…يرى د. محمد إقبال أن النبوة ضرب من الوعي الصوفي يستعمل فيه النبي ما حصّله في مقام الشهود في سبيل توجيه قوى الحياة توجيهاً جيداً. ورغبة النبي في أن يرى رياضته الدينية تتحول إلى قوة عالمية حيّة رغبة تعلو على كل شيء واختبارها ليس إلا اختبار هذه القوى الجنّة التي أوجدها النبي في إطار الحضارة الإنسانية"(١).
…ولا يخفى خطأ التعريف، فقد سلك مسلك جمال الدين الأفغاني حيث عدّ النبوة صنعة يمكن أن يصل إليها المرء بالكسب، وهو مغاير لمفهوم الإسلام عن النبوة، فالله تعالى يختار من عباده من يشاء للنبوة، ويصطفيه من بين خلقه دون أن يكون للنبي أي كسب في الموضوع. ويحصل فجأة فقد اصطفى رب العزة آدم عليه السلام بعد أن خلقه وعلمه، وكما اصطفى عيسى عليه السلام، وهو في المهد، وكما اصطفى سيدنا يحيى وهو صبي وأتاه الحكم مع النبوة صبياً. وكما حدث لسيدنا موسى في طور سيناء عندما وجد ناراً، وكما وقع لسيدنا محمد - ﷺ -، وهو يتعبد في غار حراء. فالكسب والاجتهاد لا علاقة لها باختيار آدم وعيسى ويحيى وموسى ومحمد عليهم السلام جميعاً. ولهذا فإن مقولة د. محمد إقبال في النبوة تعد من الشوائب التي ينبغي أن تمحى من التفسير.