…ومن يجعل النظر في مقولة إقبال هذه لا يشك لحظة في فساد عقيدته. فالجنة والنار مكانان لا حالتان، وليستا حالة نفسية، وآيات وصف الجنة والنار كثيرة جداً مما يغني عن ذكرها. وقد فسر الخلود والأبدية بحقبة زمنية تمنح النفس بعدها فرصة أخرى لاستئناف نشاطها وكفاحها. وليس في الإسلام على ما يراه هو لعنة أبدية، ويرى أن الزمن متصل. والقرآن يحدد الحياة الدنيا والحياة في الآخرة، وسمى الحياة الأولى كذلك العاجلة، والثانية: الآخرة. وحدد القرآن أن الآخرة دار جزاء وليست دار عمل وكفاح للنفس. وكأن د. محمد إقبال يريد أن يقول لنا بعقيدة تناسخ الأرواح. قال خليل الرحمن: "وفي هذا يكون إقبال متأثراً بالتناسخ عند الهندوس، وبالتطور الدائم عند نيتشه"(١). ونقول: "إن مفاهيم الإسلام ثابتة إلى الأبد لا تتغير لأنها من خالق الكون والإنسان والحياة. وكذلك لغة الإسلام أبدية، فالحياة للإنسان تمر عبر حياتين الأولى، وهي الحياة الدنيا وهي دار عمل، والثانية وهي الآخرة وهي دار جزاء فإما الجنة وإما النار. والله يقول الحق وهو يهدي إلى سواء السبيل. فما ذكره د. إقبال محض شوائب دسها في التفسير.
الجزاء الأخروي كما يصوره بعض رجال المدرسة العقلية الحديثة:

(١) ص ١٨٦، ١٨٧، المصدر السابق، رسالة دكتوراة.


الصفحة التالية
Icon