تفسير سورة الضحى

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا ذكر فضائل الصِّديق اتبعه بفضائل خير الخلق صلى الله عليه وسلم، قيل: قرن بين سورتيهما تنبيها على أن لا واسطة بينهما فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * وَٱلضُّحَىٰ ﴾: النهار أو أوله ﴿ وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ﴾: سكن أهله أو ظلامه، قيل: قدم الضحى في سورة محمد عليه الصلاة والسلام، والليل في سورة أبي بكر لأنه سبقه ظلمة كفر ﴿ مَا وَدَّعَكَ ﴾: تركك ﴿ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ ﴾: أبغضك، رد لقولهم حين تأخر الوحي خمسة عشر يوماً: قلاه ربه وودعه ﴿ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ ﴾: الدنيا، كما مر ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ ﴾: في الآخرة ما لا يدرك كنهه سواه ﴿ فَتَرْضَىٰ ﴾: في الحديث:" ما أرضى وَواحد من أُمَّتي في النار "﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ ﴾: يعلمك ﴿ يَتِيماً فَآوَىٰ ﴾: فآواك ﴿ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ ﴾: غير مهتد إلى ما كتب لك من النبوة وغيرها ﴿ فَهَدَىٰ ﴾: فهداك إليه ﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً ﴾ فقيرا ﴿ فَأَغْنَىٰ ﴾: أغناك بما خديجة، ثم أبي بكر ثم الأنصار، ثم بالغنائم وهذا الامتنان لنبيه صلى الله عليه وسلم أي: فلا تقطع رجاءك عني، فلا يرد أنه كيف أتى بشيء ذم مثله من فرعون بقوله لموسى: ألم نُرَبِّك... إلى آخره ﴿ فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾: بل ارحمه كما فعلنا بك، قيل لمشاركته لك في الاسم ومنه حديث:" إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه وأوسعا له في المجلس "﴿ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾: فلا تزجر كما هديناك وأغنيناك ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾: فإن من شكرها أن يحدث بها حيث لم يخش رياء، وأخر حقه تعالى عن حقهما لغنائه - واللهُ أعْلمُ.
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).