…وهذا الدكتور مصطفى زيد يسير على المنوال نفسه فيرى أن الخطاب في سورة الأنفال للمؤمنين وليس للملائكة مع أن النص صريح: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ (١). وتساءل د. مصطفى زيد لم اختار الله للعون ألفاً من الملائكة فلم تزد ولم تنقص. ثم ذكر رأي أبي بكر الأصم المعتزلي الذي ينكر قتال الملائكة في معركة بدر مع المؤمنين. وقال: "إن الملك الواحد يكفي في إهلاك أهل الأرض كما فعل جبريل بمدائن قوم لوط، فإذا حضر هو يوم بدر –وجميع الروايات تذكر أنه كان على رأس الملائكة- فأي حاجة إلى مقاتلة الناس مع الكفار؟ بل أي حاجة حينئذ إلى إرسال سائر الملائكة..." إلى أن قال: "فكان يجب أن يتواتر ويشتهر بين المسلم والكافر، والموافق والمخالف. وأيضاً لو أنهم كانوا أجساماً كثيفة لوجب أن يراهم الكل، وإن كانوا أجساماً لطيفة هوائية فكيف ثبتوا على الخيول"(٢).
(٢) انظر ص٨٣-٩١، وبخاصة ص ٨٥، ٨٦، سورة الأنفال عرض وتفسير، د. مصطفى زيد، دار الفكر العربي، ١٣٨٩هـ - ١٩٧٠م. وانظر ١/٢٥٧، ٢٥٨، تفسير القرآن الكريم كما أفهمه، علي نصوح الطاهر، مطبوع ستانسل ويرى أن الآية تسجيل ما شاع على ألسنة الناس من ظهور الملائكة.