تفسير سورة الضحى

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

قوله عز وجل :﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾.
فأما الضحى فالنهار كله، والليل إذا سجى : إذا أظلم وركد في طوله، كما تقول : بحر ساج، وليل ساج، إِذا ركد وسكن وأظلم.
وقوله عز وجل :﴿ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلَى ﴾.
نزلت في احتباس الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة [ ليلة ]، فقال المشركون : قد ودّع محمدا صلى الله عليه وسلم ربُّه، أو قلاه التابع الذي يكون معه، فأنزل الله جلّ وعزّ :﴿ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ ﴾ يا محمد، ﴿ وَما قَلَى ﴾ يريد : وما قلاك، فألقيت الكاف، كما يقول : قد أعطيتك وأحسنتُ ومعناه : أحسنت إليك، فتكتفي بالكاف الأولى من إعادة الأخرى، ولأن رءوس الآيات بالياء، فاجتمع ذلك فيه.
وقوله عز وجل :﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾.
وهي في قراءة عبد الله :«ولسيعطيك [ ربك فترضى ] » والمعنى واحد، إلا أن ( سوف ) كثرت في الكلام، وعرِف موضعها، فترك منها الفاء والواو، والحرف إذا كثر فربما فعل به ذلك، كما قيل : أَيشٍ تقول، وكما قيل : قم لا بَاك، وقم لا بِشانئك، يريدون : لا أبالك، ولا أبا لشانئك، وقد سمعتُ بيتاً حذفت الفاء فيه من كيف، قال الشاعر :
من طالبين لِبُعران لنا رفضت كيلا يُحسون من بعراننا أثرا
أراد : كيف لا يحسون ؟ وهذا لذلك.
وقوله عز وجل :﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴾.
يقول : كنت في حجر أبي طالب، فجعل لك مأوى، وأغناك عنه، ولم يك غنى عن كثرة مال، ولكنّ الله رضّاه بما آتاه.
وقوله عز وجل :﴿ وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى ﴾.
يريد : في قوم ضلاّل فهداك ﴿ وَوَجدَكَ عائلاً ﴾ : فقيرا، ورأيتها في مصاحف عبد الله «عديما »، والمعنى واحد.
وقوله عز وجل :﴿ فَأَغْنَى ﴾ و«فآوى » يراد به ( فأغناك ) و( فآواك ) فجرى على طرح الكاف لمشاكلة رءوس الآيات. ولأنّ المعنى معروف.
وقوله عز وجل :﴿ فَأَما الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾.
فتذهب بحقه لضعفه، وهي في مصحف عبد الله «فلا تكهر »، وسمعتها من أعرابي من بني أسد قرأها عليّ.
وقوله عز وجل :﴿ وَأَما السَّائلَ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾.
السائل على [ ١٤٢/ب ] الباب يقول : إِما أعطيته، وإِما رددته ردًّا لينا.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ وَأَما بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾.
فكان القرآن أعظم نعمة الله عليه، فكان يقرؤه ويحدث به، وبغيره من نعمه.
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).