تفسير سورة الشمس

فتح الرحمن في تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الشمس من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن.
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سورة الشمس
مكية، وآيها: خمس عشرة آية، وحروفها: مئتان وتسعة وأربعون حرفًا، وكلمها: أربع وخمسون كلمة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١)﴾.
[١] ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ ضوءها إذا أشرقت، و (الضُّحَى) بضم الضاد والقصر: ارتفاع الضوء وكماله، وبفتح الضاد والمد: ما فوقَ ذلك إلى الزوال.
...
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢)﴾.
[٢] ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ تبعَها طالعًا عند غروبها.
...
﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣)﴾.
[٣] ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾ يعني: جلَّى الظلمة كناية عن غير مذكور؛ لكونه معروفًا، الواو الأولى للقسم، والباقي عطف عليها.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤)﴾.
[٤] ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ يغشى الشمسَ حين تغيب، فتظلم الآفاق، و (إِذَا) معمولة القسم.
...
﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥)﴾.
[٥] ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ و (ما) في المواضع الثلاثة بمعنى الذي؛ أي: والذي بناها؛ يعني: خلقها.
...
﴿وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (٦)﴾.
[٦] ﴿وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا﴾ بسطَها.
...
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧)﴾.
[٧] ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ عدل خلقَها، والمراد: جميع النفوس، ونُكِّرت للتكثير.
...
﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)﴾.
[٨] ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ فَهَّمَها خيرَها وشرَّها، وجعل لها قوة يصحُّ معها اكتسابُ الفجور، واكتسابُ التقوى.
***
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)﴾.
[٩] وجواب القسم: ﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾ فاز ببغيته.
﴿مَنْ زَكَّاهَا﴾ طَهَّرها بالطاعة، وتقدم مذهب ورش وحمزة في النقل في قوله.
﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾ [الآية: ١] في أول سورة ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
...
﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)﴾.
[١٠] ﴿وَقَدْ خَابَ﴾ خسر ﴿مَنْ دَسَّاهَا﴾ أخفاها وحقرها بالفجور والمعاصي، أصله: دَسَّسَها، أُبدلت السين الثانية ألفًا تخفيفًا.
...
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١)﴾.
[١١] ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾ رسلَها ﴿بِطَغْوَاهَا﴾ بطغيانها، لما ذكر تعالى خيبة من دسَّ نفسه، ذكر فرقةً فعلت ذلك؛ ليُعتبر بهم، ويُنتهى عن مثل فعلهم، وهم قوم صالح.
...
﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢)﴾.
[١٢] ﴿إِذِ انْبَعَثَ﴾ أي: بادرَ إلى عقر الناقة ﴿أَشْقَاهَا﴾ أشقى القبيلة، وهو قدارُ بن سالف، والانبعاث: هو الإسراع في الطاعة للباعث.
***
﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣)﴾.
[١٣] ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ﴾ هو صالح عليه السلام ﴿نَاقَةَ﴾ نصبه تحذيرًا ﴿وَسُقْيَاهَا﴾ عطف؛ أي: و (١) احذروا عَقْرَ الناقة ومنعَها من شربها، فتُعذَّبوا.
...
﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤)﴾.
[١٤] ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ في قوله ﴿فَعَقَرُوهَا﴾ وقدم تعالى التكذيب على العقر؛ لأنه كان سبب العقر، وقوله: ﴿فَعَقَرُوهَا﴾ والعاقر واحد؛ لكونهم متفقين على ذلك، وتقدم ذكر القصة في سورة الأعراف.
﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ﴾ أي: دمر عليهم بالعذاب ﴿بِذَنْبِهِمْ﴾ أي: بسببه ﴿فَسَوَّاهَا﴾ فعمهم بالدمدمة، فلم يفلت منهم أحد.
...
﴿وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥)﴾.
[١٥] ﴿وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ أي: عاقبتها، المعنى: فلا دَرَكَ على الله في فعله بهم ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾ [الأنبياء: ٢٣]. قرأ نافع، وأبو جعفر، وابن عامر: (فَلاَ) بالفاء على العطف؛ أي: (فَكَذَّبُوهُ) (فَعَقَرُوهَا) (فَدَمْدَمَ) (فَلاَ يَخَافُ)، وكذا هي في مصاحف المدينة والشام، وقرأ الباقون: بالواو (٢)،
(١) الواو سقطت في "ت".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٨٩)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٦٢٦)، =
376
فمحل (لاَ يَخَافُ) حال؛ أي: وهو لا يخاف، وكذلك هي في مصاحفهم، وأمال رؤوسَ الآي في هذه السورة: ورش، وأبو عمرو بخلاف عنهما، وافقهما على الإمالة: حمزة، والكسائي، وخلف، واختص الكسائي دونهما بإمالة (تَلاَهَا)، و (طَحَاهَا) (١)، والله أعلم.
* * *
= و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٤٠١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ١٦٣).
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٨٨)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٢٣)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤٤٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ١٥٧).
377
سورة الشمس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الشَّمْسِ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشَّمْس)، وبيَّنتْ قدرةَ الله عز وجل، وتصرُّفَه في هذا الكون، وما جبَلَ عليه النفوسَ من الخير والشرِّ، وطلبت السورة الكريمة البحثَ عن تزكيةِ هذه النفس؛ للوصول للمراتب العليا في الدارَينِ، وخُتِمت بضربِ المثَلِ لعذاب الله لثمودَ؛ ليعتبِرَ المشركون، ويستجيبوا لأمر الله ويُوحِّدوه.

ترتيبها المصحفي
91
نوعها
مكية
ألفاظها
54
ترتيب نزولها
26
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
16
العد البصري
15
العد الكوفي
15
العد الشامي
15

* سورة (الشَّمْسِ):

سُمِّيت سورة (الشَّمْسِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الشمس).

1. القَسَم العظيم وجوابه (١-١٠).

2. مثال مضروب (١١-١٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /149).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبَهم عذابٌ بإشراكهم، وتكذيبِهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما أصاب ثمودًا بإشراكهم وعُتُوِّهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيدُ الخبر بالقَسَم بأشياءَ معظَّمة، وذُكِر من أحوالها ما هو دليلٌ على بديعِ صُنْعِ الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيرُه؛ فهو دليلٌ على أنه المنفرِد بالإلهية، والذي لا يستحِقُّ غيرُه الإلهيةَ، وخاصةً أحوالَ النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضَّلال، والسعادة والشقاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /365).