نفي أصحاب تفسير المنار لنبوة آدم عليه السلام يتناقض مع الأدلة السمعية القطعية: منها قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ (١)، ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ (٢). فلفظ اصطفى مقرون مع غيره من الأنبياء ومنهم نوح وآل إبراهيم وآل عمران دلالة على نبوته وكذلك اجتباه ربه بعد عصيانه وتوبته والتوبة عليه تدل على النبوة كذلك بالإضافة إلى الأحاديث الشريفة المبينة لهذه الأدلة القطعية.
القول بالتولد الذاتي للأحياء قول من الخيال والتصور لا يستند إلى العقل ولا إلى النقل. بل ورد من النقل ما يدحضه. وأما استشهاده على اتفاق علماء الغرب وفلاسفته بالقول بالتولد الذاتي فهو قول من لا محصل عنده. فهل نترك قول رب العالمين الذي بلغنا بالتواتر لفظاً ومعنى وهو أن الله خلق آدم عليه السلام خلقاً مستقلاً من طين لازب وقال له كن فكان إنساناً كاملاً عاقلاً ليكون خليفة الله في الأرض في إمضاء أوامره تعالى وأحكامه ثم اجتباه نبياً، ثم خلق منه زوجه، وكما أشارت الأحاديث الصحيحة من ضلعه، فهل نترك هذا ونأخذ بما سماه زوراً وبهتاناً: اتفاق علماء الغرب وفلاسفته، المارقين من الدين، على إمكانية التولد الذاتي، وهو احتمال لا قطع فيه !!
وأما تفسير أصحاب المنار للنفس الواحدة الواردة في فاتحة سورة النساء: قريش أو عدنان، أو يعرب وقحطان. وأن كل أمة لها أن تعتقد الأصل الذي تنتسب إليه. فهو قول من الخيال والاحتمالات ومجافاة للصحيح الثابت، فلا يعتد به، ولا يعد شبهة له لأنه لم يقم على أصول التفسير، ولم ينضبط بضوابطه.
٢- محمد فريد وجدي في نظرية النشوء والارتقاء:

(١) سورة آل عمران، الآية: ٣٣.
(٢) سورة طه، الآية: ١٢١، ١٢٢.


الصفحة التالية
Icon