تفسير سورة الجاثية

صفوة البيان لمعاني القرآن

تفسير سورة سورة الجاثية من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن
لمؤلفه حسنين مخلوف . المتوفي سنة 1410 هـ

﴿ إن في السموات والأرض... ﴾ اشتملت هذه الآيات الثلاث على ستة أدلة كونية : خلق السموات والأرض ؛ والمتأمل فيهما يعلم أنه لا بد لهما من صانع حكيم، فيؤمن به. وخلق الإنسان وانتقاله في أطواره. وخلق ما على الأرض من صنوف الحيوان ؛ والمتأمل فيهما وفي ارتباط تكونهما بالعالم العلوي يصل بالتأمل إلى مرتبة اليقين، والحوادث المتجددة في كل وقت من اختلاف الليل والنهار، ونزول الأمطار الذي به حياة الأرض بالنبات، وتقلب الرياح وآثارها في البر والبحر ؛ والتأمل فيها يؤدي إلى استحكام العلم وقوة اليقين، وذلك لا يكون إلا بالعقل الكامل ؛ ولذا ختمت كل آية بما يناسب ما سبق فيها من الدليل.
و﴿ يبث ﴾ أي ينشر ويفرق [ آية ١٠ لقمان ص ١٦٥ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣:﴿ إن في السموات والأرض... ﴾ اشتملت هذه الآيات الثلاث على ستة أدلة كونية : خلق السموات والأرض ؛ والمتأمل فيهما يعلم أنه لا بد لهما من صانع حكيم، فيؤمن به. وخلق الإنسان وانتقاله في أطواره. وخلق ما على الأرض من صنوف الحيوان ؛ والمتأمل فيهما وفي ارتباط تكونهما بالعالم العلوي يصل بالتأمل إلى مرتبة اليقين، والحوادث المتجددة في كل وقت من اختلاف الليل والنهار، ونزول الأمطار الذي به حياة الأرض بالنبات، وتقلب الرياح وآثارها في البر والبحر ؛ والتأمل فيها يؤدي إلى استحكام العلم وقوة اليقين، وذلك لا يكون إلا بالعقل الكامل ؛ ولذا ختمت كل آية بما يناسب ما سبق فيها من الدليل.
﴿ وتصريف الرياح ﴾ تقليبها من جهة إلى أخرى، ومن حالة إلى حالة [ آية ١٦٤ البقرة ص ٥٤ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣:﴿ إن في السموات والأرض... ﴾ اشتملت هذه الآيات الثلاث على ستة أدلة كونية : خلق السموات والأرض ؛ والمتأمل فيهما يعلم أنه لا بد لهما من صانع حكيم، فيؤمن به. وخلق الإنسان وانتقاله في أطواره. وخلق ما على الأرض من صنوف الحيوان ؛ والمتأمل فيهما وفي ارتباط تكونهما بالعالم العلوي يصل بالتأمل إلى مرتبة اليقين، والحوادث المتجددة في كل وقت من اختلاف الليل والنهار، ونزول الأمطار الذي به حياة الأرض بالنبات، وتقلب الرياح وآثارها في البر والبحر ؛ والتأمل فيها يؤدي إلى استحكام العلم وقوة اليقين، وذلك لا يكون إلا بالعقل الكامل ؛ ولذا ختمت كل آية بما يناسب ما سبق فيها من الدليل.
﴿ فبأي حديث بعد الله ﴾ أي بعد حديث الله الذي يتلوه عليكم الرسول وهو القرآن. وقد جاء إطلاق الحديث عليه في قوله تعالى : " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني " ١. ﴿ وآياته ﴾ دلائله وحججه﴿ يؤمنون ﴾.
١ آية ٢٣ الزمر..
﴿ ويل لكل أفاك أثيم ﴾ هلاك، أو عذاب، أو حسرة لكل كذاب كثير الإثم. ويدخل في الآية من نزلت فيه دخولا أوليا : أبو جهل، أو النضر بن الحارث وكان يشتري أحاديث الأعاجم ليلهي الناس بها عن سماع القرآن.
﴿ ثم يصر مستكبرا ﴾ ثم يقيم على كفره وضلاله، مستكبرا عن الإيمان بالآيات. والإصرار على الشيء : ملازمته وعدم الانفكاك عنه ؛ من الصر وهو الشد. ومنه صرة الدراهم.
﴿ اتخذها هزوا ﴾ اتخذ الآيات هزوا وسخرية.
﴿ لهم عذاب من رجز أليم ﴾ مؤلم موجع من أشد العذاب. والرجز : يطلق على اشد العذاب وعلى العذاب. وقرئ " أليم " بالجر على أنه صفة ل " رجز ".
﴿ قل للذين آمنوا... ﴾ حث للمؤمنين على التجاوز والصفح عما يصدر عن المشركين من الكلمات البذيئة المؤذية، وعلى ترك منازعتهم بمثلها. أي قل للمؤمنين اغفروا للمشركين الذين لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه. ﴿ ليجزي قوما ﴾ أي أمروا بذلك ليجزيهم الله يوم القيامة بما كسبوا في الدنيا من الأعمال الصالحة، ومنها الصبر على أذى الكفار، والإغضاء عنهم، واحتمال المكروه منهم.
﴿ ولقد آتينا بني إسرائيل... ﴾ أنعم الله على بني إسرائيل بنعم كثيرة، منها هذه النعم المذكورة في الآية فلم يشكروها ؛ بل اختلفوا في أمر الدين بغيا وحسدا. فكذلك كفار مكة جاءهم الهدى فأصروا على الكفر، وأعرضوا عن الإيمان عداوة وحسدا. والكتاب : التوراة، والحكم : الفصل بين الناس في الخصومات. والبينات : الدلائل الظاهرة، ومنها معجزات موسى عليه السلام.
﴿ بغيا بينهم ﴾ عداوة وحسدا فيما بينهم. والبغي : طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى ؛ والمذموم منه : تجاوز الحق إلى الباطل ؛ ومنه العداوة بغير حق، والحسد على النعمة.
﴿ ثم جعلناك على شريعة من الأمر ﴾ على طريقة ومنهاج واضح من أمرنا الذي أمرنا به من قبلك من رسلنا ؛ من شرعه : إذا سنه ليسلك. والشريعة في الأصل : ما يرده الناس من المياه والأنهار. وجمعها شرائع، واستعيرت للدين ؛ لأن العباد بأخذهم به تحيا نفوسهم كما يحيا العطاش بالماء.
﴿ أم حسب الذين اجترحوا السيئات ﴾ اكتسبوا ما يسوء من الكفر والمعاصي ؛ من الاجتراح وهو الاكتساب [ آية ٤ المائدة ص ١٨٤ ] – أي بل أحسبوا أن نسوي في الدنيا وفي الآخرة بينهم مع اجتراحهم السيئات وبين أهل الحسنات ! كلا ! لا يستوون فيهما ؛ فإن المحسنين في عز الإيمان والطاعة وشرفهما في المحيا، وفي رحمة الله ورضوانه في الممات، والمسيئين في ذل الكفر والعصيان وهوانهما في المحيا، وفي لعنة الله وعذابه في الممات. ﴿ ساء ما يحكمون ﴾ أي بئس حكما حكمهم أن نسوي بين الفريقين.
﴿ أفرأيت ﴾ أي أخبرني ! أو أنظرت من هذه حالته فرأيته... ! فإن ذلك مما يقضي منه العجب. ﴿ من اتخذ إلهه هواه ﴾ جعل هواه معبوده يخضع له ويطيعه ؛ كما يخضع العابد لمعبوده. ﴿ وختم على سمعه وقلبه ﴾ فلا يتأثر بموعظة، ولا يتفكر في آية. ﴿ وجعل على بصره غشاوة ﴾ أي غطاء فلا يبصر هدى. والكلام تمثيل بليغ.
﴿ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا ﴾ أي ما الحياة إلا هذه الحياة الدنيا التي نعيش فيها، وليس هناك حياة أخرى بعد الممات ! ﴿ وما يهلكنا إلا الدهر ﴾ أي مرور الزمان. وكانوا ينسبون الأفعال إلى الدهر لا إلى الله تعالى.
﴿ وترى كل أمة جاثية ﴾ أي وترى يوم تقوم الساعة أهل كل ملة ودين عند الحساب من هول الموقف باركين على الركب، مستوفزين على هيئة المذنب المنتظر لما يكره ؛ من الجثو وهو الجلوس على الركب. يقال : جثا على ركبتيه يجثو ويجثى جثوا وجثيا.
﴿ تدعى إلى كتابها ﴾ إلى سجل أعمالها الذي أمر الله الحفظة بكتابته لتحاسب عليه.
﴿ نستنسخ ما كنتم تعملون ﴾ نأمر حفظتنا بنسخ أعمالكم ؛ أي بكتابتها وتثبيتها عليكم في الصحف، حسنة كانت أو سيئة. فالمراد بالنسخ : الإثبات لا الإزالة.
﴿ إن نظن إلا ظنا ﴾ هذا قول المتحيرين منهم بين ما يتلى عليهم من الآيات في أمر الساعة، وبين ما يسمعونه من أكابرهم وآبائهم. ﴿ وما نحن بمستيقنين ﴾ أي بموقنين أن الساعة آتية. والكافرون بالبعث – كما قدمنا – صنفان : جاحد له بإصرار، وجائر بين الجحود والشك [ آية ٧ الدخان ص ٣٠٦ ].
﴿ وحاق بهم ﴾ نزل أو أحاط بهم.
﴿ ننساكم ﴾ نترككم في النار. واستعمال النسيان في الترك مجاز بعلاقة السببية.
﴿ اتخذتم آيات الله هزوا ﴾ مهزوءا بها، ولم ترفعوا لها رأسا. ﴿ ولا هم يستعتبون ﴾ أي لا يطلب منهم أن يزيلوا عتب ربهم عليهم ؛ وهو كناية عن إرضائه تعالى. أي لا يطلب منهم إرضاؤه عز وجل في ذلك اليوم لفوات أوانه [ آية ٨٤ النحل ص ٤٤٢ ].
﴿ وله الكبرياء ﴾ العظمة والملك، أو كمال الذات وكمال الوجود. والله أعلم.
سورة الجاثية
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الجاثية) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ اتصاف الله بكمال العِزَّة والحِكْمة، والقدرة والعدل؛ ومن ذلك: قيامُه بجَمْعِ الخلائق يوم القيامة، والفصلِ بينهم على أعمالهم في يوم مَهُولٍ تجثو فيه الناسُ على رُكَبِها، وفي ذلك حثٌّ على صدق العمل في الدنيا؛ فاللهُ مُحْصٍ كلَّ عمل؛ عظُمَ أو صغُرَ، وجاءت السورة بتذكيرِ اللهِ خَلْقَه بنِعَمِه عليهم، والردِّ على الدَّهْريين.

ترتيبها المصحفي
45
نوعها
مكية
ألفاظها
488
ترتيب نزولها
65
العد المدني الأول
37
العد المدني الأخير
37
العد البصري
37
العد الكوفي
37
العد الشامي
37

* قوله تعالى: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا اْلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا اْلدَّهْرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «كان أهلُ الجاهليَّةِ يقولون: إنَّما يُهلِكُنا الليلُ والنهارُ، وهو الذي يُهلِكُنا ويُمِيتُنا ويُحْيِينا، فقال اللهُ في كتابه: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا اْلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا اْلدَّهْرُۚ} [الجاثية: 24]، قال: فيسُبُّون الدَّهْرَ، فقال اللهُ تبارَكَ وتعالى: يُؤذِيني ابنُ آدَمَ؛ يسُبُّ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بِيَدي الأمرُ، أُقلِّبُ الليلَ والنهارَ». "الصحيح المسند من أسباب النزول" (1 /183).

* سورة (الجاثية):

اختصَّتْ سورةُ (الجاثية) بذكرِ لفظ (جاثية)، الذي يتعلق بيوم القيامة وأهواله، يوم تجثو الناسُ على رُكَبِها من الفزع؛ قال تعالى: {وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٖ جَاثِيَةٗۚ كُلُّ أُمَّةٖ تُدْعَىٰٓ إِلَىٰ كِتَٰبِهَا اْلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28].

* سورة (الشَّريعة):

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (شريعة) فيها، ولم يقَعْ في غيرها من القرآن؛ قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَٰكَ عَلَىٰ ‌شَرِيعَةٖ مِّنَ اْلْأَمْرِ فَاْتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ اْلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18].

1. مصدر القرآن الكريم، وإثباتُ وَحْدانية الله (١-٦).

2. جزاء المكذِّبين بآيات الله (٧-١١).

3. التذكير بنِعَم الله على عباده (١٢-١٥).

4. نِعَمُه الخاصة ببني إسرائيل، وإنزالُ الشرائع (١٦-٢٠).

5. عدلُه في المحسِنين والمسِيئين (٢١-٢٣).

6. الرد على الدَّهْريِّين (٢٤-٢٧).

7. من مَشاهد يوم القيامة (٢٨-٣٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /161).

إثباتُ صِفَتَيِ العِزَّة والحِكْمة لله عز وجل؛ فمن كمال عِزَّته وحِكْمته: جمعُ الخلائق يوم القيامة للفصل بينهم، وجزاؤُهم على أعمالهم، بعد أن بيَّن لهم طريقَيِ الخير والشر، وأقام الحُجة عليهم.

واسمُ السورة دالٌّ أتمَّ الدلالة على هذا المقصد، و(الجاثية) اسمٌ من أسمائها يدل على هولِ ما يحصل فيها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /476).