تفسير سورة الشمس

لطائف الإشارات

تفسير سورة سورة الشمس من كتاب لطائف الإشارات
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " : إخبار عن وجود الحق بنعت القدم. " الرحمان الرحيم " : إخبار عن بقائه بوصف العلاء والكرم.
كاشف الأرواح بقوله :" بسم الله " فهيمها، وكاشف النفوس بقوله :" الرحمان الرحيم " فتيمها ؛ فالأرواح دهشى في كشف جلاله، والنفوس عطشى إلى لطف جماله.

قوله جل ذكره :﴿ والشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾.
ضحَا الشمسِ صَدْرُ وقت طلوعها.
أي : تَبِعَها ؛ وذلك في النصف الأول من الشهر.
إذا جلَّى الشمسَ وكَشَفَها.
أي : يَغْشَى الشمس ( فيذهب بضوئها ).
أي : وبنائها. ويقال : ومَنْ بناها.
أي : وطَحْوها. ويقال : ومَنْ طحاها ( أي بسطها أو قسمها أو خلقها ).
ومن سوَّى أجزاءها وأعضاءها.
أي : بأن خَذَلَها ووَفَّقَها.
ويقال : فجورها : حركتها في طلب الرزق، وتقواها : سكونها بِحُكْمِ القدير.
وقيل : طريق الخير والشر.
قوله جل ذكره :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾.
هذا جواب القَسَم. أي " لقد أفلح من زكاها ".
ويقال : مَنْ زكَّاه اللَّهُ عزَّ وجلَّ.
أي : دسَّاها الله. وقيل : دسَّها في جملة الصالحين وليس منهم.
وقيل : خاب مَنْ دسَّ نَفْسَه بمعصية الله. وقيل دسَّاها : جعل خسيسةً حقيرةً. وأصل الكلمة دسسها.
قوله جل ذكره :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ﴾.
﴿ بِطَغْوَاهَا ﴾ : لطغيانها، وقيل : إن صالحاً قد مات، فكَفَر قومُه، فأحياه اللَّهُ، فدعاهم إلى الإيمان، فكذَّبوه، وسألوه علامةً وهي الناقة، فأتاهم صالح بما سألوا.
" أشقاها " عاقِرُها.
أي : احذروا ناقةَ اللَّهِ، واحذروا سقياها : أي لا تتعرَّضوا لها.
أي كذَّبوا صالحاً، فعقروا الناقة.
﴿ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنِبهِم فَسَوَّاهَا ﴾.
أي : أهلكهم بجُرْمِهم " فسوَّاها " : أي أَطبق عليهم العذاب.
ويقال : سَوَّى بينهم ربُّهم في العذاب لأنهم كلهم رضوا بعقر الناقة.
قوله جل ذكره :﴿ وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾.
أي : أن الله لا يخاف عاقبة ما فَعَلَ بهم من العقوبة.
ويقال : قد أفلح مَنْ دَاوَمَ على العبادة، وخابَ مَنْ قصَّرَ فيها.
وفائدة السورة : أنه أفلح مَنْ طَهَّرَ نَفْسَه عن الذنوب والعيوبِ، ثم عن الأطماع في الأعواض والأغراض، ثم أبْعَدَ نَفْسَه عن الاعتراض على الأقسام، وعن ارتكاب الحرام. وقد خابَ من خانَ نَفْسَه، وأهملها عن المراعاة، ودَنَّسَهَا بالمخالفات، فلم يرضَ بعَدَم المعاني حتى ضمَّ إلى فَقْرِها منها الدعاوى المظلمة. . فغرقت في بحرِ الشقاء سفينَتُه.
سورة الشمس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الشَّمْسِ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشَّمْس)، وبيَّنتْ قدرةَ الله عز وجل، وتصرُّفَه في هذا الكون، وما جبَلَ عليه النفوسَ من الخير والشرِّ، وطلبت السورة الكريمة البحثَ عن تزكيةِ هذه النفس؛ للوصول للمراتب العليا في الدارَينِ، وخُتِمت بضربِ المثَلِ لعذاب الله لثمودَ؛ ليعتبِرَ المشركون، ويستجيبوا لأمر الله ويُوحِّدوه.

ترتيبها المصحفي
91
نوعها
مكية
ألفاظها
54
ترتيب نزولها
26
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
16
العد البصري
15
العد الكوفي
15
العد الشامي
15

* سورة (الشَّمْسِ):

سُمِّيت سورة (الشَّمْسِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشمس).

1. القَسَم العظيم وجوابه (١-١٠).

2. مثال مضروب (١١-١٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /149).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبَهم عذابٌ بإشراكهم، وتكذيبِهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما أصاب ثمودًا بإشراكهم وعُتُوِّهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيدُ الخبر بالقَسَم بأشياءَ معظَّمة، وذُكِر من أحوالها ما هو دليلٌ على بديعِ صُنْعِ الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيرُه؛ فهو دليلٌ على أنه المنفرِد بالإلهية، والذي لا يستحِقُّ غيرُه الإلهيةَ، وخاصةً أحوالَ النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضَّلال، والسعادة والشقاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /365).