تفسير سورة الشمس

الجامع لأحكام القرآن

تفسير سورة سورة الشمس من كتاب الجامع لأحكام القرآن
لمؤلفه القرطبي . المتوفي سنة 671 هـ

وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا
قَالَ مُجَاهِد :" وَضُحَاهَا " أَيْ ضَوْءُهَا وَإِشْرَاقهَا.
وَهُوَ قَسَم ثَانٍ.
وَأَضَافَ الضُّحَى إِلَى الشَّمْس ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُون بِارْتِفَاعِ الشَّمْس.
وَقَالَ قَتَادَة : بَهَاؤُهَا.
السُّدِّيّ : حَرّهَا.
وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس :" وَضُحَاهَا " قَالَ : جَعَلَ فِيهَا الضَّوْء وَجَعَلَهَا حَارَّة.
وَقَالَ الْيَزِيدِيّ : هُوَ اِنْبِسَاطهَا.
وَقِيلَ : مَا ظَهَرَ بِهَا مِنْ كُلّ مَخْلُوق فَيَكُون الْقَسَم بِهَا وَبِمَخْلُوقَاتِ الْأَرْض كُلّهَا.
حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَالضُّحَا : مُؤَنَّثَة.
يُقَال : اِرْتَفَعَتْ الضُّحَا، وَهِيَ فَوْق الضَّحْو.
وَقَدْ تُذَكَّر.
فَمَنْ أَنَّثَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا جَمْع ضَحْوَة.
وَمَنْ ذَكَّرَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ اِسْم عَلَى فِعْل، نَحْو صُرَد وَنُغَر.
وَهُوَ ظَرْف غَيْر مُتَمَكِّن مِثْل سَحَر.
تَقُول : لَقِيته ضُحًا وَضُحَا إِذَا أَرَدْت بِهِ ضُحَا يَوْمك لَمْ تُنَوِّنْهُ.
وَقَالَ الْفَرَّاء : الضُّحَا هُوَ النَّهَار كَقَوْلِ قَتَادَة.
وَالْمَعْرُوف عِنْد الْعَرَب أَنَّ الضُّحَا : النَّهَار كُلّه، فَذَلِكَ لِدَوَامِ نُور الشَّمْس، وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ نُور الشَّمْس أَوْ حَرّهَا، فَنُور الشَّمْس لَا يَكُون إِلَّا مَعَ حَرّ الشَّمْس.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ الضُّحَى حَرّ الشَّمْس بِقَوْلِهِ تَعَالَى :" وَلَا تَضْحَى " [ طه : ١١٩ ] أَيْ لَا يُؤْذِيك الْحَرّ.
وَقَالَ الْمُبَرِّد : أَصْل الضُّحَا مِنْ الضِّحّ، وَهُوَ نُور الشَّمْس، وَالْأَلِف مَقْلُوبَة مِنْ الْحَاء الثَّانِيَة.
تَقُول :" ضَحْوَة وَضَحَوَات، وَضَحَوَات وَضُحَا، فَالْوَاو مِنْ ضَحْوَة مَقْلُوبَة عَنْ الْحَاء الثَّانِيَة، وَالْأَلِف فِي ضُحَا مَقْلُوبَة عَنْ الْوَاو.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم : الضِّحّ : نَقِيض الظِّلّ، وَهُوَ نُور الشَّمْس عَلَى وَجْه الْأَرْض، وَأَصْله الضُّحَا فَاسْتَثْقَلُوا الْيَاء مَعَ سُكُون الْحَاء، فَقَلَبُوهَا أَلِفًا.
وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا
أَيْ تَبِعَهَا : وَذَلِكَ إِذَا سَقَطَتْ رِيءَ الْهِلَال.
يُقَال : تَلَوْت فُلَانًا : إِذَا تَبِعْته.
قَالَ قَتَادَة : إِنَّمَا ذَلِكَ لَيْلَة الْهِلَال، إِذَا سَقَطَتْ الشَّمْس رِيءَ الْهِلَال.
وَقَالَ اِبْن زَيْد : إِذَا غَرَبَتْ الشَّمْس فِي النِّصْف الْأَوَّل مِنْ الشَّهْر، تَلَاهَا الْقَمَر بِالطُّلُوعِ، وَفِي آخِر الشَّهْر يَتْلُوهَا بِالْغُرُوبِ.
الْقُرَّاء :" تَلَاهَا " : أَخَذَ مِنْهَا، يَذْهَب إِلَى أَنَّ الْقَمَر يَأْخُذ مِنْ ضَوْء الشَّمْس.
وَقَالَ قَوْم :" وَالْقَمَر إِذَا تَلَاهَا " حِين اِسْتَوَى وَاسْتَدَارَ، فَكَانَ مِثْلهَا فِي الضِّيَاء وَالنُّور وَقَالَهُ الزَّجَّاج.
وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا
أَيْ كَشَفَهَا.
فَقَالَ قَوْم : جَلَّى الظُّلْمَة وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْر كَمَا تَقُول : أَضْحَتْ بَارِدَة، تُرِيد أَضْحَتْ غَدَاتُنَا بَارِدَة.
وَهَذَا قَوْل الْفَرَّاء وَالْكَلْبِيّ وَغَيْرهمَا.
وَقَالَ قَوْم : الضَّمِير فِي " جَلَّاهَا " لِلشَّمْسِ وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يُبَيِّن بِضَوْئِهِ جِرْمهَا.
وَمِنْهُ قَوْل قَيْس بْن الْخَطِيم :
تَجَلَّتْ لَنَا كَالشَّمْسِ تَحْتَ غَمَامَةً بَدَا حَاجِبٌ مِنْهَا وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ
وَقِيلَ : جَلَّى مَا فِي الْأَرْض مِنْ حَيَوَانهَا حَتَّى ظَهَرَ، لِاسْتِتَارِهِ لَيْلًا وَانْتِشَاره نَهَارًا.
وَقِيلَ : جَلَّى الدُّنْيَا.
وَقِيلَ : جَلَّى الْأَرْض وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْر وَمِثْله قَوْله تَعَالَى :" حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ " [ ص : ٣٢ ] عَلَى مَا تَقَدَّمَ آنِفًا.
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا
أَيْ يَغْشَى الشَّمْس، فَيَذْهَب بِضَوْئِهَا عِنْد سُقُوطهَا قَالَهُ مُجَاهِد وَغَيْره.
وَقِيلَ : يَغْشَى الدُّنْيَا بِالظُّلْمِ، فَتُظْلِم الْآفَاق.
فَالْكِنَايَة تَرْجِع إِلَى غَيْر مَذْكُور.
وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا
أَيْ وَبُنْيَانِهَا.
فَمَا مَصْدَرِيَّة كَمَا قَالَ :" بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي " [ يس : ٢٧ ] أَيْ بِغُفْرَانِ رَبِّي قَالَهُ قَتَادَة، وَاخْتَارَهُ الْمُبَرِّد.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَمَنْ بَنَاهَا قَالَهُ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَهُوَ اِخْتِيَار الطَّبَرِيّ.
أَيْ وَمَنْ خَلَقَهَا وَرَفَعَهَا، وَهُوَ اللَّه تَعَالَى.
وَحُكِيَ عَنْ أَهْل الْحِجَاز : سُبْحَانَ مَا سَبَّحْت لَهُ أَيْ سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْت لَهُ.
وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا
أَيْ وَطَحْوِهَا.
وَقِيلَ : وَمَنْ طَحَاهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا.
أَيْ بَسَطَهَا كَذَا قَالَ عَامَّة الْمُفَسِّرِينَ مِثْل دَحَاهَا.
قَالَ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَغَيْرهمَا : طَحَاهَا وَدَحَاهَا : وَاحِد أَيْ بَسَطَهَا مِنْ كُلّ جَانِب.
وَالطَّحْو : الْبَسْط طَحَا يَطْحُو طَحْوًا، وَطَحَى يَطْحَى طَحْيًا، وَطُحِيَتْ : اِضْطَجَعَتْ عَنْ أَبِي عَمْرو.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : طَحَاهَا : قَسَمَهَا.
وَقِيلَ : خَلَقَهَا قَالَ الشَّاعِر :
وَمَا تَدْرِي جَذِيمَة مَنْ طَحَاهَا وَلَا مِنْ سَاكِن الْعَرْش الرَّفِيع
الْمَاوَرْدِيّ : وَيَحْتَمِل أَنَّهُ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ نَبَات وَعُيُون وَكُنُوز ; لِأَنَّهُ حَيَاة لِمَا خَلَقَ عَلَيْهَا.
وَيُقَال فِي بَعْض أَيْمَان الْعَرَب : لَا، وَالْقَمَر الطَّاحِي أَيْ الْمُشْرِف الْمَشْرِق الْمُرْتَفِع.
قَالَ أَبُو عَمْرو : طَحَا الرَّجُل : إِذَا ذَهَبَ فِي الْأَرْض.
يُقَال : مَا أَدْرِي أَيْنَ طَحَا ! وَيُقَال : طَحَا بِهِ قَلْبه : إِذَا ذَهَبَ بِهِ فِي كُلّ شَيْء.
قَالَ عَلْقَمَة :
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
قِيلَ : الْمَعْنَى وَتَسْوِيَتِهَا.
" فَمَا " : بِمَعْنَى الْمَصْدَر.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَمَنْ سَوَّاهَا، وَهُوَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
وَفِي النَّفْس قَوْلَانِ : أَحَدهمَا آدَم.
الثَّانِي : كُلّ نَفْس مَنْفُوسَة.
وَسَوَّى : بِمَعْنَى هَيَّأَ.
وَقَالَ مُجَاهِد : سَوَّاهَا : سَوَّى خَلْقهَا وَعَدَّلَ.
وَهَذِهِ الْأَسْمَاء كُلّهَا مَجْرُورَة عَلَى الْقَسَم.
أَقْسَمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِخَلْقِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَجَائِب الصَّنْعَة الدَّالَّة عَلَيْهِ.
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
قَوْله تَعَالَى :" فَأَلْهَمَهَا " أَيْ عَرَّفَهَا كَذَا رَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد.
أَيْ عَرَّفَهَا طَرِيق الْفُجُور وَالتَّقْوَى وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
وَعَنْ مُجَاهِد أَيْضًا : عَرَّفَهَا الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة.
وَعَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدِهِ خَيْرًا، أَلْهَمَهُ الْخَيْر فَعَمِلَ بِهِ، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ السُّوء، أَلْهَمَهُ الشَّرّ فَعَمِلَ بِهِ.
وَقَالَ الْفَرَّاء :" فَأَلْهَمَهَا " قَالَ : عَرَّفَهَا طَرِيق الْخَيْر وَطَرِيق الشَّرّ كَمَا قَالَ :" وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " [ الْبَلَد : ١٠ ].
وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أَلْهَمَ الْمُؤْمِنَ الْمُتَّقِيَ تَقْوَاهُ، وَأَلْهَمَ الْفَاجِر فُجُوره.
وَعَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ : بَيَّنَ لَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا.
وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَرَأَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا " قَالَ :[ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْر مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا ].
وَرَوَاهُ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة :" فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا " رَفَعَ صَوْته بِهَا، وَقَالَ :[ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، وَأَنْتَ خَيْر مَنْ زَكَّاهَا ].
وَفِي صَحِيح مُسْلِم، عَنْ أَبِي الْأَسْوَد الدُّؤَلِيّ قَالَ : قَالَ لِي عِمْرَان بْن حُصَيْن : أَرَأَيْت مَا يَعْمَل النَّاس الْيَوْم، وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْء قُضِيَ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَر سَبَقَ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ، وَثَبَتَتْ الْحُجَّة عَلَيْهِمْ ؟ فَقُلْت : بَلْ شَيْء قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ.
قَالَ فَقَالَ : أَفَلَا يَكُون ظُلْمًا ؟ قَالَ : فَفَزِعْت مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلْت : كُلّ شَيْء خَلْق اللَّه وَمِلْك يَده، فَلَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ.
فَقَالَ لِي : يَرْحَمُك اللَّه إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُك إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَك، إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَة أَتَيَا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَا : يَا رَسُول اللَّه، أَرَأَيْت مَا يَعْمَل النَّاس الْيَوْم وَيَكْدَحُونَ فِيهِ : أَشَيْء قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَر قَدْ سَبَقَ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ.
وَثَبَتَتْ الْحُجَّة عَلَيْهِمْ ؟ فَقَالَ :( لَا بَلْ شَيْء قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ.
وَتَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :" وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا.
فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا " ).
وَالْفُجُور وَالتَّقْوَى : مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِع الْمَفْعُول بِهِ.
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا
" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا " هَذَا جَوَاب الْقَسَم، بِمَعْنَى : لَقَدْ أَفْلَحَ.
قَالَ الزَّجَّاج : اللَّام حُذِفَتْ ; لِأَنَّ الْكَلَام طَالَ، فَصَارَ طُوله عِوَضًا مِنْهَا.
وَقِيلَ : الْجَوَاب مَحْذُوف أَيْ وَالشَّمْس وَكَذَا وَكَذَا لَتُبْعَثُنَّ.
الزَّمَخْشَرِيّ : تَقْدِيره لَيُدَمْدِمَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أَهْل مَكَّة، لِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا دَمْدَمَ عَلَى ثَمُود ; لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا صَالِحًا.
وَأَمَّا " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا " فَكَلَام تَابِع لِأَوَّلِهِ لِقَوْلِهِ :" فَأَلْهَمَهَا فُجُورهَا وَتَقْوَاهَا " عَلَى سَبِيل الِاسْتِطْرَاد، وَلَيْسَ مِنْ جَوَاب الْقَسَم فِي شَيْء.
وَقِيلَ : هُوَ عَلَى التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير بِغَيْرِ حَذْف وَالْمَعْنَى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا، وَالشَّمْس وَضُحَاهَا.
" أَفْلَحَ " فَازَ.
" مَنْ زَكَّاهَا " أَيْ مَنْ زَكَّى اللَّهُ نَفْسه بِالطَّاعَةِ.
وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا
أَيْ خَسِرَتْ نَفْسٌ دَسَّهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِالْمَعْصِيَةِ.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : خَابَتْ نَفْس أَضَلَّهَا وَأَغْوَاهَا.
وَقِيلَ : أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى نَفْسه بِطَاعَةِ اللَّه، وَصَالِح الْأَعْمَال، وَخَابَ مَنْ دَسَّ نَفْسه فِي الْمَعَاصِي قَالَهُ قَتَادَة وَغَيْره.
وَأَصْل الزَّكَاة : النُّمُوّ وَالزِّيَادَة، وَمِنْهُ زَكَا الزَّرْع : إِذَا كَثُرَ رِيعُهُ، وَمِنْهُ تَزْكِيَة الْقَاضِي لِلشَّاهِدِ ; لِأَنَّهُ يَرْفَعهُ بِالتَّعْدِيلِ، وَذِكْر الْجَمِيل.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّل سُورَة " الْبَقَرَة " مُسْتَوْفًى.
فَمُصْطَنِع الْمَعْرُوف وَالْمُبَادِر إِلَى أَعْمَال الْبِرّ، شَهَرَ نَفْسه وَرَفَعَهَا.
وَكَانَتْ أَجْوَاد الْعَرَب تَنْزِلُ الرُّبَا وَارْتِفَاع الْأَرْض، لِيَشْتَهِرَ مَكَانهَا لِلْمُعْتِفِينَ، وَتُوقَد النَّار فِي اللَّيْل لِلطَّارِقِينَ.
وَكَانَتْ اللِّئَام تَنْزِل الْأَوْلَاج وَالْأَطْرَاف وَالْأَهْضَام، لِيَخْفَى مَكَانهَا عَنْ الطَّالِبِينَ.
فَأُولَئِكَ عَلَّوْا أَنْفُسهمْ وَزَكَّوْهَا، وَهَؤُلَاءِ أَخْفَوْا أَنْفُسهمْ وَدَسُّوهَا.
وَكَذَا الْفَاجِر أَبَدًا خَفِيُّ الْمَكَان، زَمِر الْمُرُوءَة غَامِض الشَّخْص، نَاكِس الرَّأْس بِرُكُوبِ الْمَعَاصِي.
وَقِيلَ : دَسَّاهَا : أَغْوَاهَا.
قَالَ :
طَحَا بِك قَلْب فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ بُعَيْد الشَّبَاب عَصْر حَانَ مَشِيبُ
وَأَنْتَ الَّذِي دَسَّيْتَ عَمْرًا فَأَصْبَحَتْ حَلَائِلُهُ مِنْهُ أَرَامِلَ ضُيَّعَا
قَالَ أَهْل اللُّغَة : وَالْأَصْل : دَسَّسَهَا، مِنْ التَّدْسِيس، وَهُوَ إِخْفَاء الشَّيْء، فَأُبْدِلَتْ سِينُهُ يَاء كَمَا يُقَال : قَصَّيْتُ أَظْفَارِي وَأَصْله قَصَّصْتُ أَظْفَارِي.
وَمِثْله قَوْلهمْ فِي تَقَضَّضَ : تَقَضَّى.
وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيِّ :" وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا " أَيْ دَسَّ نَفْسه فِي جُمْلَة الصَّالِحِينَ وَلَيْسَ مِنْهُمْ.
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا
أَيْ بِطُغْيَانِهَا، وَهُوَ خُرُوجهَا عَنْ الْحَدّ فِي الْعِصْيَان قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيْرهمَا.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس " بِطَغْوَاهَا " أَيْ بِعَذَابِهَا الَّذِي وُعِدَتْ بِهِ.
قَالَ : وَكَانَ اِسْم الْعَذَاب الَّذِي جَاءَهَا الطَّغْوَى ; لِأَنَّهُ طَغَى عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب :" بِطَغْوَاهَا " بِأَجْمَعِهَا.
وَقِيلَ : هُوَ مَصْدَر، وَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْمَخْرَج ; لِأَنَّهُ أَشْكَلَ بِرُءُوسِ الْآي.
وَقِيلَ : الْأَصْل بِطَغْيَاهَا، إِلَّا أَنَّ " فَعَلَى " إِذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَات الْيَاء أُبْدِلَتْ فِي الِاسْم وَاوًا، لِيُفْصَل بَيْن الِاسْم وَالْوَصْف.
وَقِرَاءَة الْعَامَّة بِفَتْحِ الطَّاء.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَالْجَحْدَرِيّ وَحَمَّاد بْن سَلَمَة ( بِضَمِّ الطَّاء ) عَلَى أَنَّهُ مَصْدَر كَالرُّجْعَى وَالْحُسْنَى وَشِبْهِهِمَا فِي الْمَصَادِر.
وَقِيلَ : هُمَا لُغَتَانِ.
إِذِ انْبَعَثَ
أَيْ نَهَضَ.
أَشْقَاهَا
لِعَقْرِ النَّاقَة.
وَاسْمه قُدَارُ بْن سَالِف.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَعْرَاف " بَيَان هَذَا، وَهَلْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَة.
وَفِي الْبُخَارِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن زَمْعَة أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُب، وَذَكَرَ النَّاقَة وَاَلَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :[ أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ ] قُلْت : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم.
قَالَ :[ عَاقِرُ النَّاقَة، قَالَ : أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْآخِرِينَ ؟ قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم.
قَالَ : قَاتِلُك ].
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ
يَعْنِي صَالِحًا.
نَاقَةَ اللَّهِ
" نَاقَةَ " مَنْصُوب عَلَى التَّحْذِير كَقَوْلِك : الْأَسَدَ الْأَسَدَ، وَالصَّبِيَّ الصَّبِيَّ، وَالْحِذَارَ الْحِذَارَ.
أَيْ أَحُذِرُوا نَاقَةَ اللَّه أَيْ عَقْرَهَا.
وَقِيلَ : ذَرُوا نَاقَة اللَّه، كَمَا قَالَ :" هَذِهِ نَاقَة اللَّه لَكُمْ آيَة فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْض اللَّه وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَاب أَلِيم ".
[ الْأَعْرَاف : ٧٣ ].
وَسُقْيَاهَا
أَيْ ذَرُوهَا وَشِرْبَهَا.
وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " الشُّعَرَاء " بَيَانه وَالْحَمْد لِلَّهِ.
وَأَيْضًا فِي سُورَة " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة " [ الْقَمَر : ١ ].
فَإِنَّهُمْ لَمَّا اِقْتَرَحُوا النَّاقَة، وَأَخْرَجَهَا لَهُمْ مِنْ الصَّخْرَة، جَعَلَ لَهُمْ شِرْب يَوْم مِنْ بِئْرهمْ، وَلَهَا شِرْب يَوْم مَكَان ذَلِكَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
فَكَذَّبُوهُ
أَيْ كَذَّبُوا صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله لَهُمْ :[ إِنَّكُمْ تُعَذَّبُونَ إِنْ عَقَرْتُمُوهَا ].
فَعَقَرُوهَا
أَيْ عَقَرَهَا الْأَشْقَى.
وَأُضَيِّف إِلَى الْكُلّ ; لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِفِعْلِهِ.
وَقَالَ قَتَادَة : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَعْقِرْهَا حَتَّى تَابَعَهُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ.
وَقَالَ الْفَرَّاء : عَقَرَهَا اِثْنَانِ : وَالْعَرَب تَقُول : هَذَانِ أَفْضَل النَّاس، وَهَذَانِ خَيْر النَّاس، وَهَذِهِ الْمَرْأَة أَشْقَى الْقَوْم فَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ : أَشْقَيَاهَا.
فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ
أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِمْ الْعَذَاب بِذَنْبِهِمْ الَّذِي هُوَ الْكُفْر وَالتَّكْذِيب وَالْعَقْر.
وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ قَالَ : دَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَبّهمْ بِذَنْبِهِمْ أَيْ بِجُرْمِهِمْ.
وَقَالَ الْفَرَّاء : دَمْدَمَ أَيْ أَرْجَفَ.
وَحَقِيقَة الدَّمْدَمَة تَضْعِيف الْعَذَاب وَتَرْدِيده.
وَيُقَال : دَمَمْت عَلَى الشَّيْء أَيْ أَطْبَقْت عَلَيْهِ، وَدَمَمَ عَلَيْهِ الْقَبْر : أَطْبَقَهُ.
وَنَاقَة مَدُومَة : أَلْبَسَهَا الشَّحْم.
فَإِذَا كَرَّرْت الْإِطْبَاق قُلْت : دَمْدَمْت.
وَالدَّمْدَمَة : إِهْلَاك بِاسْتِئْصَالِ قَالَهُ الْمُؤَرِّج.
وَفِي الصِّحَاح : وَدَمْدَمْت الشَّيْء : إِذَا أَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ وَطَحْطَحْته.
وَدَمْدَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ : أَيْ أَهْلَكَهُمْ.
الْقُشَيْرِيّ : وَقِيلَ دَمْدَمْت عَلَى الْمَيِّت التُّرَاب : أَيْ سَوَّيْت عَلَيْهِ.
فَقَوْله :" فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ " أَيْ أَهْلَكَهُمْ، فَجَعَلَهُمْ تَحْت التُّرَاب.
وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : دَمْدَمَ أَيْ غَضِبَ.
وَالدَّمْدَمَة : الْكَلَام الَّذِي يُزْعِج الرَّجُل.
وَقَالَ بَعْض اللُّغَوِيِّينَ : الدَّمْدَمَة : الْإِدَامَة تَقُول الْعَرَب : نَاقَة مُدَمْدَمَة أَيْ سَمِينَة.
فَسَوَّاهَا
أَيْ سَوَّى عَلَيْهِمْ الْأَرْض.
وَعَلَى الْأَوَّل " فَسَوَّاهَا " أَيْ فَسَوَّى الدَّمْدَمَة وَالْإِهْلَاك عَلَيْهِمْ.
وَذَلِكَ أَنَّ الصَّيْحَة أَهْلَكَتْهُمْ، فَأَتَتْ عَلَى صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ.
وَقِيلَ :" فَسَوَّاهَا " أَيْ فَسَوَّى الْأُمَّة فِي إِنْزَال الْعَذَاب بِهِمْ، صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ، وَضِيعِهِمْ وَشَرِيفِهِمْ، وَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ.
وَقَرَأَ اِبْن الزُّبَيْر " فَدَهْدَمَ " وَهُمَا، لُغَتَانِ كَمَا يُقَال : اِمْتَقَعَ لَوْنه وَانْتَقَعَ.
وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا
أَيْ فَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ غَيْرَ خَائِف أَنْ تَلْحَقَهُ تَبِعَة الدَّمْدَمَة مِنْ أَحَد قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَمُجَاهِد.
وَالْهَاء فِي " عُقْبَاهَا " تَرْجِع إِلَى الْفِعْلَة كَقَوْلِهِ :( مَنْ اِغْتَسَلَ يَوْم الْجُمْعَة فَبِهَا وَنِعْمَتْ ) أَيْ بِالْفِعْلَةِ وَالْخَصْلَة.
قَالَ السُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَالْكَلْبِيّ : تَرْجِع إِلَى الْعَاقِر أَيْ لَمْ يَخَفْ الَّذِي عَقَرَهَا عُقْبَى مَا صَنَعَ.
وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا.
وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير، مَجَازه : إِذْ اِنْبَعَثَ أَشْقَاهَا وَلَا يَخَاف عُقْبَاهَا.
وَقِيلَ : لَا يَخَاف رَسُول اللَّه صَالِح عَاقِبَة إِهْلَاك قَوْمه، وَلَا يَخْشَى ضَرَرًا يَعُود عَلَيْهِ مِنْ عَذَابهمْ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَنْذَرَهُمْ، وَنَجَّاهُ اللَّه تَعَالَى حِين أَهْلَكَهُمْ.
وَقَرَأَ نَافِع وَابْن عَامِر " فَلَا " بِالْفَاءِ، وَهُوَ الْأَجْوَد ; لِأَنَّهُ يَرْجِع إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّل أَيْ فَلَا يَخَاف اللَّه عَاقِبَة إِهْلَاكهمْ.
وَالْبَاقُونَ بِالْوَاوِ، وَهِيَ أَشْبَهُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ وَلَا يَخَاف الْكَافِر عَاقِبَة مَا صَنَعَ.
وَرَوَى اِبْن وَهْب وَابْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك قَالَا : أَخْرَجَ إِلَيْنَا مَالِك مُصْحَفًا لِجَدِّهِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ كَتَبَهُ فِي أَيَّام عُثْمَان بْن عَفَّان حِين كَتَبَ الْمَصَاحِف، وَفِيهِ :" وَلَا يَخَاف " بِالْوَاوِ.
وَكَذَا هِيَ فِي مَصَاحِف أَهْل مَكَّة وَالْعِرَاقِيِّينَ بِالْوَاوِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم، اِتِّبَاعًا لِمُصْحَفِهِمْ.
سورة الشمس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الشَّمْسِ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشَّمْس)، وبيَّنتْ قدرةَ الله عز وجل، وتصرُّفَه في هذا الكون، وما جبَلَ عليه النفوسَ من الخير والشرِّ، وطلبت السورة الكريمة البحثَ عن تزكيةِ هذه النفس؛ للوصول للمراتب العليا في الدارَينِ، وخُتِمت بضربِ المثَلِ لعذاب الله لثمودَ؛ ليعتبِرَ المشركون، ويستجيبوا لأمر الله ويُوحِّدوه.

ترتيبها المصحفي
91
نوعها
مكية
ألفاظها
54
ترتيب نزولها
26
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
16
العد البصري
15
العد الكوفي
15
العد الشامي
15

* سورة (الشَّمْسِ):

سُمِّيت سورة (الشَّمْسِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشمس).

1. القَسَم العظيم وجوابه (١-١٠).

2. مثال مضروب (١١-١٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /149).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبَهم عذابٌ بإشراكهم، وتكذيبِهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما أصاب ثمودًا بإشراكهم وعُتُوِّهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيدُ الخبر بالقَسَم بأشياءَ معظَّمة، وذُكِر من أحوالها ما هو دليلٌ على بديعِ صُنْعِ الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيرُه؛ فهو دليلٌ على أنه المنفرِد بالإلهية، والذي لا يستحِقُّ غيرُه الإلهيةَ، وخاصةً أحوالَ النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضَّلال، والسعادة والشقاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /365).