تفسير سورة الشعراء

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الشعراء من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾ ( ٤ ) يزعمون أنها على الجماعات نحو " هذا عُنُقٌ من الناس " يعنُون " الكثير " أو ذكّركما يذكر بعض المؤنث لما أضافه إلى مذكّر. وقال الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد السادس والخمسون بعد المئتين ] :
باكَرْتُهَا والدِّيكُ يَدْعُو صباحَهُ إِذَا مَا بَنُو نَعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبُوا
فجماعات هذا " أَعْناقٌ " أَوْ يكون ذكّره لإضافته إلى المذكّر كما يؤنّث لإضافته إلى المؤنث نحو قوله :[ من الطويل وهو الشاهد السابع والخمسون بعد المئتين ] :
وَتشْرَقُ بالقَوْلِ الذي قَدْ أَذَعْتَهُ كَما شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّمِ
وقال آخر :[ من الرجز وهو الشاهد الثامن والخمسون بعد المئتين ] :
لَمَا رَأَى مَتْنَ السَّمَاءِ انْقَدَّتِ ........
وقال :[ من الطويل وهو الشاهد التاسع والخمسون بعد المئتين ] :
إِذَا القُنْبُضَاتُ طَوَّفْنَ بالضُّحى رَقَدْنَ عَلَيْهِنَّ الحِجَالُ المُسَجَّفُ
[ ١٥٥ ب ] و " القُنْبُضُ " : القصير. وقال آخر :[ من الطويل وهو الشاهد الستون بعد المئتين ] :
وإِنَّ امْرَءاً أَهْدَى إِلَيْكِ وَدُونَهُ من الأَرْضِ مَوْمَاةٌ وبَيْداَءُ خَيْفَقُ
لمََحْقُوقَةٌ أَنْ تَسْتَجيِبي لِصَوْتِهِ وَأَنْ تَعْلَمِي أَنَّ المُعَانَ مُوَفَّقُ
فأنَّث. والمحقوق هو المرء. وإنما أنث لقوله " أَنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ " ويقولون : " بَنَاتُ عُرْسٍ " و " بَنَاتُ نَعْشٍ " و " بَنُو نَعْشٍ " وقالت امرأة من العرب " أَنَا امْرُؤُ لا أُحِبُ الشَرَّ ". وذكر لرؤبة رجل فقال " كانَ أَحَدَ بناتِ مَساجِدِ اللهِ " كأنه جعله حصاة.
وقال ﴿ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( ١٦ ) وهذا يشبه أن يكون مثل " العَدُوّ " وتقول " هما عَدُوٌّ لي ".
وقال ﴿ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيّ ﴾ ( ٢٢ ) فيقال هذا استفهام كأنّه قال " أَوَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تُمنُّها " ثم فسر فقال ﴿ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ ( ٢٢ ) وجعله بدلاً من النعمة.
وقال ﴿ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ ﴾ ( ٧٢ ) أي : " هَلْ يَسْمَعُونَ منكُم : أَوْ " هَلْ يَسْمَعُونَ دعاءَكم ". فحذف " الدعاءَ " كما قال الشاعر :[ من البسيط وهو الشاهد الحادي والستون بعد المئتين ] :
القائدُ الخَيْلَ مَنْكُوباً دَوابِرُها قَدْ أُحْكِمَتْ حَكَماتُ القِدِّ والأَبَقا
تريد : أُحْكِمَتْ حَكَمات الأَبَق. [ ١٥٦ ء ] فحذف " حَكَماتِ " وأقامَ " الأَبَقَ " مُقامَهَا. و " الأَبَقُ " : الكِتّان.
وقال ﴿ أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ ﴾ ( ١٩٧ ) اسم في موضع رفع مثل ﴿ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ﴾ ولكن هذا لا يكون فيه إلا النصب في الأول ﴿ أَن يَعْلَمَهُ ﴾ هو الذي يكون آية وقد يجوز الرفع وهو ضعيف.
وقال ﴿ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ ﴾ ( ١٩٨ ) واحدُهم " الأَعْجَمُ " وهو إضافة كالأَشْعَرِين.
وقال ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ﴾ ( ٢٠١ ) ﴿ فَيَأْتِيَهُم ﴾ ( ٢٠٢ ) ليس بمعطوف على ﴿ حَتَّى ﴾ إنَّما هو جوابٌ لقوله ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ فلما كان جوابا للنفي انتصب وكذلك ﴿ فَيَقُولُواْ ﴾ ( ٢٠٣ ) إنما هو جواب للنفي.
وقال ﴿ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾ أَيْ : فَاْسْمَعُوا مني.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٠١:وقال ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ﴾ ( ٢٠١ ) ﴿ فَيَأْتِيَهُم ﴾ ( ٢٠٢ ) ليس بمعطوف على ﴿ حَتَّى ﴾ إنَّما هو جوابٌ لقوله ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ فلما كان جوابا للنفي انتصب وكذلك ﴿ فَيَقُولُواْ ﴾ ( ٢٠٣ ) إنما هو جواب للنفي.
وقال ﴿ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾ أَيْ : فَاْسْمَعُوا مني.

ت٢٠١
سورة الشعراء
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الشُّعَراء) سورةٌ مكِّية، افتُتِحت بتعظيم القرآن، وخُتِمت بذلك، وتخلَّلَ البدايةَ والخاتمة ذِكْرُ قِصَصِ عددٍ من الأنبياء، ومقصودُ السورة الأعظم: بيانُ عُلُوِّ هذا الكتاب وإعجازِه، وسُمُوِّه عن أن يكونَ شِعْرًا، أو مِن كلامِ بشَرٍ، وجاءت الآيةُ على وصفِ الشُّعَراء وطريقِهم بالغَواية في أصلها إلا مَن اتَّقَى؛ وذلك شأنُ الأقلِّ من الشُّعَراء.

ترتيبها المصحفي
26
نوعها
مكية
ألفاظها
1320
ترتيب نزولها
47
العد المدني الأول
226
العد المدني الأخير
226
العد البصري
226
العد الكوفي
227
العد الشامي
227

* سورة (الشُّعَراء):

سُمِّيت سورةُ (الشُّعَراء) بهذا الاسم؛ لاختتامِها بذِكْرِهم في قوله: {وَاْلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ اْلْغَاوُۥنَ} [الشعراء: 224].

* سورة (الظُّلَّةِ):

سُمِّيت بذلك؛ لقوله تعالى فيها: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ‌اْلظُّلَّةِۚ} [الشعراء: 189].

جاءت موضوعات سورة (الشُّعَراء) على النحو الآتي:

1. تعظيم القرآن، وتَسْريةٌ للرسول عليه السلام (١-٩).

2. قصص الأنبياء (١٠-١٩١).

3. قصة موسى عليه السلام (١٠-٦٨).

4. قصة إبراهيمَ عليه السلام (٦٩-١٠٤).

5. قصة نُوحٍ عليه السلام (١٠٥- ١٢٢).

6. قصة هُودٍ عليه السلام (١٢٣-١٤٠).

7. قصة صالح عليه السلام (١٤١-١٥٩).

8. قصة لُوطٍ عليه السلام (١٦٠- ١٧٥).

9. قصة شُعَيبٍ عليه السلام (١٧٦-١٩١).

10. تعظيم القرآن، وإثبات نبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم، وتفنيد شُبهات المشركين (١٩٢-٢٢٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /327).

مقصودُ سورةِ (الشُّعَراءِ): إعلاءُ شأنِ هذا الكتاب، وأنَّه بيِّنٌ في نفسه: بإعجازه أنه من عند الله، مُبيِن لكل ملتبِس: بالإشارة إلى إهلاك مَن عَلِمَ منه دوامَ العصيان، ورحمةِ من أراده للهداية والإحسان.

وتسميتُها بـ(الشُّعَراء) أدلُّ دليلٍ على ذلك؛ بما يفارِقُ به القرآنُ الشِّعْرَ من عُلُوِّ مقامه، واستقامةِ مناهجه، وعِزِّ مَرامِه، وصِدْقِ وعده ووعيده، وعدلِ تبشيره وتهديده، وفيه وصفُ طريقِ القرآن بكمال الهداية والرَّشاد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /326).