تفسير سورة الضحى

تفسير النسفي

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل المعروف بـتفسير النسفي.
لمؤلفه أبو البركات النسفي . المتوفي سنة 710 هـ
سورة الضحى مكية وهى إحدى عشر آية

وَالضُّحَى (١)
﴿والضحى﴾ المراد به وقت الضحى وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس وإنما خص وقت الضحى بالقسم لأنها الساعة التى كلم فيها موسى عليه السلام وألقى فيها السحرة سجداً أو النهار كله لمقابلته بالليل في قوله
وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)
﴿والليل إِذَا سجى﴾ سكن والمراد سكون الناس والأصوات فيه وجواب القسم
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)
﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى﴾ ما تركك منذ اختارك وما أبغضك منذ أحبك والتوديع مبالغة في الودع لأن من ودعك مفارقاً فقد بالغ في تركك روي أن الوحي تأخر عن رسول الله ﷺ أياماً فقال المشركون إن محمداً ودعه ربه وقلاه فنزلت وحذف الضمير من قلى كحذفه من الذاكرات
وقوله والذاكرين الله كثيرا والذاكرات يريد والذاكراته ونحوه فاوى فهدى فأغنى وهو اختصار لفظي لظهور المحذوف
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)
﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى﴾ أي ما أعد الله لك في الآخرة من المقام
653
المحمود والحوض المورود والخير الموعود خير مما أعجبك في الدنيا وقيل وجه اتصاله بما قبله أنه لما كان في ضمن نفي التوديع والقلى أن الله مواصلك بالوحي إليك وأنك حبيب الله ولا ترى كرامة أعظم من ذلك أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك لتقدمه على الأنبياء وشهادة أمته على الأمم وغير ذلك
654
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)
﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ﴾ في الآخرة من الثواب ومقام الشفاعة وغير ذلك ﴿فترضى﴾ ولما نزلت قال ﷺ إذا لا أرضى قط وواحد من أمتي في النار واللام الداخلة على سوف لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة والمبتدأ محذوف تقديره ولأنت سوف يعطيك ونحوه لأقسم فيمن قرأ كذلك لان المعنى لانا أقسم وهذا لنها إن كانت لام قسم فلامه لا تدخل على المضارع الامع نون التوكيد فتعين أن تكون لام الابتداء ولامه لا تدخل الاعلى المبتدأ او الخبر فلا بد من تقدير مبتدأ وخبر كما ذكرنا لأن النون إنما تدخل ليؤذن أن اللام لام القسم لالام الابتداء وقد علم أنه ليس للابتداء لدخولها على سوف لان لام الابتداء لا تدخله على سوف وذكر أن الجمع بين حرفي التأكيد والتأخير يؤذن بأن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر ثم عدد عليه نعمه من أول حاله ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه لئلا يتوقع إلا الحسنى وزيادة الخير ولا يضيق صدره ولا يقل صبره فقال
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦)
﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً﴾ وهو من الوجود الذي بمعنى العلم والمنصوبان مفعولاه والمعنى ألم تكن يتيماً حين مات أبواك ﴿فاوى﴾ أي فآواك إلى عمك أبي طالب وضمك إليه حتى كفلك ورباك
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)
﴿وَوَجَدَكَ ضَالاًّ﴾ أي غير عالم ولا واقف على معالم النبوة وأحكام الشريعة
654
وما طريقة السمع ﴿فهدى﴾ فعرفك الشرائع والقرآن وقيل ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب فرده إلى القافلة ولا يجوز أن يفهم به عدول عن حق ووقوع في عنى فقد كان علية السلام من أول حاله إلى نزول الوحي عليه معصوماً من عبادة الأوثان وقاذورات أهل الفسق والعصيان
655
وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)
﴿وَوَجَدَكَ عَائِلاً﴾ فقيراً ﴿فأغنى﴾ فأغناك بمال خديجة أوبما أفاء عليك من الغنائم
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩)
﴿فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ﴾ فلا تغلبه على ما له وحقه لضعفه
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠)
﴿وَأَمَّا السائل فَلاَ تَنْهَرْ﴾ فلا تزجره فابذل قليلاً أو رد جميلاً وعن السدي المراد طالب العلم إذا جاءك فلا تنهره
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)
﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ﴾ أي حدث بالنبوة التي آتاك الله وهي أجل النعم والصحيح انها نعم جميع نعم الله عليه ويدخل تحته تعليم القرآن والشرائع والله أعلم
655
سورة الشرح مكية وهي ثمان آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

656
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).