تفسير سورة الشمس

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الشمس من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لما ذكر بعض ذمائم الخصال وسُوء مآلها أَتْبعه بالحث على تزكية النفس، وأوعد على إهمالها فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾: أي: ضوءها إذا أشرقت، والضحى حين إشراقها، فإذا زاد فضحاء بالمد ﴿ وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا ﴾: تبعها طلوعا أول الشهر، وغروبا ليلة البدر ﴿ وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا ﴾ إذ تمام تجليها بانبساطه ﴿ وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾: فيغطي ضَوْءَها والظروف مؤولة كما في: كورت ﴿ وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا * وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴾: بسطها ﴿ وَنَفْسٍ ﴾: للإنسان نكرها تكثيرا أو تعظيما ﴿ وَمَا سَوَّاهَا ﴾: عدل خلقها، آثر ما على من لإرادة معنى الوصفية أي: الشيء القادر الذي فعل، وكونها مصدرية تجرد الفعل عن الفاعل، فلا يلائم قوله: ﴿ فَأَلْهَمَهَا ﴾: أي: بين لها ﴿ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾: وجواب القسم ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾: طهرها من الرذائل بالعلم والعمل ﴿ وَقَدْ خَابَ ﴾: خسر ﴿ مَن دَسَّاهَا ﴾: دنسها، وأخفاها بالرذائل، وقيل: دَسّ نفسه في الصالحين وليس منهم بل ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ ﴾: بسبب طغيانها ﴿ إِذِ ٱنبَعَثَ ﴾: أي: قام ﴿ أَشْقَاهَا ﴾: أي: أشقى ثمود قاتل الناقة ﴿ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ ﴾: صالح، ذروا ﴿ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾: أي شربها في يومها كما مر ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾: بما أوعد ﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾: قتلوها ﴿ فَدَمْدَمَ ﴾: أطبق العذاب ﴿ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾: أي: الدمدمة بينهم فلم يفلت أحد منهم ﴿ وَلاَ يَخَافُ ﴾: ربهم ﴿ عُقْبَاهَا ﴾: أي: الدمدمة، كخوف الملوك استئصال الرعايا - واللهُ أعْلمُ.
سورة الشمس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الشَّمْسِ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشَّمْس)، وبيَّنتْ قدرةَ الله عز وجل، وتصرُّفَه في هذا الكون، وما جبَلَ عليه النفوسَ من الخير والشرِّ، وطلبت السورة الكريمة البحثَ عن تزكيةِ هذه النفس؛ للوصول للمراتب العليا في الدارَينِ، وخُتِمت بضربِ المثَلِ لعذاب الله لثمودَ؛ ليعتبِرَ المشركون، ويستجيبوا لأمر الله ويُوحِّدوه.

ترتيبها المصحفي
91
نوعها
مكية
ألفاظها
54
ترتيب نزولها
26
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
16
العد البصري
15
العد الكوفي
15
العد الشامي
15

* سورة (الشَّمْسِ):

سُمِّيت سورة (الشَّمْسِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشمس).

1. القَسَم العظيم وجوابه (١-١٠).

2. مثال مضروب (١١-١٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /149).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبَهم عذابٌ بإشراكهم، وتكذيبِهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما أصاب ثمودًا بإشراكهم وعُتُوِّهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيدُ الخبر بالقَسَم بأشياءَ معظَّمة، وذُكِر من أحوالها ما هو دليلٌ على بديعِ صُنْعِ الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيرُه؛ فهو دليلٌ على أنه المنفرِد بالإلهية، والذي لا يستحِقُّ غيرُه الإلهيةَ، وخاصةً أحوالَ النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضَّلال، والسعادة والشقاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /365).