تفسير سورة الضحى

القطان

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب تيسير التفسير المعروف بـالقطان.
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ

الضحى: صدرُ النهار حين ترتفع الشمس. سجى: سكن. ما ودّعك ربك: ما تركك. وما قلَى: ما أَبغضك. ضالا فهدى: لم تكن تعلم شيئا عن الشرائع فهداك الى خير منهج. عائلاً: فقيرا. لا تقهَر: لا تذلَّه بل ارأف به. فلا تنهر: لا تزجره، بل ترفّق به.
نزلت هذه السورة الكريمةُ حاملةً أجملَ بشرى للرسول الكريم، ملقيةً في نفسه الطمأنينة، معدِّدة ما أنعمَ الله به عليه. وقد اقسم سبحانه بآيتين عظيمتين من آياتِه في هذا الكون العجيب: ضحى النهارِ وصدرِه، والليلِ وسكونِه - انه ما ترككَ أيها الرسول، وما أبغضَك.
﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى﴾
ولَلدارُ الآخرة وما فيها من نعيم خيرٌ لك من هذه الحياة الدنيا، ولَعاقبةُ أمرك ونهايتُه خيرٌ من بدايته. وقد حقّق الله له نصره.
﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى﴾
وهذه بشرى أخرى بأن الله تعالى سيُعطيه من خَيْرَيِ الدنيا والآخرة. وقد أعطاه حتى رَضِيَ، إن وعدَه الحق.
ثم بعدَ أن وعدَه بهذا الوعدِ الجميل ذَكَّره بنِعمه عليه فقال تعالى:
﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوى وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فأغنى﴾
ألم تكن يتيماً يا محمد فآواك، إذ كَفَلَكَ جدُّك عبدُ المطلب. ثم عمُّك أبو طالب الّذي ظلَّ يرعاك ويدافِع عنك طوال حياته. ووجدك حائراً لا تُقْنِعُك هذه المعتقداتُ التي حولك فهداكَ الى خيرِ دينٍ وأحسنِ منهاج. وكنت فقيراً لا مالَ لك فأغناك الله بما ربحتَ من التجارة، وما وهبتْه لك خديجةُ من مالها، حتى سَكنَتْ نفسُك ورضيت.
وبعد أن عدّد هذه النعمَ عليه، وصّاه بوصايا كلُّها خيرٌ ورحمة فقال تعالى:
﴿فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ وَأَمَّا السآئل فَلاَ تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾
وهذه الوصايا توجيهٌ كريم من الله تعالى لرسولِه وللمسلمين من بعدِه إلى رعاية اليتيم وكفالتِه، والى كِفاية كلِّ سائل، وإلى التحدُّثِ بنعمة الله الكبرى عليه.. ومن أعظَمِها الهدايةُ لهذا الدين القويم. وهذا توجيهٌ من الله بأن نتحلّى بالأخلاق العالية، وان نكون لطفاءَ لَيِّنين مع الناس، ونبتعدَ عن الغِلظَة والفظاظة التي يتّصف بها كثيرٌ مِمَّن يَدَّعون التديُّن.
اللهم اهدِنا سواء السبيل، واجعلنا ممن يقتفون آثارَ الرسول الكريم ويتبعون سُننه وأخلاقَه.
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).