تفسير سورة الضحى

تفسير مقاتل بن سليمان

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب تفسير مقاتل بن سليمان
لمؤلفه مقاتل بن سليمان . المتوفي سنة 150 هـ
سورة الضحى
مكية، عددها إحدى عشرة آية كوفي

قوله: ﴿ وَٱلضُّحَىٰ ﴾ [آية: ١] ﴿ وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ﴾ [آية: ٢] أقسم الله عز وجل، فقال: والضحى يعني حر الشمس وهي أول ساعة من النهار حين تطلع الشمس، وبالليل إذا سجى، يعني إذا غطى بهيمه ضوء النهار، فأقسم الله عز وجل ببدو الليل والنهار، فقال: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ ﴾ يا محمد ﴿ وَمَا قَلَىٰ ﴾ [آية: ٣] يعني وما مقتك، وذلك أن حبريل، عليه السلام، لم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً، ويقال: ثلاثة أيام، فقال: مشركوا العرب من أهل مكة: لو كان من الله لتتابع عليه الوحي، كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء، فقد ودعه الله وتركه صاحبه، فما يأتيه، فقال المسلمون: يا رسول الله، فما نزل عليك الوحي؟ قال: كيف ينزل على الوحي، وأنتم لا تنقُّون براجمكم، ولا تقلمون أظفاركم، قال: أقسم الله بهما، يعني بالليل والنهار، فقال: ما ودعك ربك، يا محمد، وما قلى، يقول: وما مقتك، لقولهم قد ودعه ربه وقلاه،" فلما نزل جبريل، عليه السلام، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا جبريل، ما جئت حتى اشتقت إليك "، فقال جبريل، عليه السلام: أنا كنت إليك اشد شوقاً لكرامتك على الله عز وجل، ولكني عبد مأمور، "﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ﴾من الدنيا﴿ وَمَا خَلْفَنَا ﴾من الآخرة،﴿ وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ ﴾يعني بين الدنيا والآخرة بين النفختين، وهي أربعون سنة. ثم قال:﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ﴾[مريم: ٦٤]، يقول: لم ينسك ربك يا محمد.
﴿ وَلَلآخِرَةُ ﴾ يعني الجنة ﴿ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ ﴾ [آية: ٤] يعني من الدنيا، يعني أنه قد دنت القيامة والآخرة خير لك من الدنيا ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ ﴾ في الآخرة، وهو الخير ﴿ فَتَرْضَىٰ ﴾ [آية: ٥] يعني حتى ترضى، ثم ترضى، ثم ترضى بما يعطيك، ثم أخبره الله عز وجل عن حاله التي كان عليها، وذكره النعم، فقال له جبريل عليه السلام: ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ ﴾ [آية: ٦] يقول: فضمك إلى عمك أبي طالب، فكفاك المؤنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" " منّ عليّ ربي وهو أهل المن "، فقال جبريل، عليه السلام: ﴿ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ ﴾ على الدلالة ﴿ فَهَدَىٰ ﴾ [آية: ٧] فهداك لدينه، فقال النبي صلى اله عليه وسلم: " منّ علىّ ربى وهو أهل المن "، فقال جبريل، عليه السلام: ﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً ﴾ يعني فقيراً ﴿ فَأَغْنَىٰ ﴾ [آية: ٨] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " منّ علىّ ربى، وهو أهل المن " ". ثم وصاه الله عز وجل، فقال: ﴿ فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾ [آية: ٩] يقول: لا تنهره، ولا تعبس في وجهه، فقد كنت يتيماً ﴿ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ ﴾ يعني الفقير المسكين ﴿ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾ [آية: ١٠] لا تنهره إذا سألك فقد كنت فقيراً ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [آية: ١١] يعني اشكر الله على ما ذكر في هذه السورة، وما صنع الله عز وجل بك من الخير، إذ قال: ألم تكن كذا، ففعلت بك كذا، أنزلت هاتين السورتين جميعاً بمكة: والضحى، والليل، وألم نشرح لك صدرك، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بهما سراً إلى من يطمئن إليه، ثم أتاه جبريل، عليه السلام، بأعلى مكة فدفع الأرض بيديه فانفجرت عين ماء، فتوضأ جبريل، عليه السلام، ليرى النبي صلى الله عليه وسلم وضوء الصلاة، ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فصلى به جبريل، عليه السلام، فلما انصرف أخبر خديجة، ثم صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم.
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).