تفسير سورة الضحى

التفسير القيم

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب التفسير القيم
لمؤلفه ابن القيم . المتوفي سنة 751 هـ

تفسير قول الله تعالى ذكره :﴿ وأما بنعمة ربك فحدث ﴾ [ الضحى : ١١ ].
في هذا التحديث قولان :
أحدهما : أنه ذكر النعمة والإخبار بها. وقول العبد : أنعم الله علي بكذا وكذا.
قال مقاتل : يعني أشكر ما ذكر من النعم عليك في هذه السورة من الإيواء مع اليتم، والهدى تعد الضلال، والإغناء تعد العيلة.
والتحدث بنعمة الله شكر. كما في حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا :«من صنع إليه معروف فليجز به، فإن لم يجد ما يجزي به فليُثْن عليه. فإنه إذا أثنى عليه فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بما لم يُعْطَ، كان كلابس ثوبي زور ».
فذكر أقسام الخلق الثلاثة : شاكر النعمة المثنى بها، والجاحد لها، والكاتم لها، والمظهر أنه من أهلها وليس من أهلها. فهو متحل بما لم يفعله.
وفي أثر آخر مرفوع :«من لم يشكر القليل لم يشكر، الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر، وتركه كفر. والجماعة رحمة، والفرقة عذاب ». والقول الثاني : أن التحدث بالنعمة المأمور به في هذه الآية : هو الدعوة إلى الله، وتبليغ رسالته، وتعليم الأمة. قال مجاهد : هي النبوة.
قال الزجاج : أي بلغ ما أرسلت به، وحدث بالنبوة التي آتاك الله.
وقال الكلبي : هو القرآن، أمره أن يقرأه على الناس.
والصواب : أنه يعم النوعين، إذ كل منهما نعمة مأمور بشكرها، والتحدث بها. وإظهارها من شكرها.
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).