تفسير سورة الضحى

التيسير في أحاديث التفسير

تفسير سورة سورة الضحى من كتاب التيسير في أحاديث التفسير
لمؤلفه المكي الناصري . المتوفي سنة 1415 هـ
ولننتقل الآن إلى سورة " الضحى " المكية أيضا، وهذه السورة تعبر عن رعاية الله لرسوله من فوق سبع سماوات، وتسجل ما يتمتع به من رضى مولاه وتأييده في الشدة والرخاء.

وفي بدايتها قسم " بالضحى والليل إذا سجى ". و﴿ الضحى١ ﴾ وقت ارتفاع النهار وامتداد الشمس، و " سجى " بمعنى سكن وهدأ، والمقسم عليه فيها هو أن الله تعالى يرعى نبيه بعين رعايته التي لا تنام، وأنه لا يمكن أن يجفو رسوله عليه السلام، ولا أن يكله إلى نفسه، بعدما اختاره لرسالته، وأعده لحمل أمانته، وأن ما ادخره له سبحانه من الفضل والعطاء، يتجاوز العد والإحصاء، ويفوق كل ما يؤمله من الثواب والجزاء، وذلك قوله تعالى :﴿ بسم الله الرحمن الرحيم والضحى١ والليل إذا سجى٢ ما ودعك ربك وما قلا٣ ﴾، أي ما أبغضك وما هجرك، ﴿ وللآخرة خير لك من الأولى٤ ولسوف يعطيك ربك فترضى٥ ﴾.
ثم اتجه الخطاب الإلهي إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، يذكره بما رافق حياته منذ بدايتها وفي جميع أطوارها من العناية الربانية والمدد الإلهي، مؤكدا له " أن الكريم إذا بدأ كمل "، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى :﴿ ألم يجدك يتيما فآوى٦ ووجدك ضالا فهدى٧ ﴾، أي : وجدك " يتيما " فسخر لك من يحنو عليك ويقف بجانبك في السراء والضراء ووجدك " ضالا " بين قوم سيطرت عليهم " الجاهلية "، وأنت تتلمس طريق الهدى : فعصمك من جاهليتهم، وأعدك لتكون رسوله إلى العالمين على غرار قوله تعالى :﴿ وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا، ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ﴾ ( الشورى : ٥٢ ). ﴿ ووجدك عائلا فأغنى٨ ﴾، أي : أكرمك بقناعة النفس وغنى القلب، فلم تلهك الدنيا ولا شهواتها ولا مطامعها.
وختمت هذه السورة الكريمة بالدعوة إلى كفالة اليتيم والإحسان إليه، وإكرام السائل والعطف عليه، والتحدث بنعم الله التي أنعم بها على رسوله والمؤمنين، وعلى رأسها نعمة الإيمان والإسلام، والذكر الحكيم الذي أنزله الله رحمة للعالمين، وذلك قوله تعالى :﴿ فأما اليتيم فلا تقهر٩ ﴾، أي : اكفله وقربه وأصلح أمره، ﴿ وأمّا السائل فلا تنهر١٠ ﴾، أي : إما أن تعطيه مما أعطاك الله، أو تعده، أو ترده ردا جميلا بكلمة طيبة ويندرج تحت هذه الآية السائل عن دينه من أجل البيان والمعرفة. ﴿ وأما بنعمة ربك فحدث١١ ﴾، أي : اشكر إحسان الله إليك وإنعامه عليك، بالجوارح واللسان والجنان.
سورة الضحى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الضُّحى) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفجر)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الضُّحى)، وقد نزلت بسببِ قول المشركين: إن اللهَ عز وجل قد ودَّعَ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ترَكَه، بعدما أبطأ جِبْريلُ في النزول عليه صلى الله عليه وسلم، فأخبره اللهُ عز وجل بهذه السورة أنَّ اللهَ معه، وناصرُه، وكافيه، ومعطيه عطاءً يَلِيقُ بجلال الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
93
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
11
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]:

عن جُنْدُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «أبطَأَ جِبْريلُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد وُدِّعَ مُحمَّدٌ؛ فأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَاْلضُّحَىٰ ١ وَاْلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ٢ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: 1-3]». أخرجه مسلم (١٧٩٧).

* قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «عُرِضَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أُمَّتِه مِن بعدِه كَفْرًا كَفْرًا، فسُرَّ بذلك؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰٓ} [الضحى: 5]، قال: فأعطاه في الجَنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما ينبغي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ». أخرجه الطبراني (١٠٦٥٠).

* سورة (الضُّحى):

سُمِّيت سورة (الضُّحى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(الضُّحى).

1. بيان لبعض حاله عليه السلام، ومكانته (١-٥).

2. دلائل الرعاية، وحقها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /202).

مقصد سورة (الضُّحى) هو إبطالُ قول المشركين إذ زعَموا أنَّ ما يأتي من الوحيِ للنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطَع عنه، وبشارةُ اللهِ للنبي صلى الله عليه وسلم بالعطاء العظيم منه عز وجل.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /394).