فالقول إن ذلك إنما لم يستحسن لخروجه بالصفة إلى شبه الاسم، وبعده من شبه الفعل، وقد يعمل ما يبعد من شبه الأسماء، نحو مررت برجل خير منه أبوه؛ وإن كان غير ذلك أحسن والإعمال في الآية له مزية، وإن كان قد وصف، وذلك أن حرف الجر كأنه ثابت في اللفظ، لطول الكلام ب أن، ولأن أن قد صارت كالبدل منه؛ ومن ثم قال الخليل في هذا النحو إنه في موضع جر، وإذا كان كذلك فقد يعمل بتوسط الحرف وقد ينتصب أن من وجه آخر غير ما ذكرنا، وذلك أن قوله "إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين" يدل على الإنكار والاستكبار وترك الانقياد، فأعمل هذا المعنى، الذي دل عليه هذا الكلام، في أن وكان التقدير، استكبر وكفر، لأن كان ذا مال وبنين فأما من أدخل الهمزة فقال أأن كان ذا مال وبنين فقد يكون في موضع النصب أيضاً من وجهين أحدهما أن ما تقدم مما دل من قوله عتل صار بمنزلة الملفوظ به بعد الاستفهام، فكأنه ألأن كان ذا مال وبنين يعتل أو يكفر أو يستكبر، ونحو ذلك كما أن ما تقدم من ذكر قوله "آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل" صار كالمذكور بعد قوله "آلآن وقد عصيت قبل"، ويكون "إذا تتلى عليه آياتنا" كلاما مستأنفاً ثانيهما ويجوز أيضاً مع الاستفهام أن يعمل في أن ما دل عليه قوله "إذا تتلى عليه آياتنا قال" كما جاز أن يعمل إذا لم يدخل الاستفهام؛ ومثل ذلك قوله تعالى "يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين" ومن حذف الجر قوله "إنى أعظك أن تكون" أي من أن تكون وكذلك "إني أعوذ بك أن أسألك" أي من سؤالك فأما قوله في التنزيل "يرسل السماء عليكم مدرارا" إن حملت السماء على التي هي تظل الأرض، أو على السحاب، كان من هذا الباب، وكان التقدير يرسل من السماء عليكم مدرارا فيكون مدرارا مفعولا به وإن حملت السماء على المطر، كان مفعولا به، ويكون انتصاب مدرارا على الحال ويقوى الوجه الأول "فأنزلنا من السماء ماءً"، "وينزل من السماء من جبال"، "وأنزل من


الصفحة التالية
Icon