تفسير سورة الضحى

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ والليل إذا سجى ﴾( ٢ )
١٢٦٢- سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الليل أفضل ؟ فقال :( نصف الليل الغابر )١ وهو المراد بقوله تعالى :﴿ والليل إذا سجى ﴾، ولأنه وقت غفلة الخلق، يفضل فيه الاشتغال بالحق، ووقت في آخر الليل، وأوله بعد انقضاء ثلث الليل إلى أن يبقى سدسه وهو مقدار سدس الليل، وهي الأسحار المخصوصة بالاستغفار، والأخبار فيه باهتزاز المندوب إلى التعرض لها. ( مدخل السلوك إلى منازل الملوك : ٧٤ )
١٢٦٣- ﴿ والليل إذا سجى ﴾ أي إذا سكن وسكونه هدوءه في هذا الوقت، فلا تبقى عين إلا نائمة، سوى الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وقيل : إذا سجى : إذا امتد وطال، وقيل : إذا أظلم. ( الإحياء : ١/٤٠٩ )
١ - أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر دون قوله: "الغابر" ن الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان ٢/٤ حديث رقم ٢٥٥٥..
﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾( ٥ )
١٢٦٤- عن جابر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة رضي الله عنها وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من وبر الإبل فلما نظر إليها بكى وقال :( أي فاطمة، تجرعي مرارة الدنيا لنعيم الأبد، فأنزل الله عليه :﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾١. ( نفسه : ٤/٢٧٤ )
١٢٦٥- في تفسير قوله تعالى :﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾ قال٢ :( لا يرضى محمد وواحد من أمته في النار )٣، وكان أبو جعفر محمد بن علي٤ يقول : أنتم أهل العراق تقولون أرجى آية في كتاب الله عز وجل قوله :﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ﴾٥ الآية، ونحن أهل البيت نقول : أرجى آية في كتاب الله تعالى قوله تعالى :﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾. ( نفسه : ٤/١٥٥ )
١ - قال العراقي: أخرجه أبو بكر بن دلال في مكارم الأخلاق بإسناد ضعيف ن المغني بهامش الإحياء: ٤/٨٤٧..
٢ - أي الرسول صلى الله عليه وسلم..
٣ - أخرجه ابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن علي. انظر فتح القدير ٥/٤٦٠..
٤ - هو السيد الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي العلوي الفاطمي، المدني، ولد زين العابدين، ولد في حياة عائشة رضي الله عنها. روى عن جديه: النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه مرسلا، وجديه الحسن والحسين مرسلا أيضا فيرهم. وروى عنه ابنه عطاء والأعرج وغيرهم. كان من فقهاء المدينة له تفسير وهو أحد الأئمة اثني عشر على اعتقاد الإمامية، وتوفي سنة ١١٧ هـ ن. طبقات المفسرين للداودي: ٢/٢٠٠ وشذرات الذهب ١/١٤٩ والسير: ٤/٤٠١..
٥ - الزمر: ٥٠..
﴿ ووجدك ضالا فهدى ﴾( ٧ )
١٢٦٦- الضلال في وضع اللسان لا يناسب الكفر، قال الله تعالى :﴿ ووجدك ضالا فهدى ﴾. ( المستصفى : ١/١٧٧ )
﴿ وأما السائل فلا تنهر ﴾( ١٠ )
١٢٦٧- العبد ينبغي أن يكون مجيبا أولا لربه تعالى فيما أمره به ونهاه عنه، وفيما ندبه إليه ودعاه، ثم لعباده فيما أنعم الله عليه بالاقتدار عليه، وفي إسعاد كل سائل بما يسأله إن قدر عليه، وفي لطف الجواب إن عجز عنه، قال الله تعالى :﴿ وأما السائل فلا تنهر ﴾. ( المقصد الأسني : ١٠٦ )
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).