تفسير سورة الجاثية

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة الجاثية من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات ﴾ ( ٢٠ )
٩٨٢- ومعناها : أيظن الذين اكتسبوا الخطايا ويعملون الأعمال المذمومة أن نسوي بينهم في الآخرة وبين الذين يعملون الخيرات، وهم يؤمنون ؟ كلا ساء ما يحكمون. ( التبر المسبوك في نصيحة الملوك : ٢٣ )
﴿ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ﴾( ٢٢ )
٩٨٣- كل متبع هواه فقد اتخذ هواه معبوده، قال الله تعالى :﴿ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ﴾ وقال صلى الله عليه وسلم ( أبغض إله عبد في الأرض عند الله تعالى هو الهوى }١. ( الإحياء : ١/٤٦ ومشكاة الأنوار ضمن المجموعة رقم ٤ ص : ٤١ )
٩٨٤- ﴿ أرأيت من اتخذ إلهه هواه ﴾ وهو إشارة على أن من اتخذ الهوى إلهه ومعبوده فهو عبد الهوى لا عبد الله. ( الإحياء : ٣/٣١ )
٩٨٥- ﴿ أرأيت من اتخذ إلهه هواه ﴾ إذ لا معنى للإله إلا المعبود، والمعبود هو المتبوع إشارة.
فمن كان تردده في جميع أطواره خلف أغراضه البدنية وأوطاره، فقد اتخذ إلهه هواه. ( ميزان العمل : ٢٤١ )
١ - قال الحفاظ العراقي: أخرج الطبراني من حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف. ن المعنى بهامش الإحياء: ١/٤٦..
﴿ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ﴾( ٢٨ )
٩٨٦- وليس لكتاب آلة العبارة، ولا عدة الإشارة، لكن لما تضمن جميع الأشياء، وأحاط بكل المكونات، واستولى على لطائف الموجودات وكثائفها، كما قال تعالى :﴿ ما فرطنا في الكتاب من شيء ﴾١ وقال تعالى :﴿ ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ﴾٢ فبهذا المعنى سمى الله كتابه ناطقا، ليعلم العاقل أن الناطق من الناس قد تكون نفسه. ( المعارف العقلية : ٣١-٣٢ )
٩٨٧- أعمال الخلائق كل يوم تعرض على الله، فيأمر الكرام البررة أن يستنسخوها في ذلك الكتاب العظيم، وهو قوله تعالى :﴿ إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ﴾. ( الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة ضمن المجموعة رقم ٦ ص : ١٣١ )
١ - الأنعام: ٣٨..
٢ - الأنعام: ٥٩..
سورة الجاثية
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الجاثية) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ اتصاف الله بكمال العِزَّة والحِكْمة، والقدرة والعدل؛ ومن ذلك: قيامُه بجَمْعِ الخلائق يوم القيامة، والفصلِ بينهم على أعمالهم في يوم مَهُولٍ تجثو فيه الناسُ على رُكَبِها، وفي ذلك حثٌّ على صدق العمل في الدنيا؛ فاللهُ مُحْصٍ كلَّ عمل؛ عظُمَ أو صغُرَ، وجاءت السورة بتذكيرِ اللهِ خَلْقَه بنِعَمِه عليهم، والردِّ على الدَّهْريين.

ترتيبها المصحفي
45
نوعها
مكية
ألفاظها
488
ترتيب نزولها
65
العد المدني الأول
37
العد المدني الأخير
37
العد البصري
37
العد الكوفي
37
العد الشامي
37

* قوله تعالى: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا اْلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا اْلدَّهْرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «كان أهلُ الجاهليَّةِ يقولون: إنَّما يُهلِكُنا الليلُ والنهارُ، وهو الذي يُهلِكُنا ويُمِيتُنا ويُحْيِينا، فقال اللهُ في كتابه: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا اْلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا اْلدَّهْرُۚ} [الجاثية: 24]، قال: فيسُبُّون الدَّهْرَ، فقال اللهُ تبارَكَ وتعالى: يُؤذِيني ابنُ آدَمَ؛ يسُبُّ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بِيَدي الأمرُ، أُقلِّبُ الليلَ والنهارَ». "الصحيح المسند من أسباب النزول" (1 /183).

* سورة (الجاثية):

اختصَّتْ سورةُ (الجاثية) بذكرِ لفظ (جاثية)، الذي يتعلق بيوم القيامة وأهواله، يوم تجثو الناسُ على رُكَبِها من الفزع؛ قال تعالى: {وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٖ جَاثِيَةٗۚ كُلُّ أُمَّةٖ تُدْعَىٰٓ إِلَىٰ كِتَٰبِهَا اْلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28].

* سورة (الشَّريعة):

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (شريعة) فيها، ولم يقَعْ في غيرها من القرآن؛ قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَٰكَ عَلَىٰ ‌شَرِيعَةٖ مِّنَ اْلْأَمْرِ فَاْتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ اْلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18].

1. مصدر القرآن الكريم، وإثباتُ وَحْدانية الله (١-٦).

2. جزاء المكذِّبين بآيات الله (٧-١١).

3. التذكير بنِعَم الله على عباده (١٢-١٥).

4. نِعَمُه الخاصة ببني إسرائيل، وإنزالُ الشرائع (١٦-٢٠).

5. عدلُه في المحسِنين والمسِيئين (٢١-٢٣).

6. الرد على الدَّهْريِّين (٢٤-٢٧).

7. من مَشاهد يوم القيامة (٢٨-٣٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /161).

إثباتُ صِفَتَيِ العِزَّة والحِكْمة لله عز وجل؛ فمن كمال عِزَّته وحِكْمته: جمعُ الخلائق يوم القيامة للفصل بينهم، وجزاؤُهم على أعمالهم، بعد أن بيَّن لهم طريقَيِ الخير والشر، وأقام الحُجة عليهم.

واسمُ السورة دالٌّ أتمَّ الدلالة على هذا المقصد، و(الجاثية) اسمٌ من أسمائها يدل على هولِ ما يحصل فيها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /476).