تفسير سورة الشمس

الدر المنثور

تفسير سورة سورة الشمس من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور.
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله :﴿ والشمس وضحاها ﴾ قال : ضوءها ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : تبعها ﴿ والنهار إذا جلاها ﴾ قال : أضاءها ﴿ والسماء وما بناها ﴾ قال : الله بنى السماء ﴿ وما طحاها ﴾ قال : دحاها ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال : عرفها شقاءها وسعادتها ﴿ وقد خاب من دساها ﴾ قال : أغواها.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : يتلو النهار ﴿ والأرض وما طحاها ﴾ يقول : ما خلق الله فيها ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال : علمها الطاعة والمعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : تبعها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ذي حمامة قال : إذا جاء الليل قال الرب غشي عبادي في خلقي العظيم ولليل مهابة والذي خلقه أحق أن يهاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ والأرض وما طحاها ﴾ قال : قسمها ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال : بين الخير والشر.
وأخرج الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿ فألهمها ﴾ قال : علمها ﴿ فجورها وتقواها ﴾.
وأخرج أحمد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمران بن حصين :« أن رجلاً قال يا رسول الله : أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه شيء قد قضي عليهم ومضى عليهم في قدر قد سبق، أو فيهما يستقبلون ما أتاهم به نبيهم واتخذت عليهم به الحجة؟ قال : بل شيء قضي عليهم. قال : فلم يعملون إذا؟ قال : من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين هيأه لعملها، وتصديق ذلك في كتاب الله ﴿ ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ﴾ ».
وأخرج الطبراني وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال :« كان رسول الله ﷺ إذا تلا هذه الآية ﴿ ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها ﴾ وقف ثم قال : اللهم آت نفسي تقواها أنت وليها ومولاها وخير من زكاها ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة سمعت النبي ﷺ يقرأ ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال :« اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. قال وهو في الصلاة ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والنسائي عن زيد بن أرقم قال : كان رسول الله ﷺ يقول :« اللهم آت نفسي تقواها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها ».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس :« أن رسول الله ﷺ صلى بهم الهاجرة فرفع صوته فقرأ ﴿ والشمس وضحاها ﴾، ﴿ والليل إذا يغشى ﴾ [ الليل : ١ ] فقال له أبيّ بن كعب : يا رسول الله أمرت في هذه الصلاة بشيء قال : لا ولكني أردت أن أوقت لكم ».
275
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ والشمس وضحاها ﴾ قال : ضوؤها ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : تبعها ﴿ والنهار إذا جلاها ﴾ قال : أضاء ﴿ والليل إذا يغشاها ﴾ قال : يغشاها الليل ﴿ والسماء وما بناها ﴾ قال : الله بني السماء والأرض ﴿ وما طحاها ﴾ قال : دحاها ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال : عرفها شقاءها ﴿ قد أفلح من زكاها ﴾ قال : أصلحها ﴿ وقد خاب من دساها ﴾ قال : أغواها ﴿ كذبت ثمود بطغواها ﴾ قال : بمعصيتها ﴿ ولا يخاف عقباها ﴾ قال : الله لا يخاف عقباها.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ والشمس وضحاها ﴾ قال : إشراقها ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : يتلوها ﴿ والنهار إذا جلاها ﴾ قال : حين ينجلي ﴿ ونفس وما سواها ﴾ قال : سوى خلقها ولم ينقص منه شيئاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ والشمس وضحاها ﴾ قال : هذا النهار ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : يتلو صبيحة الهلال إذا سقطت رؤي عند سقوطها ﴿ والنهار إذا جلاها ﴾ قال : إذا غشيها النهار ﴿ والليل إذا يغشاها ﴾ قال إذا غشيها الليل ﴿ والسماء وما بناها ﴾ قال وما خلقها ﴿ والأرض وما طحاها ﴾ قال : بسطها ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال : بين لها الفجور من التقوى ﴿ قد أفلح ﴾ قال : وقع القسم ههنا ﴿ من زكاها ﴾ قال : من عمل خيراً فزكاها بطاعة الله ﴿ وقد خاب من دساها ﴾ قال : من إثمها وفجرها ﴿ كذبت ثمود بطغواها ﴾ قال : بالطغيان ﴿ إذ انبعث أشقاها ﴾ قال : أحيمر ثمود. ﴿ فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ﴾ قال : يقول الله : خلوا بينها وبين قسم الله الذي قسم لها من هذا الماء ﴿ فدمدم عليهم ربهم بذنبهم ﴾ قال : ذكر لنا أنه أبى أن يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها ﴿ فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها ﴾ يقول : لا يخاف تبعتها.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : إذا تبعها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ﴿ والقمر إذا تلاها ﴾ قال : إذا تبع الشمس.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح ﴿ والأرض وما طحاها ﴾ قال : بسطها.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ ونفس وما سواها ﴾ قال : سوى خلقها.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ﴿ فألهمها ﴾ قال : ألزمها ﴿ فجورها وتقواها ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال : الطاعة والمعصية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ قال : الفاجرة ألهمها الفجور، والتقية ألهمها التقوى.
وأخرج ابن مردويه في قوله :﴿ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ يقول : بين للعباد الرشد من الغيّ وألهم كل نفس ما خلقها له وكتب عليها.
276
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي ﴿ قد أفلح من زكاها ﴾ الآية، قال : أفلح من زكاه الله وخاب من دساه الله.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية : قد أفلح من زكى نفسه وأصلحها، وخاب من أهلكها وأضلها.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع في الآية، يقول : أفلح من زكى نفسه بالعمل الصالح، وخاب من دس نفسه بالعمل السيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة من ﴿ دساها ﴾ قال : من خسرها.
وأخرج حسين في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ قد أفلح من زكاها ﴾ يقول : قد أفلح من زكى الله نفسه، ﴿ وقد خاب من دساها ﴾ يقول : قد خاب من دس الله نفسه فأضله ﴿ ولا يخاف عقباها ﴾ قال : لا يخاف من أحد تابعه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ وقد خاب من دساها ﴾ يعني : مكر بها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : سمعت رسول الله ﷺ يقول :﴿ قد أفلح من زكاها ﴾ الآية، قال :« أفلحت نفس زكاها الله وخابت نفس خيبها الله من كل خير ».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ كذبت ثمود بطغواها ﴾ قال : اسم العذاب الذي جاءها الطغوى، فقال : كذبت ثمود بعذابها.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن زمعة قال :« خطب رسول الله ﷺ، فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها، فقال :﴿ إذا انبعث أشقاها ﴾ قال :» انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة « ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبغوي وأبو نعيم في الدلائل عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله ﷺ :« » ألا أحدثك بأشقى الناس «؟ قال : بلى. قال :» رجلان : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك على هذا، يعني ترقوته حتى تبتل منه هذه، يعني لحيته « ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم مثله من حديث صهيب وجابر بن سمرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن ﴿ ولا يخاف عقباها ﴾ قال : ذاك ربنا لا يخاف منهم تبعة بما صنع بهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ﴿ ولا يخاف عقباها ﴾ قال : لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ﴿ ولا يخاف عقباها ﴾ قال : لم يخف الذي عقرها عقباها.
277
سورة الشمس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الشَّمْسِ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشَّمْس)، وبيَّنتْ قدرةَ الله عز وجل، وتصرُّفَه في هذا الكون، وما جبَلَ عليه النفوسَ من الخير والشرِّ، وطلبت السورة الكريمة البحثَ عن تزكيةِ هذه النفس؛ للوصول للمراتب العليا في الدارَينِ، وخُتِمت بضربِ المثَلِ لعذاب الله لثمودَ؛ ليعتبِرَ المشركون، ويستجيبوا لأمر الله ويُوحِّدوه.

ترتيبها المصحفي
91
نوعها
مكية
ألفاظها
54
ترتيب نزولها
26
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
16
العد البصري
15
العد الكوفي
15
العد الشامي
15

* سورة (الشَّمْسِ):

سُمِّيت سورة (الشَّمْسِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشمس).

1. القَسَم العظيم وجوابه (١-١٠).

2. مثال مضروب (١١-١٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /149).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبَهم عذابٌ بإشراكهم، وتكذيبِهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما أصاب ثمودًا بإشراكهم وعُتُوِّهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيدُ الخبر بالقَسَم بأشياءَ معظَّمة، وذُكِر من أحوالها ما هو دليلٌ على بديعِ صُنْعِ الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيرُه؛ فهو دليلٌ على أنه المنفرِد بالإلهية، والذي لا يستحِقُّ غيرُه الإلهيةَ، وخاصةً أحوالَ النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضَّلال، والسعادة والشقاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /365).