، أراد - عليه السلام - أن يقيم الحجةَ على قومه وذلك بمجاراتهم والتدرج بهم من مرحلةٍ إلى مرحلةٍ ومن حجةٍ إلى حجةٍ حتى يأخذ بأيديهم إلى طريق الهدى، في محاورةٍ عمليةٍ ومناظرةٍ واقعيةٍ ومساجلةٍ ميدانيةٍ، لتكون أدعى إلى القبول وأبلغ في الاحتجاج، قال الحافظ ابن كثير :" والحقُّ أن إبراهيم - عليه السلام - كان في هذا المقام مناظرا لقومه، مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكلِ والأصنامِ... " (١)
و قال الزمخشري :"... وكان أبوه وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم، وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال.." (٢).
المطالبة بتصحيح الدعوى
وذلك بإقامة البينة عليها، وقد قيل
والدعاوَى إن لمْ تقيموا عليْها بيناتٍ أصحابُهَا أدْعِيَاءُ
و قيل إذا كنت راويا : فالصحةُ أي صحة النقل، وإن كنت مدَّعيا : فالدليل.
ولقد التزم القرآن الكريم بهذا المنهج الصحيح الذي يصل المتحاورون من خلاله إلى نتائج صحيحةٍ، قال تعالى في محاجة إبراهيم لقومه چ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ چ
[ الأنعام: ٨١ ].
فحاجَّهم إبراهيم - عليه السلام - بأنَّ ما هم عليه من معتقدات لا دليل عليه فدعواهم لا أساس لها من الصحة، ژ ؟ ؟؟ ؟ ژ: وحاجَّه قومه طمعا في صرفه عن الحق وأنى لهم ذلك ! وقد فُنِّدت شبهاتهم وبُدِّدتْ أوهامهم ! وأقيمت عليهم الحججُ الباهرةُ والأدلةُ الظَّاهرةُ ! وهم رغم ذلك يصرُّون على الكفر ويتمادون في الضلال !

(١) - تفسير القرآن العظيم لابن كثير٢/٢٧٦ بتصرف
(٢) - الكشاف ٢ / ٣٠ باختصار، ولمزيد بيان يراجع كتاب التفسير الموضوعي لسورة الأنعام للمؤلف


الصفحة التالية
Icon