…فالشيخ محمد عبده يحدد معنى الملائكة من خارج نصوص الوحي. وما دامت الملائكة من عالم الغيب الذي لا يقع عليه الحس فمن الطبيعي أن يكون تعريفه من شوائب التفسير. وإطلاق الأسماء على غير مسمياتها كتسمية الإنسان جاموسة فيه قلب للحقائق، وإلغاء للتفاهم بين الناس، فالملائكة ليست خواطر الإنسان، وليست كل أمر قائم بنظام مخصوص، وليست قوة الفكر ولا أسبابه، بل هي ذوات مستقلة من عالم الغيب خلقها الله تعالى، ولها أعمال مخصوصة منها نقل الوحي من الله تعالى إلى الرسل: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ﴾ (١). ومنها نصرة الأنبياء والمؤمنين: ﴿ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ ﴾ (٢). ومنها قبض أرواح العباد وتعذيب العصاة والمذنبين ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ (٣). ومنها حفظ أعمال البشر ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ (٤). إلى غير ذلك من الأعمال الموكلة إليهم. ولهذا فرض الله تعالى الإيمان بهم رغم عدم وقوعهم تحت حسّ الناس. وجعل الإيمان بهم أساساً في قبول الإنسان عند الله تعالى. وهو ركن من أركان الإيمان بالإسلام.
(٢) سورة آل عمران، الآية ١٢٤.
(٣) سورة الأنفال، الآية: ٥٠.
(٤) سورة ق، الآية: ١٨.