وقوله جل وعلا: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [٢/٢٥٤]، وقوله: ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [١٠/١٠٦].
قوله تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ الآية، أشار هنا إلى تخاصم أهل النار. وقد بين منه غير ما ذكر هنا في مواضع أخر كقوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ، وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً﴾ [٣٤/٣٣، ٣٢، ٣١]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾، لم يذكر هنا ما يترتب على اتباع خطواته من الضرر، ولكنه أشار إلى ذلك في سورة "النور"، بقوله: ﴿وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ الآية [٢٤/٢١].
قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ لم يبين هنا هذا الذي يقولونه عليه بغير علم، ولكنه فصله في مواضع أخر فذكر أن ذلك الذي يقولونه بغير علم هو أن الله حرم البحائر والسوائب ونحوها، وأن له أولادا، وأن له شركاء، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا. فصرح بأنه لم يحرم ذلك بقوله: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ [٥/١٠٣]، وقوله: ﴿وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾ الآية [٦/١٠٤]. وقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً﴾ الآية [١٠/٥٩]. وقوله: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ﴾ [١٦/١١٦]، إلى غير ذلك من الآيات. ونزه نفسه عن الشركاء المزعومة بقوله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [١٠/١٨]، ونحوها من الآيات ونزه نفسه عن الأولاد المزعومة بقوله: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ﴾ [٢/١١٦]. ونحوها من الآيات فظهر من هذه الآيات تفصيل، ﴿مَا﴾ أجمل في اسم الموصول الذي هو ﴿مَا﴾، من قوله: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾.