ) ترد في الكلام على أربعة أوجه:
١- تكون بمعنى «قد» كقوله: «هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا».
٢- وبمعنى الاستفهام كقوله: «فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا».
٣- وبمعنى الأمر كقوله: «فهل أنتم منتهون».
٤- وبمعنى الجحد كقوله: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان».
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٦٢ الى ٧٨]
وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١)
حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨)
(مُدْهامَّتانِ) في المختار: «دهمهم الأمر غشيهم وبابه فهم وكذا دهمتهم الخيل، ودهمهم بفتح الهاء لغة والدهمة السواد يقال فرس أدهم وبعير أدهم وناقة دهماء وإدهام ادهيماما أي اسودّ قال الله تعالى:
مدهامتان أي سوداوان من شدّة الخضرة من الري والعرب تقول لكل شيء أخضر أسود وسمّيت قرى العراق سوادا لكثرة خضرتها، والشاة الدهماء الحمراء الخالصة الحمرة ويقال للقيد أدهم» وفي القاموس:
«وحديقة دهماء ومدهامة خضراء تضرب إلى السواد نعمة وربا ومنه مدهامتان».
َضَّاخَتانِ)
: فوارتان بالماء لا تنقطعان والنضخ أكثر من النضح لأن النضح بالحاء المهملة الرش وبالخاء المعجمة كالبزل والنضاخة الفوارة التي ترمي بالماء صعدا.
(مَقْصُوراتٌ) قصرن في خدورهنّ، يقال امرأة قصيرة وقصورة ومقصورة أي مخدّرة.
(رَفْرَفٍ) جمع رفرفة أي بسط أو وسائد فهو اسم جمع أو اسم جنس جمعي وفي القاموس: «والرفرف ثياب خضر تتخذ منها المحابس وتبسط، وكسر الخباء وجوانب الدرع وما تدلى منها وما تهدّل من أغصان الأيكة، وفضول المحابس والفرش وكل ما فضل فثني، والفراش، وسمك بحري وشجر ينبت باليمن والروشن والوسادة والبظر والشجر الناعم المسترسل والرياض والبسط وخرقة تخاط في أسفل السرادق والفسطاط والرقيق من ثياب الديباج».
(عَبْقَرِيٍّ) منسوب إلى عبقر وتزعم العرب أنه اسم لبلد الجن فينسبون إليه كل شيء عجيب، قال في القاموس: «عبقر موضع كثير الجن وقرية بناؤها في غاية الحسن» والعبقري الكامل من كل شيء وقال الخليل: «النفيس من الرجال وغيرهم» وقال قطرب: «ليس هو من المنسوب بل هو بمنزلة كرسي وبختي».
الإعراب:
(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) من دونهما خبر مقدم وجنتان مبتدأ مؤخر أي من دون تينك الجنتين المتقدمين جنتان في المنزلة وحسن المنظر وهذا على رأي من جعل الأولتين أفضل من الآخرتين وقيل بالعكس ورجحه
الجملة نعت ثان لجنتان وفيهما خبر مقدّم وعينان مبتدأ مؤخر ونضاختان نعت عينان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) فيها خبر مقدّم وفاكهة مبتدأ مؤخر ونخل عطف على فاكهة ورمان عطف على نخل، وسيأتي معنى التخصيص في باب البلاغة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) فيهنّ خبر مقدم وخيرات مبتدأ مؤخر وحسان صفة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها. (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) حور بدل من خيرات لأن خيرات فيه وجهان أحدهما أنه جمع خيرة بوزن فعلة بسكون العين يقال امرأة خيرة وأخرى شرّة والثاني أنه جمع خيرة المخفّف من خيرة بالتشديد ويدل على ذلك قراءة خيرات بتشديد الياء ويجوز لك أن تعرب حورا خبرا لمبتدأ مضمر أي هنّ حور أو مبتدأ حذف خبره أي فهنّ حور ومقصورات نعت لحور وفي الخيام متعلقان بمقصورات (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها من قبل (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) حال حذف عامله أي يتنعمون أو نصب على المدح واقتصر عليه الزمخشري، وهو عائد على من خاف مقام ربه، وعلى رفرف متعلقان بمتكئين وخضر نعت وعبقري عطف على رفرف وحسان نعت لرفرف خضر وعبقري (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) تقدم إعرابها (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) تبارك فعل ماض واسم ربك فاعله وذي صفة لرب والجلال مضاف إليه والإكرام عطف على الجلال وقيل أن اسم صلة لمعنى تبارك ربك قال لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما | ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر |