تفسير سورة الشمس

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الشمس من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ أي: نُورُهَا وَنَفْعُهَا الصَّادِرُ مِنْهَا.
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ أي: تَلَا الشَّمْسَ في السَّيْرِ، وقيل: إذا تَلَاهَا في الإضاءةِ، وما دامت الآيةُ تَحْتَمِلُ هذا وهذا، فإن القاعدةَ في علم التفسيرِ أن الآيةَ إذا احْتَمَلَتْ مَعْنَيَيْنِ لا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا وَجَبَ الأَخْذُ بهما جميعًا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا أَوْسَعُ لِلْمَعْنَى.
﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾ أَضَاءَهَا، وقيل: جَلَّا مَا عَلَى الأَرْضِ وَأَوْضَحَهُ.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ أي: يَغْشَى وَجْهَ الأرضِ، فيكونُ ما عليها مُظْلِمًا.
﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ أي: وَمَنْ بَنَاهَا وهو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حيث جعل السماءَ كالسقفِ للأرضِ.
﴿وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا﴾ أي: وَمَنْ بَسَطَهَا وَهُوَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ أي: سَوَّاهَا خِلْقَةً وَسَوَّاهَا فِطْرَةً، سواها خِلقةً حيث خَلَقَ كلَّ شيءٍ عَلَى الوجهِ الَّذِي يُنَاسِبُهُ وَيُنَاسِبُ حَالَهُ، وَسَوَّاهَا فِطْرَةً ولاسيما البشرُ؛ فإن اللهَ تعالى جَعَلَ فِطْرَتَهُمْ هي الإخلاصُ والتوحيدُ كما قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ (الروم: ٣٠).
﴿فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ أَيِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلْهَمَ هذه النفوسَ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، وبدأ بالفجورِ قبل التَّقْوَى مع أن التَّقْوَى -لا شَكَّ- أَفْضَلُ، قالوا: مراعاةً لفواصلِ الآياتِ، والفجورُ: هُوَ ما يُقَابِلُ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى: طَاعَةُ اللهِ، والفجورُ: مَعْصِيَةُ اللهِ، فَكُلّ عاصٍ فَهُوَ فَاجِرٌ، وإذا كان الفاجرُ خُصَّ عُرْفًا بأنه ليس بِعَفِيفٍ، ولكن هُوَ شرعًا يَعُمُّ كلَّ مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ، وَإِلْهَامُهَا تَقْوَاهَا هُوَ المُوَافِقُ للفطرةِ؛ لأن الفجورَ خَارِجٌ عن الفِطْرَةِ.
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ أي: طَهَّرَ نَفْسَهُ من الذنوبِ، وَنَقَّاهَا من العيوبِ وَرَقَّاهَا بِطَاعَةِ اللهِ، وَعَلَّاهَا بالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ أي: أَخْفَى نَفْسَهُ الكريمةَ التي ليست حقيقتَه بِقَمْعِهَا وَإِخْفَائِهَا بالتدنيسِ بالرذائلِ وَالدُّنُوِّ من العيوبِ والذنوبِ.
﴿بِطَغْوَاهَا﴾ أي: بسببِ طُغْيَانِهَا في الشِّرْكِ وَالمَعَاصِي.
﴿إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾ أَيِ انْطَلَقَ مُسْرِعًا أَشْقَى الْقَبِيلَةِ وهو «قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ» الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فيقال: أَشْأَمُ مِنْ قُدَارٍ.
﴿نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا﴾ أَيْ: ذَرُوهَا وَشِرْبَهَا في يَوْمِهَا.
﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾ أي: قَتَلُوهَا لِيَخْلُصَ لَهُمْ مَاءُ الشِّرْبِ مِنْ يَوْمِهَا.
﴿فَدَمْدَمَ﴾ أي: أَطْبَقَ عليهم العذابُ فَأَهْلَكَهُمْ بسببِ ذَنْبِهِمْ وهو تَكْذِيبُهُمْ صَالِحًا.
﴿بِذَنبِهِمْ﴾ أي: بسببِ ذُنُوبِهِمْ التي هي الشِّرْكُ والتكذيبُ وَقَتْلُ الناقةِ.
﴿فَسَوَّاهَا﴾ أي: سَوَّى الهلاكَ عليهم جميعًا وَعَمَّهُمْ به فلم يفْلتْ منهم أَحَدٌ.
﴿وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ أي: لا يخافُ الربُّ تعالى تَبِعَةَ إهْلَاكِهِمْ، كما يخافُ الإنسانُ عاقبةَ فِعْلِه إذا هُوَ قَتَلَ أَحَدًا أو عَذَّبَهُ، وكيف يخافُ وهو قَاهِرٌ لا يَخْرُجُ عن قَهْرِهِ وَتَصَرُّفِهِ مَخْلُوقٌ، حَكِيمٌ –سبحانه- في كُلِّ مَا قَضَاهُ وَشَرَعَهُ؟
15
سُورة اللَّيْل
سورة الشمس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الشَّمْسِ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشَّمْس)، وبيَّنتْ قدرةَ الله عز وجل، وتصرُّفَه في هذا الكون، وما جبَلَ عليه النفوسَ من الخير والشرِّ، وطلبت السورة الكريمة البحثَ عن تزكيةِ هذه النفس؛ للوصول للمراتب العليا في الدارَينِ، وخُتِمت بضربِ المثَلِ لعذاب الله لثمودَ؛ ليعتبِرَ المشركون، ويستجيبوا لأمر الله ويُوحِّدوه.

ترتيبها المصحفي
91
نوعها
مكية
ألفاظها
54
ترتيب نزولها
26
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
16
العد البصري
15
العد الكوفي
15
العد الشامي
15

* سورة (الشَّمْسِ):

سُمِّيت سورة (الشَّمْسِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشمس).

1. القَسَم العظيم وجوابه (١-١٠).

2. مثال مضروب (١١-١٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /149).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبَهم عذابٌ بإشراكهم، وتكذيبِهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما أصاب ثمودًا بإشراكهم وعُتُوِّهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيدُ الخبر بالقَسَم بأشياءَ معظَّمة، وذُكِر من أحوالها ما هو دليلٌ على بديعِ صُنْعِ الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيرُه؛ فهو دليلٌ على أنه المنفرِد بالإلهية، والذي لا يستحِقُّ غيرُه الإلهيةَ، وخاصةً أحوالَ النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضَّلال، والسعادة والشقاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /365).