تفسير سورة الضحى

النهر الماد من البحر المحيط

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب النهر الماد من البحر المحيط
لمؤلفه أبو حيان الأندلسي . المتوفي سنة 745 هـ

﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ﴾ هذه السورة مكية وسبب نزولها قال ابن عباس: أبطأ الوحي مرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة حتى شق ذلك عليه فقالت أم جميل امرأة أبي لهب يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت الآية ولما ذكر فيما قبلها وسيجنبها الأتقى وكان سيد الأتقياء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هنا نعمه تعالى عليه.﴿ مَا وَدَّعَكَ ﴾ أي تركك وقرأ أبو بحرية وابن أبي عبلة بالتخفيف ما ودعك.﴿ وَمَا قَلَىٰ ﴾ ما أبغضك واللغة الشهيرة في مضارع قلى يقلي.﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ﴾ ذلك في الآخرة وقال ابن عباس: رضاه ان لا يدخل أحد من أهل بيته النار واللام في الآخرة لام الابتداء أكدت مضمون الجملة ولما وعده هذا الموعد الجليل ذكره بنعمه تعالى عليه في حال نشأته.﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ ﴾ يعلمك.﴿ يَتِيماً ﴾ توفي أبوه عليه السلام وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه عليه السلام وهو ابن ثماني سنين فكفله عمه أبو طالب وأحسن تربيته وقيل لجعفر الصادق لم يتمّ النبي صلى الله عليه وسلم من أبويه فقال: لئلا يكون عليه حق لمخلوق.﴿ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ ﴾ قال ابن عباس: هو ضلاله وهو صغير في شعاب مكة رده الله تعالى إلى جده عبد المطلب ورأيت في النوم أني أفكر في هذه الجملة فأقول على الفور ووجدك أي وجد رهطك أي وجد رهطك ضالاً فهداه بك.﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً ﴾ أي فقيراً عال الرجل أفتقر وأعال كثر عياله.﴿ فَأَغْنَىٰ ﴾ رضاك بما أعطاك من الرزق ولما عدد عليه هذه النعم الثلاث وصاه بثلاث كأنها مقابلة لها.﴿ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾ أي فلا تحقره.﴿ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ ﴾ ظاهره المستعطي.﴿ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾ أي فلا تزجره لكن أعطه أو رده ردّاً جميلاً.﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ معناه بث القرآن وبلغ ما أرسلت به والظاهر أنه لما تقدم ذكر الامتنان عليه بذكر الثلاثة أمره بثلاثة فذكر اليتيم أولاً وهي البداية ثم ثانياً السائل وهو العائل وكان أشرف ما امتن به عليه هي الهداية فترقى من هذين إلى الأشرف وجعله مقطع السورة وإنما وسط ذلك عند ذكر الثلاثة لأنه بعد اليتم هو زمان التكليف وهو صلى الله عليه وسلم معصوم من اقتراف ما لا يرضي الله تعالى في القول والفعل والعقيدة فكان ذكر الامتنان بذلك على حسب الواقع بعد اليتم وحالة التكليف وفي الآخرة ترقى إلى الأشرف فهما مقصدان في الخطاب.
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).