تفسير سورة الجاثية

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الجاثية من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة الجاثية وهي الشريعة١
١ في الدر المنثور: أخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنهما قال: أنزلت سورة الشريعة بمكة.
وتسمى سورة الشريعة وسورة الدهر لورود ذكرهما في السورة، قاله الألوسي..

بسم الله الرحمن الرحيم٢
قال : أنا سلمة قال : أنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وتصريف الرياح ﴾ قال : يصرفها إن شاء جعلها رحمة وإن شاء جعلها عذابا.
٢ البسملة من (م)..
عبد الرزاق قال : أنا عمر بن حبيب المكي عن حميد الأعرج، قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، فسأله فقال : مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء والنور والظلمة والريح والتراب، قال : فمم خلق هؤلاء ؟ قال : لا أدري، قال : ثم أتى عبد الله بن الزبير فسأله، فقال : مثل قول عبد الله بن عمرو فأتى ابن عباس فسأله، فقال : مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء والنور والظلمة والريح والتراب، قال : فمم خلق هؤلاء ؟ قال : فتلا ابن عباس :﴿ وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ﴾ فقال الرجل ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
عبد الرزاق قال : أنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ﴾ قال : منه النور والشمس والقمر.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ﴾ قال : نسختها :﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾. ١
١ التوبة في (م)..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ أفرأيت من اتخذ إلاهه هواه ﴾ قال : لا يهوى شيئا إلا ركبه لا يخاف الله.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله ﴿ وما يهلكنا إلا الدهر ﴾ قال : قال ذلك مشركو قريش، قالوا وما يهلكنا إلا الدهر، يقولون إلا١ العمر.
قال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الله يقول : لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر- مرتين-٢ فإني أنا الدهر، أقلب الليل ونهاره، فإذا شئت قبضتها " ٣.
١ كلمة (إلا) من (ق)..
٢ أي كرر ذكل مرتين. وكلمة (مرتين) من (ق)..
٣ روى البخاري شطره الأول في الأدب ج ٧ ص ١١٥.
ومسلم في: الألفاظ من الأدب: ج ٧ ص ٤٥.
وأحمد: ج ٢ ص ٢٥٩.
وأبو داود: ج ٨ ص ١١٨ في الأدب..

عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة والكلبي في قوله تعالى :﴿ وترى كل أمة جاثية ﴾ قالا : هاهنا جثوة وهاهنا جثوة.
عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن بابيه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" كأني أراكم بالكوم١ جاثين دون جهنم في قوله :﴿ وترى كل أمة جاثية ﴾٢ ".
١ الكوم: المكان المرتفع، ومنه الحديث: يجيء يوم القيامة على كوم فوق الناس..
٢ أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث. انظر الدر ج ٦ ص ٣٦..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ اليوم ننساكم كما نسيتم ﴾ قال : اليوم نترككم كما تركتم.
سورة الجاثية
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الجاثية) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ اتصاف الله بكمال العِزَّة والحِكْمة، والقدرة والعدل؛ ومن ذلك: قيامُه بجَمْعِ الخلائق يوم القيامة، والفصلِ بينهم على أعمالهم في يوم مَهُولٍ تجثو فيه الناسُ على رُكَبِها، وفي ذلك حثٌّ على صدق العمل في الدنيا؛ فاللهُ مُحْصٍ كلَّ عمل؛ عظُمَ أو صغُرَ، وجاءت السورة بتذكيرِ اللهِ خَلْقَه بنِعَمِه عليهم، والردِّ على الدَّهْريين.

ترتيبها المصحفي
45
نوعها
مكية
ألفاظها
488
ترتيب نزولها
65
العد المدني الأول
37
العد المدني الأخير
37
العد البصري
37
العد الكوفي
37
العد الشامي
37

* قوله تعالى: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا اْلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا اْلدَّهْرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «كان أهلُ الجاهليَّةِ يقولون: إنَّما يُهلِكُنا الليلُ والنهارُ، وهو الذي يُهلِكُنا ويُمِيتُنا ويُحْيِينا، فقال اللهُ في كتابه: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا اْلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا اْلدَّهْرُۚ} [الجاثية: 24]، قال: فيسُبُّون الدَّهْرَ، فقال اللهُ تبارَكَ وتعالى: يُؤذِيني ابنُ آدَمَ؛ يسُبُّ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بِيَدي الأمرُ، أُقلِّبُ الليلَ والنهارَ». "الصحيح المسند من أسباب النزول" (1 /183).

* سورة (الجاثية):

اختصَّتْ سورةُ (الجاثية) بذكرِ لفظ (جاثية)، الذي يتعلق بيوم القيامة وأهواله، يوم تجثو الناسُ على رُكَبِها من الفزع؛ قال تعالى: {وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٖ جَاثِيَةٗۚ كُلُّ أُمَّةٖ تُدْعَىٰٓ إِلَىٰ كِتَٰبِهَا اْلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28].

* سورة (الشَّريعة):

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (شريعة) فيها، ولم يقَعْ في غيرها من القرآن؛ قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَٰكَ عَلَىٰ ‌شَرِيعَةٖ مِّنَ اْلْأَمْرِ فَاْتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ اْلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18].

1. مصدر القرآن الكريم، وإثباتُ وَحْدانية الله (١-٦).

2. جزاء المكذِّبين بآيات الله (٧-١١).

3. التذكير بنِعَم الله على عباده (١٢-١٥).

4. نِعَمُه الخاصة ببني إسرائيل، وإنزالُ الشرائع (١٦-٢٠).

5. عدلُه في المحسِنين والمسِيئين (٢١-٢٣).

6. الرد على الدَّهْريِّين (٢٤-٢٧).

7. من مَشاهد يوم القيامة (٢٨-٣٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /161).

إثباتُ صِفَتَيِ العِزَّة والحِكْمة لله عز وجل؛ فمن كمال عِزَّته وحِكْمته: جمعُ الخلائق يوم القيامة للفصل بينهم، وجزاؤُهم على أعمالهم، بعد أن بيَّن لهم طريقَيِ الخير والشر، وأقام الحُجة عليهم.

واسمُ السورة دالٌّ أتمَّ الدلالة على هذا المقصد، و(الجاثية) اسمٌ من أسمائها يدل على هولِ ما يحصل فيها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /476).